Site icon IMLebanon

مصانع الحوض الأعلى لليطاني: صفر تلوث نهاية الصيف؟

كتبت آمال خليل في “الاخبار”:

أنجزت وزارة الصناعة والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، نهاية الشهر الماضي، المرحلة الأولى من مسح المؤسسات الصناعية في الحوض الأعلى لنهر الليطاني. منذ شباط الفائت، كشفت لجنة مشتركة بين الوزارة والمصلحة على 201 مؤسسة من أصل 633 مدرجة في بيانات الوزارة. وتبين بأن 122 منها غير ملوث في مقابل 79 ملوثة أُقفل منها 28 مؤسسة فقط. اللافت أن أبرز المؤسسات الملوثة كانت المسالخ. إذ أن جميعها (عددها 21) التي كشف عليها (12 في البقاع الأوسط والغربي و9 في بعلبك)، لا تلتزم بالشروط البيئية. وتأتي في الدرجة الثانية مؤسسات الصناعات الغذائية والعضوية (45 مؤسسة ملوثة من بين 52). إزاء هذه النتائج، وعد وزير الصناعة وائل أبو فاعور في حفل إطلاق «خطة رفع التلوث الصناعي عن نهر الليطاني – الخطوات والإجراءات المتخذة»، في السراي الكبير أمس، بالوصول إلى «صفر تلوث نهاية الصيف».

لكن، كيف الوصول إلى ذلك في ظل وجود حوالي 600 مؤسسة صناعية غير مرخصة في البقاعين الأوسط والغربي و123 في بعلبك – الهرمل وغير مدرجة في بيانات الوزارة؟. وعليه، فإن أكثر من 1200 مؤسسة تضخ تلوثها في حوالي 20 في المئة من مساحة لبنان. مع ذلك، يتعذر على القوى الأمنية، بقصد أو من غير قصد، تنفيذ القرارات القضائية بإقفال عدد من المؤسسات الملوثة المدعى عليها؟. علماً بأن المصلحة أتمت عامها الأول في حملة التصويب على أصحاب المصانع الملوثة للنهر. ورغم أن ملاحقتهم اتخذت أشكالاً إدارية وقضائية وإعلامية، إلا أن الحملة كشفت أن الملوثين يحظون بغطاء رسمي، في مقابل ملايين الدولارات التي تقترضها الدولة لتنظيف الليطاني.

الملوثون الـ 79 الذين «قبضت عليهم» اللجنة المشتركة، يتمادون في جرمهم برغم تلقيهم الإنذارات والإدعاء عليهم أمام القضاء الجزائي. إذ أن 4 مؤسسات منها تلقت إنذاراً أول بالإلتزام البيئي. «وعند إعادة الكشف عليها من قبل وزارة البيئة تبين عدم التزامها بالشروط البيئية المطلوبة ضمن المهلة المحددة لها، فتم ارسال كتاب ثان يطلب فيه من جديد الإلتزام بالشروط البيئية وأعطيت مهلة جديدة لتطبيقها» علماً أن هناك سبع دعاوى قضائية أمام القاضي المنفرد الجزائي في بعلبك تبلغ و68 دعوى أمام القاضي المنفرد الجزائي في زحلة. وتستغرق المحاكمات شهوراً طويلة من دون أن تقترن بوقف جرم التلويث المستمر. الأحكام القضائية التي صدرت عن القاضي المنفرد الجزائي في زحلة محمد شرف في بعض دعاوى التلويث، شكلت سابقة في تكريس مفهوم الجريمة البيئية.

إذ لم يفرض غرامات مالية فقط، بل ألزم الملوثين بتنظيف المساحات التي تسببوا بتلويثها وتشجيرها. ورغم إيجابية الأحكام القضائية، إلا أنها قابلة للإستئناف الذي من شأنه أن يوقف التنفيذ، ومن شأن المحاكمة أن تطول أمام محكمة استئناف الجنح، وتتفاقم الأمور فيما لو لم يلتزم المدعى عليهم بإجراءات الإلتزام البيئي خلال المحاكمة ويستمر في التلويث طيلة امد المحاكمة. مع ذلك، لم تشهد التدابير القضائية اللجوء تدابير مؤقتة تصل الى إقفال المؤسسة الملوثة خلال المحاكمة.

في خطته الموعودة، يقلب أبو فاعور صفحات أسلافه ويركز على تصحيح «خطيئة الترخيص» من دون تطبيق شرط الإلتزام البيئي. فيما يلفت رئيس المصلحة سامي علوية إلى ان الوصول إلى صفر تلوث يقتضي «تأمين استدامة الإجراءات والرقابة والملاحقة القضائية والاعلامية، بعد أن تم تعيين خبراء لمتابعة التزام 74 مؤسسة، لا سيما مصانع الفئة الأولى التي تحظى بتمديد مهل مستمر». وشدّد على إلزام أصحاب المصانع بتشغيل محطات التكرير خلال المحاكمة لتلافي استئناف الأحكام والتهرب من تنفيذها.