لم يحتج الأمر كثيرا من التحليل والتفكير لإدراك النتيجة المعروفة سلفاً: عاد الوزير جبران باسيل إلى رئاسة التيار الوطني الحر لأربع سنوات جديدة، بعد تلك التي قاد خلالها السفينة البرتقالية بين آب 2015 وآب 2019.
قد يقول قائل إن هذه الصورة ليست غريبة عن الانتخابات الحزبية في لبنان، ذي المجتمع السياسي المعروف، وحيث تترك قمرة القيادة الحزبية لأبناء البيوتات السياسية، أو أولئك الذين يختارهم “المؤسسون” لخلافتهم، تماما كما كانت حال باسيل قبل ثلاث سنوات من اليوم. ذلك أن العماد ميشال عون، الذي كان بدأ يعد العدة للانتقال من موقعه النيابي إلى رئاسة الجمهورية، فجّر في 27 آب 2015، مفاجأة اختيار باسيل لتسلم مقاليد رئاسة التيار الوطني.
اليوم، وبعد 4 سنوات، لم يختلف المشهد كثيرا: باسيل على رأس التيار بالتزكية، بقرار وافقت عليه وأعلنته هيئة الاشراف على الانتخابات الداخلية في الحزب، وهو نتيجة، كان إعلان باسيل عزمه على الترشح لولاية جديدة، كافيا لتوقعها. إلا أن الموضوعية تقتضي الاعتراف لباسيل بإحداثه تغييرا كبيرا على مستوى نيابتي رئاسة التيار للشؤون السياسية من جهة، والادارية من جهة أخرى، على اعتبار أنه سلم هاتين المسؤوليتين الكبيرتين إلى المحامية مي خريش، والحزبية مارتين نجم كتيلي، وهو ما يمكن اعتباره نقطة مضيئة في سجل النضال النسائي الطويل في سبيل إشراك المرأة في الحياة السياسية والقرار الحزبي.
وإذا كان ما انتهى إليه الاستحقاق الحزبي معروفاً، فإن الانظار تتجه إلى الكلمة التي سيلقيها “الرئيس العائد” إلى القيادة العونية السادسة مساء اليوم في قصر المؤتمرات في ضبيه.
وفي السياق، علمت “المركزية” أن “باسيل يتحدث اليوم ليطلق أمام القاعدة العونية برنامجه الانتخابي، في حضور نائبتي الرئيس الجديدتين.
غير أن أهم ما في خطاب باسيل المنتظر يكمن بالتأكيد في توقيته. ذلك أنه يأتي غداة كلمة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على هامش قداس شهداء المقاومة اللبنانية في معراب، خصوصا أن جعجع لم يتوان عن المضي في سياسة رفع السقف الكلامي في مواجهة التيار والعهد على السواء، علما أن السهام القواتية لم توفر باسيل شخصيا من دون تسميته.
وفي وقت يتوقع المراقبون أن تلقى معراب ردا برتقاليا على لسان رئيس التيار شخصيا، أوضحت مصادر مقربة منه عبر “المركزية” أن باسيل لا يزال يعكف على إعداد كلمته وصياغتها، مكتفية بالاشارة إلى أن “من الطبيعي أن يتطرق رئيس الحزب إلى الوضع السياسي في البلاد”، في محاولة لتفادي تأكيد الرد أو عدمه على القوات، التي كانت نالت نصيبها من الهجوم العوني في الخطاب الذي ألقاه باسيل في خلال الاحتفال بذكرى أحداث 7 آب 2001.