كتب انطوان غطاس صعب في صحيفة “اللواء”:
استقرت الأجواء السياسية في ظل اللقاءات المكثفة التي شهدها المقر الصيفي في بيت الدين والتي أعطت زخماً سياسياً افقتده البلد في الآونة الأخيرة إثر أحداث البساتين حيث كان الحظر قائماً على كل المستويات، إلى أن جاء لقاء قصر بعبدا ليعيد الآمال باستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية ومن ثم استكمال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لقاءاته مع القوى السياسية ولاسيما تلك التي لها صلة بأحداث الجبل من خلال إنهاء ذيول هذه المشكلة، وكل ذلك كان له الأثر البالغ في استمهال المؤسسات المالية الدولية حول تصنيف لبنان الائتماني نظراً لهذه المؤشرات الداخلية الإيجابية أي تخفيض تصنيف لبنان من B- إلى CCC مع إعطاء فترة السماح ستة أشهر، وهذا مرده وفق المتابعين لمسار الأوضاع الى جملة ظروف ومعطيات برزت مؤخراً بدايةً مع زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى واشنطن ولقاؤه بوزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو ومن ثم كبار المسؤولين الأميركيين وتركيز بحثه مع بومبيو على مساعدة الأميركيين لتخفيض التصنيف وإعطاء مهلة إضافية للبنان على أن يلتزم الأخير بالعملية الإصلاحية الاقتصادية والمالية.
تاليًا لقاء المصارحة والمصالحة في قصر بعبدا والذي جاء بعد أحداث البساتين وهذا اللقاء أسس لمرحلة جديدة من الاستقرار السياسي في الجبل وعلى الصعيد الوطني العام. ومن هنا جاء تجاوب المؤسسات الدولية المانحة على أن يتوج ذلك بدعم هذا المجتمع لخطوات إضافية تتمثل بصرف أموال «سيدر» حيث عُلم أن المنسق العام لهذا المؤتمر بيار دوكان يتابع هذه المسألة مع المسؤولين اللبنانيين والمانحين ومن غير المستبعد أن تكون له زيارة إلى لبنان.
من هذا المنطلق، فإن هذا الضخ الإيجابي على الصعيدين السياسي والاقتصادي سيعطي لبنان جرعات إضافية خلال الأسابيع المقبلة من خلال تكثيف جلسات مجلس الوزراء وبلورة اللقاء الاقتصادي السياسي الذي انعقد في قصر بعبدا بين الرؤساء الثلاثة ووزير المالية وحاكم مصرف لبنان والمعنيين، بمعنى هناك مواكبة ومتابعة فاعلتان من أجل إنقاذ الوضع المالي والاقتصادي وعدم إغراق لبنان نحو أزمات متزايدة مما يدفعه إلى الإفلاس، وبناءً عليه بدأت مؤخراً الصورة تتبلور على المسار الإيجابي المتقدم من خلال خطوات قريبة ستكون بمثابة إضافة جديدة نحو العملية الإصلاحية الاقتصادية وذلك لم يأتِ من فراغ بل من خلال اللقاءات التصالحية من بعبدا إلى بيت الدين والتي ستُستكمل في الأيام القليلة المقبلة وتتوج ربما بلقاء شامل يجمع زعامات وقيادات سياسية، وهذا من شأنه أن ينعكس على المسار الاقتصادي والمالي في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن اللقاء الوطني الحواري الإقتصادي في بعبدا يوم ٢ أيلول المقبل سيجمع كل أطياف السياسة اللبنانية.
وكل هذه الأجواء الاقتصادية والمالية التفاؤلية إنما أكدت مقولة لا يمكن للبنان أن يحيي أية عملية أو خطوة اقتصادية إلا في سياق التوافق السياسي لأن هذا التوافق هو ضمانة للسياسة والأمن والاقتصاد وعلى كافة المسارات وخصوصاً في هذه المرحلة الصعبة بحيث القلق لم يقتصر على فريق سياسي معين من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية بل على الصعيد السياسي العام، ولهذه الغاية شعر الجميع بالمخاوف فكان الحوار السياسي في بعبدا وبيت الدين بمثابة الدواء الناجع لمعالجة كل هذه الأزمات.