كتب شادي عواد في “الجمهورية”:
مع التقدم الجديد في مجال الذكاء الإصطناعي، بات من المؤكد أنه سوف تتغيّر طريقة القيام بالأعمال مستقبلاً، ما يمكن أن يؤدي بشكل مباشر إلى خسارة البشر وظائفَهم في بعض القطاعات.
يتطور الذكاء الإصطناعي بشكل متسارع في الفترة الحالية، وأصبح يطال جميع مجالات الحياة اليومية والعملية والمهنية للبشر. هذا التطوّر أدّى إلى ظهور مخاوف جديدة ليست تقنية هذه المرة، بل واقعية تمسّ بالوظائف التي يعمل عليها الإنسان.
وعلى رغم أنّ ثمة دراسات أكدت أنّ الذكاء الإصطناعي لن يحل مكان جميع الأعمال والمهن، لكن هنالك عدداً لا يُستهان به من الوظائف سوف يحل فيه الذكاء الإصطناعي مكان البشر بسبب سرعته في القيام بالأعمال.
والجدير ذكره أنّ منظمة العمل الدولية كانت أعلنت أنه على الدول في المستقبل المحافظة على نظامٍ إقتصاديّ يوفر مناصب عمل لائقة للإنسان، وليس فقط للروبوتات، في الوقت نفسه الذي يجب فيه التكيّف مع التغيّرات الثورية الحاصلة في عالم التكنولوجيا.
وجاء هذا الإعلان في تقرير نشرته عن مستقبل العمل، والذي درس تأثير إندماج الروبوتات والتكونولوجيا الحديثة في قطاع العمل وتأثيره على مسقبل توظيف الموارد البشرية.
الإنكماش الإقتصادي
ما يساهم في الإعتماد أكثر على الذكاء الإصطناعي هو الإنكماش الإقتصادي في معظم دول العالم، بحيث إنّ الشركات تعتمد خطط تخفيض النفقات وتسريح العمال، والإستعاضة عن ذلك بتكنولوجيا الذكاء الإصطناعي لإتمام الأعمال.
إضافة إلى ذلك، إنّ الإعتماد على الآلات والروبوتات التي تعمل بالذكاء الإصطناعي من شأنه أن يوفّر الكثير من الأموال على الشركات من نواحٍ عدة، أبرزها عدم دفع رواتب وضرائب مالية للدولة وتأمين الطبابة.
وكل هذه التخفيضات تقابلها إنتاجية أكبر، لأنّ الآلة العاملة بالذكاء الإصطناعي يمكنها أن تحل مكان عشرات الموظفين وأن تعمل على مدار الساعة وبسرعة أكبر من البشر ولا تحتاج للراحة وللفرص السنوية وما إلى ذلك.
آراءٌ متضارِبة
تختلف الآراء والتوقعات حول خطورة الذكاء الإصطناعي ومدى تأثيره على وظائف البشر. فمنهم مَن يرى أنّ االذكاء الإصطناعي سيكون له تأثير إيجابي شامل على سوق العمل، ويمكن أن يخلق نموّاً إقتصادياً ويخفّض الأسعار ويزيد الطلب، وكل ذلك سيتم بالتزامن مع خلق فرص عمل جديدة للبشر بسبب تعيين المزيد من الأشخاص نتيجة التشغيل الآلي.
من جهة أخرى يرى بعض الخبراء أنّ الناس سوف يحتاجون سريعاً لتطوير أو تغيير أو تعديل مهاراتهم للحفاظ على وظائفهم في المستقبل، كي لا يتمّ إستبدالُهم بتقنيات تقوم بالعمل نفسه تعتمد على الذكاء الإصطناعي.
في السياق عينه يرى بعض الخبراء أنّ الذكاء الإصطناعي سوف يكون له تأثير خطير على الوظائف التي يشغلها البشر حالياً، تماماً كما حصل في القطاع الصناعي منذ عشرات السنوات حين دخلت الروبوتات والماكينات الذكية قطاع الصناعة وحلّت مكان البشر، ما أدّى إلى فقدان الملايين لوظائفهم حول العالم.
ومع إختلاف وتعدّد الآراء، لا يمكن الحسم بشكل أكيد عن نسبة تأثير الذكاء الإصطناعي على وظائف البشر، لكن ما يمكن تأكيدُه هو أنه سيكون هنالك تأثير جدّي ولا يُستهان به خاصة في بعض القطاعات، حيث إنّ بعض الوظائف ستزول نهائياً، ما قد يؤدي إلى رفع نسبة البطالة وما يترتب عنها من عواقب.