غداة محادثات أجراها في باريس وفد ايراني في اطار الوساطة الفرنسية لانقاذ الاتفاق النووي، استبعد الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم، التوصل إلى اتفاق قريباً مع الاتحاد الأوروبي بشأن الحفاظ على الاتفاق، بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام الإيرانية، في وقت قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الخطوة الثالثة في إطار تقليص التزامات طهران بالاتفاق النووي سيعلن عنها خلال يوم أو يومين.
وفي حين أعلن روحاني إن إيران ستمنح الاتحاد الأوروبي مهلة شهرين آخرين لإنقاذ الاتفاق النووي، نقل التلفزيون الرسمي عن الرئيس الايراني قوله إن خطوات طهران الجديدة لتقليص التزاماتها النووية بموجب الاتفاق المبرم في عام 2015، ستسرع أنشطتها النووية. وقال التلفزيون نقلاً عن روحاني “سنعلن تقليص التزاماتنا وهو ما سيسرع أنشطة برنامج إيران النووي”، مشيراً إلى أن الخطوة النووية الثالثة ستكون “الأهم”. وأضاف روحاني “الخطوة الثالثة (في تقليص التزامات إيران) ستكون الأهم وستكون لها تأثيرات غير عادية”. الا انه لم يذكر اي تفاصيل اضافية.
اللافت للانتباه، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، هو ان موقف ايران الذي يجمع بين التصعيد، عبر الاعلان عن خطوات اضافية جديدة تخرق النووي، من جهة، وبين التهدئة عبر إمهالها الاوروبيين شهرين جديدين و”مسايرتها” اياهم، من جهة أخرى، يأتي على وقع الكشف عن تفاصيل المبادرة التي تطرحها فرنسا، لانقاذ الاتفاق. وهي تقوم على تعهد أوروبي بتبني خط ائتمان نفطي لإيران تصل قيمته إلى 15 مليار دولار في مرحلته الأولى حتى نهاية العام الجاري، في مقابل “وقف ايران سياسة خفض الالتزام ببنود الاتفاق النووي والالتزام الكامل به، وتأمينها ضمانات بشأن أمن الخليج ومضيق هرمز، اضافة الى قبولها بفتح مفاوضات بعد عام 2025 حول البرنامج النووي، وهو العام الذي حدده الاتفاق كسقف زمني لعمليات الرقابة والتفتيش غير التقليدية.
لكن، في مرحلة أولية، تنص المبادرة على تقديم دفعة أولى من خط الائتمان وقدرها 5 مليارات دولار، مقابل تراجع طهران عن تهديداتها برفع تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20 في المئة. فيما يتم في المرحلة الثانية تقديم 10 مليارات مقابل عودة طهران إلى التزاماتها الكاملة بالاتفاق النووي، كما كان قبل أيار الماضي. أما المرحلة الثالثة فتتضمن التفاوض مع إيران بشأن دورها الإقليمي.
وعليه، تقول المصادر ان هذا “التموضع” الايراني قد يكون لمحاولة الاستحصال من الاوروبيين على افضل العروض الممكنة، عبر مواصلة الضغوط عليهم لانتزاع أكبر كمّ من التنازلات من قبلهم، لكن هدفهم الاساس من هذه السياسة هو دفعهم (اي الاوروبيين وتحديدا فرنسا) الى التمسك بهذه المبادرة ولو لم ينجحوا في اقناع الأميركيين بها..
وكان مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أعلن أن التراجع عن قرار تخفيض التزامات طهران بالاتفاق النووي رهن بتسلم 15 مليار دولار اقترحت فرنسا منحها لإيران مقابل الالتزام الكامل بالاتفاق النووي، مشيرا إلى أنه بغير ذلك فإن عملية تقليص الالتزامات مستمرة. وأوضح عراقجي أن العدول عن خفض الالتزامات النووية يرتبط بتسلم 15 مليار دولار في جدول زمني مدته أربعة شهور، حسب ما ذكرت وكالة فارس الإيرانية اليوم. وأشار إلى أن المفاوضات التي تخوضها طهران مع باريس تتمحور حول تلبية المطالب الإيرانية بخصوص مبيعات النفط وآلية تحصيل العوائد، مؤكدا أن طهران أعلنت مرارا أن تطبيقها الكامل للاتفاق النووي يقترن بإمكانية بيع النفط والحصول على عوائده بالكامل دون قيود، منوها إلى أن المبادرة الفرنسية تأتي في هذا الإطار.