كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:
لم تحجب التطورات السياسية والأمنية في لبنان، إهتمام القوى الصيداوية عن إعادة ترتيب تحالفاتها في ما يتعلق بالقضايا الانمائية والبيئية والخدماتية الساخنة، على ضوء انزعاج واضح من حركة رئيسة كتلة “المستقبل” النائبة بهية الحريري التي لا تهدأ.
المؤشر الأول من الانزعاج، بدا واضحاً من اللقاء الذي جمع الأمين العام لـ”التنظيم الشعبي الناصري” النائب أسامة سعد، ورئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري، وتناولا خلاله القضايا البيئية والانمائية في محاولة لتوحيد الموقف إزاءها، والذي دعا إليه عضو “لقاء هيئات المجتمع المدني” رجل الأعمال نبيل الزعتري (المقرب من رجل الأعمال محمد زيدان الذي لم يخف عتبه منذ فترة على القوى السياسية الصيداوية لعدم مشاركتها في حفل تكريم أقامته له “جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية”، وله دور مشهود في ترميم بعض أحياء صيدا القديمة وتقديم مشاريع خدماتية عامة (وبخاصة التربوية).
أما المؤشر الثاني، فمن خلال اللقاء الذي عقدته “هيئات المجتمع المدني” في صيدا وشارك فيه كل من “تجمع المؤسسات الأهلية” و”هيئة متابعة قضايا البيئة” و”تجمع علِّ صوتك”، مع رئيس البلدية محمد السعودي، وسلمته كتاباً يدعو البلدية ونواب صيدا إلى رفض إقامة معمل تكرير للمياه المبتذلة (العائدة للقرى والبلدات المحيطة) ضمن نطاق المدينة، والمطالبة بأن يصار الى تكرير المياه المبتذلة من مصدرها للاستفادة منها في عملية الري أو في مجاري الأنهار بعد تكريرها، ناهيك عن تصحيح الأوضاع التشغيلية في معمل معالجة النفايات الصلبة في سينيق ودفعه إلى تنفيذ الاقتراحات التي تقدمت بها وزارة البيئة، ووضع حد للروائح الكريهة التي تنبعث دورياً من المعمل وتحديد قدرته الاستيعابية القصوى، ومنع استقدام أية كميات تفوق قدرته على المعالجة، وإعادة التدقيق بقسم الفرز وضبطه مما يمنع انتاج مزيد من المتبقيات بعد المعالجة.
وتقول أوساط صيداوية لـ”نداء الوطن”، إنّ حركة النائبة الحريري التي لا تهدأ وطرحها مختلف القضايا التي تهم أبناء المدينة سببت هذا الانزعاج، بعدما أقرنت الأقوال بالأفعال، فنجحت في إطلاق سلسلة من المنتديات وآخرها “منتدى الموازنة والمالية العامة وعقارات التعمير وصيدا القديمة” (بعد منتديات التراث والسياحة، الصحة العامة، الاستدامة البيئية، الطاقة والمرافق العامة)، واستضافت أكثر من سبعة وزراء خلال شهر واحد لرعاية إطلاقها وإعادة الاهتمام الرسمي إلى المدينة واحتضان مشاريعها، بينما لا يزال هناك المزيد من إطلاق “المنتديات” ومنها “منتدى الأشغال والبنى التحية” و”الحوار الدائم”، و”منتدى المؤسسات والمجتمع المدني”.
وتؤكد مصادر الحريري لـ”نداء الوطن”، انها بصدد تتويج هذه “المنتديات” بعقد مؤتمر عام للمدينة تشارك فيه مختلف القطاعات، بهدف إنماء صيدا بشكل مستدام وتأمين شبكة أمان عامة لها، وهو أمر ليس سهلاً بل هو يشكل تحدياً كبيراً، على أن الهدف الأسمى والجهد الأكبر، بعد إنجاز “سندات تمليك” تعمير عين الحلوة الذي كان حلماً يراود أبناءه، العمل على الترميم و”أنسنة” المنطقة، ومعالجة مشاكلها المزمنة منذ عقود والتي تقطن فيها عائلات من ذوي الدخل المحدود والطبقة الفقيرة، التي تعاني ظروفاً حياتية ومعيشية بالغة الصعوبة، لتطوي صفحتي “الحرمان والاهمال” فيه، بعدما كانت مؤسسات الدولة تقوم بجباية الضرائب والرسوم من سكانها، من دون أن تقدم لهم ما يحتاجون اليه من خدمات وإنماء، ناهيك عن استكمال الاهتمام بأبناء صيدا القديمة على قاعدة “الاهتمام والتنمية بالحجر والبشر”.
في المقابل، طالب “لقاء هيئات المجتمع المدني” في كتابه إلى رئيس البلدية إلزام إدارة معمل النفايات إجراء التصحيحات اللازمة التي أشارت إليها تقارير وزارة البيئة، التي أُعدت بعد زيارات ميدانية للمعمل وتنفيذ العقد الموقع بينها وبين اتحاد بلديات صيدا والزهراني، ووقف ردم أو طمر أي نفايات في المنطقة التي تقع ما بين المعمل المذكور والبركة المستحدثة، وعدم ردم متبقيات المعمل المحيطة به في البحيرة، والتدخل لمنع استقبال نفايات من مناطق أخرى قبل إيجاد حل لمطمر صحي قادر على استيعاب المتبقيات يستوفي الشروط الصحية والبيئية في أسرع وقت ممكن، وفي حال تعذر ذلك على كل بلدية أن تتحمل مسؤولية المتبقيات العائدة لها.
وفيما لم يخرج لقاء “سعد – البزري” بأي مقررات علنية، إلتزمت “الجماعة الاسلامية” الصمت رفضاً للدخول في مناكفات سياسية.