كتب حبيب معلوف في “الاخبار”:
تزامن انعقاد اجتماع لجنة البيئة النيابية ووزير البيئة فادي جريصاتي، أمس، مع اعتصام نظمته التحالفات البيئية وائتلاف ادارة النفايات أمام وزارة البيئة اعتراضاً على ما تضمّنته خارطة طريق الوزارة التي صادق على معظمها مجلس الوزراء… في وقت تتوالى حالات الرفض في المناطق لخطط المطامر والمحارق المقترحة.
اجتماع أمس سيطرت عليه أربع قضايا أساسية. الاولى أثارتها النائبة بولا يعقوبيان حول مدى تطبيق عقود خطة الطوارئ في مطمري برج حمود والكوستابرافا، وقد وعد رئيس اللجنة مروان حمادة بدعوة مجلس الانماء والاعمار لحضور الجلسة المقبلة لمساءلته حول الموضوع، فيما طلب جريصاتي تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الأمر. القضية الثانية هي مواقع المطامر، وقد اجمع المشاركون على ضرورة اختيار المواقع الـ 25 التي تقترحها خطة وزارة البيئة وفق معايير علمية واضحة يسهل اقناع الناس بها، مع تشديد على أن نجاح التخفيف والفرز واعتماد الطمر الصحي بدل المكبات العشوائية، يفترض ان يغنينا عن المحارق المقترحة في خارطة طريق الوزارة والحكومة. اما القضية الثالثة فتناولت تطبيق مرسوم الفرز وتأمين تمويل المعالجة وتوضيحات حول مسألة التخفيف وكيفية اعداد قانون يشمل هذا الموضوع مع موضوع الفرز.
وكشف وزير البيئة عن انه أعدّ دفاتر شروط نموذجية للبلديات لتلزيم الكنس والجمع والفرز، وكرّر التأكيد على ضرورة التمييز بين الرسوم المباشرة وغير المباشرة على النفايات التي تطال المنتجات، وتلك المتعلقة بمسؤولية المنتج تطبيقاً لمبدأ «الملوِّث يدفع». أما القضية الرابعة فهي طرح استيضاحات حول العقود الاخيرة، لا سيما مع «رامكو»، التي تتضمن بنداً يتعلق بالفرز من المصدر وضرورة تأمين الشركات ثلاثة مستوعبات، وهو ما لم تطبقه الشركة الملتزمة بتغطية من مجلس الانماء والاعمار الذي أشرف على العقود وتنفيذها. واذ أكّد وزير البيئة انه وجه كتباً في هذا الخصوص، وأن الجواب كان أن هناك غموضاً في العقد، وان الشركات تعتبر أن الـ27 دولاراً التي تتقاضاها على الطن لا تكفي للفرز من المصدر، كان الرأي الغالب بأن هذا المبلغ أكثر من كاف ويجب التشدد في محاسبة الشركات ومراقبتها.
اما في ما يتعلق بالاعتصام أمام وزارة البيئة امس، فقد حذّر المعتصمون بأن نهاية خارطة الطريق المقترحة من قبل الحكومة ستكون وخيمة اذا اعتمد خيار المحارق.
انطلاقا من كل ذلك، وبعد تأكيد بلديات اقليم الخروب، امس، رفضها انشاء اي مطمر او محرقة في منطقة الجية، ومع التعثر في منطقة الشمال، ووصول مطمر الجديدة الى الذروة، وقرب انتهاء مهلة اتحاد بلديات الضاحية لعدم طمر أكثر من 1000 طن في مطمر الكوستابرافا (حسب قرار مجلس الوزراء) مما يعني التوقف عن استقبال نفايات الشوف وعاليه قريبا… ومع تعثرات اخرى في معظم المناطق وظهور بوادر كبيرة لعودة النفايات الى الشوارع في أكثر من نصف مناطق لبنان قريبا، من دون افق لحلول معقولة، يبدو اننا سنكون، قريباً، أمام مأزق أكبر من ذلك الذي شهدناه عام 2015، لأن الثقة المفقودة بخطط الحكومة اصبحت اكبر بسبب التخبط في الوزارات المختصة والتأخر في إنضاج الاستراتيجيات والحلول، وبسبب ضعف الطبقة السياسية عامة وعدم اهتمامها الا بالاستثمارات المربحة واهمالها القضايا الحقيقية كالنفايات ومعالجتها.
اما الآمال المعلّقة على توافق سياسي بين احزاب السلطة لفرض الخيارات المقترحة في خارطة الطريق بالقوة، فان هذا يمكن ان يصح، فيما لو كان هناك توافق حقيقي بالحد الادنى، ولو كانت هناك حلول عادلة واستراتيجية مدروسة فعلا. واذ يستبعد العارفون التوافق على مواقع للمعالجة في ظل الرفض الشعبي المنتظر وعدم رغبة هذه القوى في اتخاذ قرارات غير شعبوية، بالاضافة الى صعوبة ايجاد تمويل لمعالجة النفايات، لاسيما للخيارات المكلفة جدا كالحرق، وهو الموضوع الحساس الذي تم تاجيل البحث به في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة التي خصصت لهذا الملف… ليس مستبعدا في ظل هذه الازمة ان تتأزم الامور اكثر، ويصبح جزء من قوى السلطة وأحزابها، قريباً، في صفوف المتظاهرين المطالبين برفع النفايات من الشوارع.