كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
لم يهدّئ قرار الحكومة تشكيل “لجنة وزارية” لدراسة الوضع الفلسطيني من جوانبه كافة برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، من روع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين لم يخفوا هواجسهم من بقاء قرار وزارة العمل بشأن المؤسسات والعمال الفلسطينيين بفرض الحصول على “إجازة عمل” سيفاً “مصلتاً” على رقابهم، في وقت كانوا يأملون فيه منحهم الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانية الى حين تحقيق العودة.
بعض القوى السياسية ترى بتشكيل “اللجنة الوزارية” ايجابية بوضع اليد على قرار وزارة العمل بطريقة غير مباشرة وإن بقي ساري المفعول، ولأنها حملت عنواناً أبعد من قرار فرض الحصول على “إجازة العمل” نفسه، أي دراسة الاوضاع الفلسطينية من كل جوانبها، فللمرة الأولى تشكل لجنة برئاسة رئيس الحكومة في دلالة على الاهتمام الكبير، ومن مختلف التيارات السياسية اللبنانية، الرئيس الحريري (تيار المستقبل)، الوزير سليم جريصاتي (التيار الوطني الحر)، الوزير محمود قماطي (حزب الله)، الوزير أكرم شهيب (الحزب التقدمي الاشتراكي)، الوزير كميل ابو سليمان (القوات اللبنانية) والوزير يوسف فنيانوس (تيار المرده)، ومن مختلف الاختصاصات التي ترتبط بالحقوق المدنية والانسانية والاجتماعية ولا سيما العمل والتملك، مع أهمية إعطائها مهلة زمنية لمباشرة عملها كي تصل الى نتائج ايجابية لتخفيف الحرمان عن كاهل الشعب الفلسطيني، من دون ايقاف التحركات الاحتجاجية داخل المخيمات ولكن مع المزيد من التنظيم لايصال الرسالة المطلوبة من دون ان ترتد سلباً. ورحّب أمين سر حركة “فتح” فتحي أبو العردات بتشكيل لجنة لدراسة الوضع الفلسطيني وأعلن عن استعداد القيادة الفلسطينية في لبنان للحوار الإيجابي.
في المقابل، فإن الشارع الشعبي الفلسطيني بمختلف وجوهه، يعتبر ان تجربة تشكيل “اللجان” لم تكن مشجعة في يوم من الأيام، وهي مجرد وسيلة للمماطلة والتسويف، فضلاً عن الغموض في موقف الحكومة التي لم تحدد موقفها من قرار وزير العمل بشكل واضح، ولم تبادر الى توجيه رسالة لطمأنة اللاجئين كي تهدأ التحركات الاحتجاجية، وبالتالي فإن الحراك الشعبي والشبابي والمدني والنسائي والطلابي مع استمرار التحركات الاحتجاجية وتصعيدها وقد ترجمت بمسيرات منظمة وأخرى عفوية بشكل يومي، حتى تشكل اداة ضغط على اللجنة الوزارية والحكومة للاسراع بإنهاء البت بهذه الاوضاع، والأهم التوافق على نتائج ايجابية، من دون الركون الى “الوعود” و”التطمينات” خصوصاً انها قطعت مع بداية الأزمة بتجميد القرار وإحالته على مجلس الوزراء وهو ما لم يحصل.
بينما أعرب ممثل حركة “حماس” في لبنان أحمد عبد الهادي، عن رفض إجازة العمل “حتى ولو أعطى الوزير ابو سليمان كل التسهيلات لذلك”، معتبراً ان “الشعب الفلسطيني صدم من قرار الحكومة وبانتظار موقف فلسطيني جامع إزاءه”، وأكد ان “التحركات في المخيمات الفلسطينية مستمرة وستأخذ أشكالاً جديدة، وهناك نية لإقامة تحركات على الحدود اللبنانية الفلسطينية بالتنسيق مع القوى والأحزاب اللبنانية”.
وأكد عضو المكتب السياسي لـ “جبهة التحرير الفلسطينية” صلاح اليوسف، ان “قرار تشكيل اللجنة الوزارية شكل صفعة قوية للعلاقات اللبنانية – الفلسطينية في توقيته، وان الرد على هذه المماطلة والتسويف اللبناني بمعالجة قضية العمال الفلسطينيين بعد مضي نحو شهرين، سيكون بتصعيد التحركات الاحتجاجية السلمية من أجل رفع الصوت الاعتراضي، بأن الفلسطيني يريد أن يعيش بكرامة وحرية لحين تحقيق العودة، المطلوب خطة فلسطينية سياسية شعبية موحدة تأخذ على عاتقها تحقيق هذه المطالب”.