كتبت إيلده الغصين في صحيفة “الأخبار”:
اصطدمت قبل ظهر الجمعة شاحنة كبيرة بالجسر الحديدي في مار مخايل النهر، (محلّة البدوي، بيروت)، ما أدّى إلى سقوطه على هيكلها. الأهالي سحبوا السائق الذي أصيب برضوض، وعالجته ميدانياً فرق الصليب الأحمر، فيما تسبّب الحادث بزحمة في المنطقة وجرى تحويل السير إلى الطرقات الفرعيّة، حيث استمرّت عمليّات رفع الشاحنة وتحييد الجسر عن الطريق لساعات. أسباب الحادث على الجسر القديم التابع لمصلحة السكك الحديد والنقل المشترك، والمشهور كنقطة استدلال في المنطقة، تكمن في ضخامة الشاحنة وثقل حمولتها وزيادة ارتفاعها عن الارتفاع المسموح به للعبور تحت الجسر. الخبر نقلته غرفة التحكم المروري عبر «تويتر»، على الشكل التالي: «سقوط جسر حديدي على شاحنة في محلة مار مخايل»… ما أدّى إلى بلبلة لدى المتابعين حيال سقوط الجسر لوحده، وتجدّد موجة السخرية من منشآت السكك الحديد. الحادث يطرح السؤال بالتأكيد حول صيانة المنشآت المتهالكة للمصلحة، لكنّه يعيد إلى الواجهة الحوادث المتكرّرة التي تسبّبها الشاحنات وقلّة مسؤولية بعض سائقيها، كما جاهزيّة الدولة أمام حوادث مماثلة لإدارة حالات الطوارئ ورفع الأضرار في وقت قياسي من دون تعطيل منطقة بأكملها. تحميل المسؤولية للسائق والشركة التي يعمل لديها، تقابله استفسارات حول وضع اللافتات التنبيهيّة بشكل واضح، وفي هذه الحالة لافتة التحذير التي تحدد الارتفاع الأقصى للشاحنات التي يُسمح لها بالعبور تحت الجسر، بعدما تبيّن أن اللافتة محجوبة خلف شجرة!
المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر، وبعد تمنّيه السلامة لسائق الشاحنة، حمّله المسؤولية المباشرة، شارحاً «أن الشاحنة مرتفعة وتحمل وزناً ثقيلاً، واصطدامها بالجسر هو السبب المباشر لسقوطه». نصر أشار إلى «عدم انتباه السائق للافتة الموجودة، والتي تحدّد العلو الأقصى للآليات بـ3.20 أمتار»، الأمر الذي يجبر المصلحة على «اللجوء إلى القضاء، تعويضاً للعطل والضرر الذي لحق بأملاكنا». وبشأن مصير الجسر لفت إلى «أن العمل جارٍ لتحييده عن الطريق، وسوف نتابع الأمور الفنيّة لاحقاً بعد الكشف عليه». وردّاً على عدم تفكيك الجسر في وقت سابق، والتأكّد من متانته، بالقول: «إنه منشأة عامة موجودة منذ فترة طويلة، لماذا علينا إزالتها؟ المنشآت العامة لها رمزيتها والحفاظ عليها ضروري لتبقى في ذاكرة الشعب ووعيه. وجودها هو تثبيت لملكيّتها العقارية على طول الخط، وهذا ما يمنع وضع اليد عليها كما حصل لبعض العقارات خلافاً للأصول، خصوصاً خلال الحرب الأهلية… ما نقوم به لدى التعدّي على أي منشأة أو تفكيكها هو التقدّم بإخبار إلى النيابة العامة المختصّة». نصر أعاد التذكير بضرورة الحفاظ على منشآت السكك الحديد، لأن «مشروع إعادة إحياء خطوط النقل السككي موجود، ووضعت الخطط له، ونحن بانتظار الحصول على تمويل له وإيلاء قطاع النقل العام الأهمية المطلوبة». وتعليقاً على احتمال تضرّر الجسر قبل الحادث بسبب ورشة ملاصقة له، قال نصر: «السبب المباشر هو اصطدام الشاحنة به، أما الأسباب الأخرى فموضوعٌ قيد المتابعة».
من جهته، لم ينفِ مدير الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المروريّة كامل إبراهيم، مسؤوليةَ السائق، لكنه أشار إلى «التقصير في وضع لافتة تحذيريّة واضحة (من الشكل الدائري بالخط الأحمر) وفي مكان مناسب، إذ إن اللوحة الموضوعة على الجسر هي عبارة عن جملة طويلة محجوبة خلف إحدى الشجرات. وفي المقابل، ثمة مسؤولية كبيرة على شركات النقل في اختيار السائقين لديها وتدريبهم وتحذيرهم من مخاطر القيادة وشروطها». ولفت إلى أن «الجسر منشأة قديمة يزيد ارتفاعها على ثلاثة أمتار، فيما الجسور اليوم تفوق هذا الارتفاع»، مذكّراً بـ«الحوادث المتكرّرة للشاحنات تحت الجسور وعدم التزام سائقيها بالتحذيرات وبالارتفاع المطلوب للجسور كما اجتياز تلك الممنوعة القيادة عليها».