IMLebanon

لماذا لم يضع “الحزب” قرار الرد بعهدة الحكم الحليف؟

كتب معروف الداعوق في صحيفة “اللواء”: 

استغل حزب الله دعم وتعاطف السلطة معه، وبعض خصومه التقليديين، أبى أن يتقدّم ولو بخطوة باتجاه العودة إلى الدولة اللبنانية.

وبعد إجماع أهل السلطة بمن فيهم الرئاسات الثلاث على استنكار الاعتداء الإسرائيلي الذي حصل على الضاحية الجنوبية، والمواكبة الفاعلة لرئيس الحكومة سعد الحريري بحملة سياسية وديبلوماسة واسعة لدى الدول المؤثرة والمجتمع الدولي لفضح هذا الاعتداء وتطويق تداعياته السلبية ومنع توسعه نحو مواجهة عسكرية شبيهة بما حدث في حرب تموز 2006 وغيرها، كان منتظراً ان يلاقي «حزب الله» هذا الموقف الموحّد الداعم له، بوضع مسألة الرد على الاعتداء الإسرائيلي المذكور وما قد يليه في عهدة الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية، وان يظهر بالفعل انه جزء من الدول، إنطلاقاً من كونه ممثلاً بالحكومة والمجلس النيابي ويثق بمؤسساتها وبرئيسها، حليف الحزب الذي وصل ببندقية المقاومة إلى سدة الرئاسة الأولى كما أعلن ذلك صراحة النائب المستقيل نواف الموسوي في المجلس النيابي، ويترك مسألة التصدّي للاعتداءات الإسرائيلية حصراً بالجيش اللبناني الذي يملك كل الإمكانيات اللازمة للحفاظ على الأمن والاستقرار وسيادة لبنان بعد ان أظهر قدرته في قطع دابر الإرهاب والعمليات الإرهابية التي استهدفت مناطق لبنانية عدّة وبينها الضاحية الجنوبية لبيروت تحديداً خلال السنوات الماضية.

ولكن يبدو ان «حزب الله» الذي استغل دعم وتعاطف السلطة معه، وبعض خصومه التقليديين، أبى أن يتقدّم ولو بخطوة باتجاه العودة إلى الدولة اللبنانية، ويظهر للجميع انه يعمل لصالح الشعب اللبناني والوطن ككل وليس لمرجعيته الأساس، النظام الإيراني في طهران، فانفرد كعادته باستعمال سلاحه الحزبي بالرد عسكرياً على العدوان الإسرائيلي انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، متجاهلاً وجود الدولة ومؤسساتها الشرعية، وواضعاً اللبنانيين كلهم اسرى وضحايا توجهاته وارتباطاته ومشاريعه الإقليمية ولبنان في مهب المخاطر والتهديدات المحدقة به مرّة جديدة، غير آبه بالضرر اللاحق باللبنانيين من جميع الجهات.

ومع ان الوقائع أظهرت محدودية الرد العسكري الذي قام به الحزب ضد المواقع المستهدفة ضمن الأراضي المحتلة، وكأن هناك «سيناريو» محضر سلفاً عبر أطراف أخرى دون تخطي ذلك بتصعيد عسكري واسع، استناداً إلى ما تكشفت عنه بعض الوقائع  والخدع الإسرائيلية لجهة الاضافات الوهمية في صفوف العسكريين الإسرائيليين والاليات كما ظهر في بعض وسائل الإعلام وان ما حصل هو لتنفيس حالة الاحتقان وترجمة لوعد الأمين العام لحزب الله لجمهوره بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية، الا ان كل ما حصل لا يُبرّر على الإطلاق تجاهل الدولة اللبنانية والاستهتار بإرادة الشعب اللبناني والاستمرار بالتفرد باستعمال سلاح «حزب الله» ساعة يشاء، بل يزيد من حالة النقمة على الحزب والمسؤولين بالدولة ويُعزّز الانقسام السياسي والشعبي ويقلص الثقة بالسلطة السياسية أكثر مما هي الحال عليه في الوقت الحاضر.

وبالرغم من حالة الدعاية السياسية والإعلامية للترويج سابقاً ولاحقاً للرد العسكري لحزب الله على الاعتداء الإسرائيلي والاضاءة على جوانبه، وما تكشفت عنه الوقائع اللاحقة، من «ترتيبات» مسبقة لتنظيم هذا الرد ورسم حدوده، فإن الفرصة كانت مؤاتية لوضع مسألة الرد على العدوان الإسرائيلي أياً تكن في عهدة الدولة اللبنانية أو ضمن قراراتها وموافقتها على الأقل في هذه المرحلة الإقليمية والدولية التي يتم خلالها التحضير لاتفاقيات لرسم معالم المنطقة ولبنان ومن ضمنها بالطبع.

فمثل هذه الخطوة لو حصلت في ظل الوئام القائم بين أركان السلطة والحزب، لكانت قرّبت الأخير أكثر من باقي اللبنانيين الذين ما يزالون ينظرون بريبة وحذر لسلاح الحزب، وكانت حصّنت لبنان في مواجهة تحديات المرحلة المقبلة ومخاطرها التي قد تنعكس سلباً إذا لم يتم تداركها بوحدة اللبنانيين وتماسكهم.

فما حصل قد حصل، ولا بدّ من التنبه لعدم تكراره مستقبلاً وتجنب حدوثه، لأن الظروف قد تتغير والنتائج ستكون معاكسة وكارثية وبالطبع لا يستطيع لبنان ان يكون مرّة جديدة ضحية لمصالح الآخرين كما حصل سابقاً.