كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
بعد ردّ “حزب الله” على اعتداء اسرائيل بدا لبنان وكأنه دخل في استراحة محارب ميدانياً، وانتقل الى نقاش وجدل سياسي لكلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله حول سقوط الخطوط الحمر في المواجهة مع اسرائيل، وهو ما فسّر على أنه إعلان الانقلاب على القرار الدولي 1701 الذي صدر في العام 2006 عن مجلس الامن الدولي .
یدعو القرار المذكور “إلى وقـف كامل لجمیع العملیات الحربیة بالاسـتناد، خصوصاً، إلى وقـف فوري لكلّ الهجمات من جانب “حزب االله”، ووقف فوري لكلّ العملیّات العسكریة الهجومیة من جانب إسرائيل”. ولكن منذ تاريخ صدور هذا القرار قبل 13 عاماً وحتى اليوم لم تنقطع إسرائيل عن خرقه من دون أن تصدر في حقها إدانة من المجتمع الدولي أو مجلس الأمن، الى أن وصلنا إلى يوم اخترقت طائرتان اسرائيليتان مسيّرتان الأجواء اللبنانية فتمّ تفجير إحداهما وسقطت الأخرى التي كانت تستهدف مبنى العلاقات الإعلامية في ضاحية بيروت الجنوبية .
في الشكوى التي تقدم بها حمّل لبنان “إسرائيل المسؤولية عن خروقاتها المتواصلة للقرار 1701 منذ 2006″ و”مسؤولية الاعتداء الفاضح على ضاحية بيروت، مع علمها المسبق بأن من شأن ذلك تهديد التوازن القائم والذي حافظ على أمن الحدود الدولية منذ 13 عاماً”.
فتح الاعتداء الإسرائيلي وردّ “حزب الله” عليه لاحقاً، باستهداف آلية عسكرية إسرائيلية في منطقة أفيفيم قرب حدود لبنان الجنوبية، على متغيّرين جوهريين لدى “الحزب” هما أنّ الرد على أي اعتداء لن يقتصر على مزارع شبعا بل سيتعداها ليشمل أراضي 48، والثاني أن استباحة الأجواء اللبنانية لم تعد مقبولة. أعلن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله “عن مرحلة جديدة من الوضع على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة”. ليقول “ليس هناك خطوط حمراء، إذا اعتدى الصهاينة فإن كل حدودهم وجنودهم على الحدود وفي العمق وفي عمق العمق ستكون في دائرة التهديد والاستهداف والرد قطعاً”.
ورغم تأكيد رئيس الحكومة سعد الحريري أن “القرار 1701 لم يسقط ولا يزال موجوداً”، فسّر البعض انتقائياً ومزاجياً كلام السيد نصرالله من ناحية أن “حزب الله” أسقط من حساباته القرار الدولي 1701، علماً أن حقيقة هذا الأمر “ليست على نحو ما تم تصويره” وفق مطلعين على سياسة “الحزب”، الذي ورغم تعاطيه منذ البداية مع هذا القرار كأمر واقع وليس كقرار دولي وجب الالتزام به، لكنه “استطاع بذكاء وبكثير من الحرفية التعايش معه منذ لحظة صدوره وحتى دخول المسيّرتين إلى فضاء حي معوض في ضاحية بيروت الجنوبية”.
إذا كان القرار 1701 أول ما يستهدفه هو “حزب الله” وليس أي طرف آخر، بدليل أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة لم ينجحا مرة واحدة بردع الاعتداءات الاسرائيلية ومنع إسرائيل من خرق هذا القرار منذ لحظة صدوره، فإنّه ومع اللحظة التي أتت فيها مسيّرتا معوض تم التعاطي مع الاعتداء كأول خرق جوي حقيقي موصوف لقواعد الاشتباك للقرار 1701، وبالتالي اعتبر “حزب الله” أنّ الرد على هذا النوع من الخرق يجب أن يكون على مستوى يوازيه ويوازنه بما يعيد التوازن إلى قواعد الاشتباك، إن بالنسبة إلى المعادلات التي أنتجتها حرب تموز أو قواعد الاشتباك التي يحددها القرار 1701.وحين تحدث السيد نصرالله عن سقوط “الخطوط الحمر” فإنما قصد إدخال الحدود مع فلسطين مع قواعد الاشتباك… “هو لم يعلن إسقاط التعايش الواقعي لـ”حزب الله” مع القرار 1701 لكنه طوّر الخطوط الحمر حين قال إن أيّ خرق جديد من بعد افيفيم سنرد عليه على الحدود مع فلسطين”، ما يعني بحسب المطلعين على سياسة “الحزب” أنّ “الطابة صارت في ملعب الجانب الإسرائيلي فإذا أراد أن يبقي قواعد 1701 حاكمة فلا يخرقها مرة ثانية. وهكذا نكون ما زلنا متعايشين مع القرار الدولي شرط عدم كسره وطالما كسرته إسرائيل سنكسره بالمقابل، لكن من دون أن يكون ذلك إعلاناً رسمياً بخرق القرار الدولي… خصوصاً وأنّ الإدارة الأميركية تتحيّن الفرصة المؤاتية لفرض إعادة النظر بمضمون القرار 1701، وهي حاولت بالفعل في الآونة الأخيرة تضمينه تعديلات تصبّ في مصلحة إسرائيل قبل أن يعاد التأكيد على ضرورة تثبيته بصيغته الحالية”، تحت وطأة الإصرار الدولي على عدم المسّ باستقرار لبنان في هذه المرحلة الإقليمية الدقيقة.