كتب نظير مجلي في “الشرق الاوسط”:
رغم أن القناعة السائدة لدى المسؤولين والمحللين، السياسيين والعسكريين، في تل أبيب هي أن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران والميليشيات التابعة لها قد توقف، خصوصاً مع الجهود الدولية ونقل رسائل التهدئة من الطرفين، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي اتخاذ احتياطات على الحدود وفرض قيوداً على تحركات السكان على طول الحدود. وخرج رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، صباح أمس (الثلاثاء)، بتهديدات علنية لحزب الله.
وقال نتنياهو، خلال حفل وضع حجر الأساس لمركز بحث وتطوير تابع لشركة «موبيل آي» في القدس، إنه سمع أقوال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وإنه يقترح عليه «أن يهدأ»، محذراً من أن إسرائيل سوف ترد على أي هجوم. وأضاف نتنياهو: «نصر الله يعلم جيداً أن دولة إسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها جيداً، وأن ترد على أعدائها. وأقترح عليه وعلى قائد (فيلق القدس) في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أن يحذرا في الكلام، ويحذرا أكثر في الأفعال».
وقد جاءت تصريحات نتنياهو هذه، في وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب على طول الحدود مع سوريا ولبنان في الأيام الأخيرة، تحسباً من رد حزب الله أو غيره من الميليشيات التابعة لإيران، على الضربات العسكرية التي وجهتها إسرائيل لمواقع مختلفة في العراق وسوريا ولبنان. وعلى أثر تهديدات نصر الله بالرد على إسرائيل، شدد الجيش، أمس (الثلاثاء)، إجراءاته على الحدود. ففرض قيوداً على حركة المركبات والسكان المدنيين على طول الحدود مع لبنان ومنع الحركة بشكل تام على مسافة تقل عن 5 كيلومترات من الحدود. ونصبت بطاريات «القبة الحديدية».
وأكدت مصادر في تل أبيب أن الولايات المتحدة تبذل جهوداً كبيرة لتهدئة الوضع، وطلبت من الحكومة اللبنانية منع حزب الله من تنفيذ عملية عسكرية ضد إسرائيل، وإلا فإن إسرائيل سترد بقوة. كما تدخلت بريطانيا وفرنسا في محاولة للعودة إلى تفاهمات التهدئة المستمرة على الحدود الإسرائيلية – اللبنانية منذ سنة 2006، بعد «حرب يوليو (تموز)». ونقلتا، أيضاً، رسالة تحذير وتهديد إسرائيلية، مفادها أن «أي رد من حزب الله على إسرائيل من الحدود اللبنانية سيؤدي إلى رد قاسٍ تشن فيه إسرائيل هجوماً على لبنان بأسره»، وذلك بروح تهديدات نتنياهو العلنية الاثنين الماضي.
وقالت مصادر سياسية وعسكرية في تل أبيب إن التقدير السائد هو أن يكون حزب الله ومن ورائه المسؤولون في إيران قد قرروا امتصاص الضربات الإسرائيلية في هذه المرحلة على الأقل، والامتناع عن الرد على الضربات الإسرائيلية، لأنهم يأخذون بمنتهى الجدية تهديدات نتنياهو، وما يرافقها من تحركات للجيش الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن هناك تقديرات لدى شريحة أخرى في القيادة الإسرائيلية تقول إن «الضربات الإسرائيلية قد مست بكرامة الإيرانيين وميليشياتهم. فالهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في العراق واغتيال شخصيتين قياديتين لحزب الله في سوريا وإجهاض العمليات التي أعدها لإرسال طائرات مسيرة انتحارية إلى إسرائيل ثم هجوم طائرتي الاستطلاع على الضاحية الجنوبية في بيروت واتباعها بـ3 غارات إسرائيلية على قاعدة في قوسايا، التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، بعد ساعات من خطاب نصر الله، مست بشكل كبير بهيبة وكرامة الحلف الإيراني ونصر الله وقاسم سليماني بشكل شخصي، ولذلك لن يهدأ لهم بال إلا إذا نفذوا عملية انتقامية نوعية أو أكثر».
ورأى أصحاب هذا الرأي في القيادة الإسرائيلية أن نصر الله اعتبر الهجمات الإسرائيلية «تجاوزاً للخطوط الحمراء»، وهدد بالرد على أي مس بعناصره في سوريا، وعلى أي محاولة لمهاجمته في أراضي لبنان، ما يعني أنه قد ألزم نفسه بالرد. لهذا، قررت إسرائيل اتخاذ الاحتياط على الأرض وفي الجو والبحر، جنباً إلى جنب مع توصيل رسائل للتهدئة.