بعد ان حطّ وزير خارجية “الجمهورية الاسلامية” محمد جواد ظريف في بياريتز الفرنسية، في صورة مفاجئة الاحد الماضي، يستعد وفد ايراني لزيارة باريس الأسبوع المقبل، لمتابعة المحادثات التي أجراها رأس الدبلوماسية الايرانية.
وفي السياق، قال محمود واعظي مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني “كان هناك تقدّم لا بأس به، بل جيد منذ الأسبوع الماضي. إن وفداً إيرانياً سيتوجّه الأسبوع المقبل إلى فرنسا، لمناقشة تفاصيل هذه المحادثات”. الا انه اشار الى ان “إجراء لقاءات من أجل اللقاءات، لن يجدي نفعاً في تسوية المشكلات”، مضيفا “على أميركا أن تعود إلى طاولة المفاوضات، في إطار مجموعة الست، وأن تلتزم الاتفاقات”، في إشارة إلى الاتفاق النووي المُبرم عام 2015.
في المقابل، يرفض الاميركيون ايضا مفاوضات “شكلية”، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”. وهم لا يريدون الجلوس الى الطاولة مع الايرانيين لمجرد الصورة. فالحوار ليس هدفا بحد ذاته بقدر ما هو وسيلة للتوصل الى تحقيق المرجو، اي التوصل الى اتفاق جديد مع طهران.
واذا كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب أبدى نهاية الاسبوع الماضي انفتاحا على التفاوض مع الايرانيين، فإن المتشددين في الحلقة الضيقة المقربة منه، يحرصون على التأكيد ان هذه الليونة ليست استسلاما امام الجمهورية الاسلامية ولا تسليما بشروطها. فقد أصرّ مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في الساعات الماضية، على وضع مواقف الرئيس الاميركي في اطارها الصحيح، قائلا “ترامب كان واضحاً منذ فترة طويلة بأنه مستعد للقاء أي شخص. إنه مفاوض”. وأضاف: “التفاوض مع إيران لا يعني تغيير موقف ترامب تجاهها”.
وسأل “هل (تابعتم) ما قاله الرئيس ترامب في شأن الاتفاق النووي مع إيران، (إذ) وصفه بأنه الأسوأ في تاريخ الديبلوماسية الأميركية. أعتقد بأنه لن يرتكب الخطأ الذي ارتكبه الرئيس (السابق باراك) أوباما”. واضاف “الفكرة التي مفادها بأن إيران ستحصل على فوائد اقتصادية ملموسة، فقط في مقابل كفّها عن فعل أمور ما كان يجب أن تفعلها أصلاً، ليست خطوة فاعلة. إذا كانت هناك صفقة شاملة، ستُرفع العقوبات. عندما يكون النظام في إيران مستعداً للتفاوض على ذلك، سيكون هناك لقاء”.
والحال، ان الايرانيين والذين أبدوا استعدادهم ايضا للحوار مع الاميركيين، على لسان رئيسهم، يشترطون رفع العقوبات قبل اي شيء آخر، على ان تكون هذه الخطوة المفتاح الى المفاوضات. وقد أعلن روحاني ان “إذا لم تسحب أميركا إجراءات الحظر ولم تكف عن سلوكها الخاطئ فإننا لن نشهد تغييراً”، مضيفا “عليكم أن تخطوا الخطوة الأولى في رفع كل أشكال الحظر وعندئذ ستكون الظروف مختلفة”.
وعند هذه العقبة، يبدو تقف “عربة” الوساطة الفرنسية التي يضطلع بها الرئيس ايمانويل ماكرون، لتهدئة التصعيد بين واشنطن وطهران. فكل من العاصمتين يحاول فرض توجهاته وخريطة طريقه على الحوار المطلوب. فهل سيتمكن “الاليزيه” من ايجاد صيغة وسطية ما، يرضى بها الطرفان، فتعقد القمة التي طال انتظارها بين ترامب وروحاني قريبا؟ أم يبقى كل منهما على شروطه، ايران “لرفع العقوبات اولا”، وواشنطن “لوقف ايران تطوير البالستي والسلاح النووي والانسحاب من الميادين العربية”، فتبقى المساعي الفرنسية الفرنسية، تدور في حلقة مفرغة؟