IMLebanon

المعايير الدولية الجديدة تفرض نفسها على البنوك

كتب خالد أبو شقرا في صحيفة “نداء الوطن”:

المسار الشائك لدمج المصارف

على الرغم من أن تنظيم عمليات الدمج يعود الى القانون رقم 192 الصادر في العام 1993، بتشجيع ودعم من المصرف المركزي، فان لبنان لم يشهد إقبالاً كبيراً. وانحصرت عمليات الدمج ببعض المصارف. وكان ابرزها: استحواذ بنك “بيبلوس” على بنك “فرعون وشيحا”، وشراء “بنك لبنان والمهجر” لموجودات ومطلوبات بنك “HSBC” في لبنان، واستحواذ “سيدروس بنك” على “ستاندرد تشارترد بنك” في لبنان، و”فرنسبنك” على “البنك الأهلي الدولي”، وتملّك “سوسيته جنرال”، للبنك “اللبناني الكندي”.

ووفقاً “للورقة البيضاء” لمؤسسة الدراسات والاستشارات ” KPMG”، يظهر أن عمليات الدمج في لبنان ما زالت دون التوقعات بالمقارنة مع بقية الدول، “ففي العام 2009 ، بدأت إسبانيا سلسلة من عمليات الدمج، التي أدت إلى انخفاض عدد البنوك التجارية من 231 مصرفاً إلى 187. وعلى خطى إسبانيا ، تطبق إيطاليا استراتيجية مماثلة لإعادة الهيكلة المصرفية منذ أواخر العام 2016. وقد انخفض نتيجة ذلك عدد البنوك التجارية من 440 مصرفاً إلى حوالى 400”. وهذا ما يحتم على المركزي بحسب الورقة، “الدفع من أجل المزيد من التوحيد المصرفي من خلال تقديم حوافز إضافية”.

أهمّية الدمج

“النوم في العسل”، لم يعد متاحاً أمام الكثير من المصارف، “فبالاضافة الى أسباب الدمج التقليدية التي تتلخص في تعثر أحد المصارف مثلما حدث مع “البنك اللبناني الكندي” حين اشتراه “SGBL”، أو الرغبة في تكبير قاعدة البنك، فقد استجد عنصر ثالث وهو لزوم اعادة رسملة المصارف نتيجة تخفيض التصنيف”، يقول الخبير المصرفي المحامي شفيق أبي اللمع، ويضيف أنه “بالرغم من أن نسبة السيولة في مصارفنا تفوق مثيلاتها في المصارف العالمية، الا ان سياسة “المركزي” التي تشجع الدمج دائماً لزيادة الرسملة هي استباقية، وهي تهدف للحد من المخاطر التي ممكن أن تنتج من التصنيفات أو غيرها.

ومن المتوقع أن تبقى عمليات الدمج محصورة في المصارف الصغيرة والمتوسطة، وألا تطال الكبيرة “. وبحسب أبي اللمع، فإن “عملية الدمج تمول بالقانون عبر قروض ميسرة للمصرف الدامج، شرط ألا تتعدى الـ 20 في المئة من رأسمال المصرف المدموج”.

المخاطر

صحيح أن عمليات الدمج والاستحواذ تتيح توظيف المزيد من الاحتياطيات في المصرف، وتسمح بالوصول إلى معدلات ربحية أعلى مع الحفاظ على مصفوفة مخاطر قابلة للمقارنة. وهي تؤدي الى نشوء بنوك أكبر حجماً وأكثر مرونة، وتتيح للعملاء وصولاً أوسع الى الائتمان. إلا ان هذه العملية بحسب الخبير الاقتصادي غسان شمّاس، “تزيد مخاطر التركيز. فكلما زادت البنوك الكبيرة وقلت الصغيرة كلما ارتفعت امكانية التحكم بالسوق وتوسعت رقعة الخطر في حال حدوث أي أزمة”. ويقول شماس إنه “بالرغم من أن تدخل مصرف لبنان في المصارف الصغيرة في حالات عدم كفاية رأسمال او نقص الملاءة المالية أو العجز عن سداد الاستحقاقات، تكون بسيطة وفعالة وسريعة، الا ان صغر حجم السوق اللبناني وتأثير تعثر المصرف الصغير على سمعة القطاع برمته تدفع “المركزي” الى الدفع باتجاه عمليات الدمج ودعمها”.

اهمية الدمج يقابلها تخوف الموظفين أو العاملين في القطاع من عمليات الصرف. وهو ما يعتبره نقيب موظفي المصارف جورج الحاج واحدة من حتميات هذه العملية، “فالمؤسسة الدامجة عادة ما تمتلك جهازاً فنياً كبيراً يسمح لها بالاستغناء عن العديد من الوظائف في الشركة المدموجة”، وبرأي الحاج فإن ما يهم النقابة هو “أن تُترك حرية الاختيار للموظف بين البقاء في المؤسسة أو تركها. على أن يعطى في حال قرر المغادرة، ما درجت العادة على إعطائه في حالات الدمج السابقة، حيث لا يطبق قانون العمل ولا قانون الاندماج المصرفي، انما يجري العمل وفقاً للاتفاق بين الدامج والمدموج”، ويضيف أنه “في حال جرى احترام حقوق الموظفين ورتبهم ورواتبهم، فلا يوجد أي اعتراض على الدمج، خصوصاً أنه يقوي صيغة المصارف اللبنانية ويساعدها على مواجهة الاستحقاقات المستقبلية”.

إذا كان لكل إجراء حسناته وسيئاته، فان الخبراء يفرقون بين الإستحواذ (شراء مصرف كبير لآخر صغير) والدمج. وفي الوقت الذي يجمعون فيه على عدم صوابية الدمج بين المصارف الكبيرة، يعتبرون أن أقصى الفوائد للقطاع والإقتصاد تتحقق من خلال دمج المصارف الصغيرة مع بعضها.