كتب أسامة القادري في صحيفة “نداء الوطن”:
وكأن “التيار الوطني الحر” لا ينقصه في البقاع الغربي وراشيا، ما يعانيه من ترهل، لتأتيه الانقسامات الداخلية في أوقات هو أحوج ما يكون فيها إلى لملمة وضعه في ظل تنافس فعلي مع أحزاب وقوى على الساحة المسيحية، فيقع رهينة تجاذبات فعلية تترجم بين منسق سابق ومنسق حالي، وتنافس على موقع “تبني مرشح التيار”، في وقت الجميع عينه على الصوت السني، لأنه الوحيد القادر على تأمين الحواصل الانتخابية، وإذ يقفز “التيار” في البقاع الغربي إلى الأمام فوق خطابه المتشنج القريب إلى العنصرية منه الى التعميم الوطني، يقع بين “شاقوفين”، شاقوف “الوطنجية” وشاقوف الطائفية.
هذه الازدواجية التي حلّت على قاعدة التيار كشفت الانقسام الداخلي في قيادته في البقاع الغربي وراشيا، وبنتيجة “الانفصام” في الخطاب الطائفي، ذهبت منسقية التيار القريبة من نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي إلى العمل في الشارع السني، على القاعدة التي يرددها “في الغربي لا فوز من دون الصوت السني، كنت أربح به وفي 2005 خسرت به”، وإذ بهذه الخطة أفشلها الوزير جبران باسيل في خطابه، رغم أن عملية الاقتحام للقرى السنية أتت عبر محازبين من أحزاب 8 آذار، ليغرف من صحنها في الشارع السني لا من صحن “الأزرق”، بل والأنكى من هذا كله أن الذين انتسبوا الى “الوطني الحر” هم محسوبون على حزب “البعث العربي الاشتراكي” و”سرايا المقاومة”.
على أثر التجاذبات والانقسامات قدم عدد من المنسقين والمحازبين استقالاتهم “في قرى كامد اللوز والمرج والمنارة وكفريا”، وأتت هذه الاستقالات بمثابة إعلان فشل “التيار الباسيلي” في اصباغ جسمه الطائفي بتلاوين تبعده عن المذهبية، وإذ به عند أول قطرة ماء يحل الصباغ و”تتضعضع” أفكاره بتناقضاته.
فمنسق بلدة كامد اللوز أحمد فارس قدم استقالته من منسقية “التيار” ولحق به أبناؤه وعدد من المنتسبين، معللاً أسباب استقالته بأنّ “التيار”، “ليس وطنياً إنما تيار طائفي لا يريدون الإسلام فيه، ولم نعد قادرين على بلع الخطاب الطائفي”.
كذلك حال منسق هيئة بلدة المنارة أحمد أبو طه، قدم استقالته هو وجميع أعضاء الهيئة في البلدة، الأسباب التي عللها وضعها في ما يفرز “خطاب الوزير جبران باسيل من حقد، وليس انتقاداً، للطائفة السنية”.
يشبّه أحد المنسقين المستقيلين استقالاتهم بالهروب “من “الوطني الحر” لأن خدماته لا يستفيد منها إلا المسيحيون والمقربون من نافذين، والخطاب لا يلبي طموحنا”، ما ساعد البعض على اتهامهم بالمنتفعين.
ويؤكد مصدر عوني أنّ الإشكالية في البقاع الغربي بدأت منذ أن أعلن “التيار” ترشيح منسقه السابق في “الغربي” شربل مارون عن المقعد الماروني. يومها بدأ الصراع داخل المنسقية يشهد شد كباش بينه وبين جهاد كيوان “حتى دولة الرئيس ايلي الفرزلي أدخلوه في صراعاتهم، بعدما سلم شربل مارون مسؤولية الخدمات في “التيار”، فتم إغلاق باب الخدمات أمام الفرزلي وجهاد كيوان، لأنّ الأول هو من يقطع الطريق على ترشيح مارون، والثاني منافس ومحسوب على الفرزلي.
وتشير مصادر الى أن كيوان لا يخفي أمام مجالسه أن مارون “يحرتق” عليه ويعطل الخدمات لأي شخص من المنتسبين الى”التيار” عبره.
وتعرب المصادر نفسها عن أنّ حالة الامتعاض والانقسام في البقاع الغربي وصلت إلى “ميرنا الشالوحي، حيث أبدى رئيس “التيار” باسيل رضاه على شربل مارون واعتبر الشكوى نتيجة نجاح لشربل”، الأمر الذي فسره البعض بأنه “وضع للعصي في دواليب الفرزلي في الدورات الإنتخابية القادمة لقطع الطريق عليه في الترشح وفرضه على “التيار”. أما من جهة “التيار”، فقد برر مصدر قيادي في “الوطني الحر” موضوع الاستقالات بأنّ الذين تقدموا باستقالاتهم هم مجموعة “منتفعين وأصحاب سوابق ومخابرات سورية”، وختم: “أتت الإستقالات بعدما رفضنا ربط العمل الحزبي بالخدمات، في حين أنّ أحد المستقيلين قدّم استقالته لأنّ ابنه تم توقيفه ولم يستطع المنسق حمايته والضغط للإفراج عنه”.