Site icon IMLebanon

لبنان بين خطري «انفلاش» الصواريخ الإيرانية والتهديدات الإسرائيلية

كتب يوسف دياب في صحيفة الشرق الأوسط:

تأخذ المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» أوجهاً مختلفة، آخرها ما كشفه الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عن وجود مصنع لإنتاج وتطوير الصواريخ الدقيقة في بلدة النبي شيت البقاعية، واتهام إيران بتوريط لبنان في حرب لا يريدها اللبنانيون، لكنّ الإعلان الإسرائيلي حمل تفسيرات متعددة، حيال الأهمية التي توليها تل أبيب لمصنع الصواريخ المزعوم، علماً بأنها لم تكترث كثيراً عندما اعترف أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، بأن حزبه يملك آلاف الصواريخ الدقيقة.
وتتقاطع قراءات الخبراء حيال القلق الإسرائيلي، إذ رأى الخبير العسكري العميد الطيّار المتقاعد خليل إبراهيم، أن «الفارق كبير بين استيراد هذه الصواريخ الدقيقة وبين تصنيعها على الأراضي اللبنانية». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لو ثبتت مزاعم إسرائيل عن وجود مثل هذا المصنع، فإن ذلك يُفقدها عامل التفوّق الجوي، بحيث لم تعد قادرة على التحكم بنقل السلاح من سوريا إلى الداخل اللبناني وتدميره بغارات جويّة كما فعلت في مرات سابقة، وحتى لو استطاعت تدمير مخزن، يمكن حينها إنتاج كمية أكبر».
ويعمل «حزب الله» منذ انتهاء حرب يوليو (تموز) 2006 على تطوير قدراته العسكرية، وزيادة ترسانته من الصواريخ البعيدة المدى لتكريس توازن الردع بينه وبين إسرائيل. ولفت العميد خليل إبراهيم إلى أن «موضوع الصواريخ يشكّل قلقاً لإسرائيل». وقال: «خلال حرب تموز 2006 لم تتمكن إسرائيل رغم تفوقها الجوي من تدمير مخزن أسلحة واحد للحزب في لبنان، فما بالك إذا وصلت الصواريخ الذكية إلى الجنوب اللبناني، في ظلّ معلومات تتحدث عن وجود صواريخ تعمل وفق نظام الـGPS وأخرى عبر الأقمار الاصطناعية، وصواريخ مزودة بذاكرة تلاحق الهدف وتدمره»، معتبراً أن «وجود مصنع صواريخ في لبنان يُقلق إسرائيل إلى أبعد الحدود، لأن ذلك يعني أن هذا المصنع قادر على تطوير الصواريخ بتقنية عالية».
وفي مقابل البعد الأمني لهذا الموضوع، والترويج الإسرائيلي لانخراط إيران في بناء هذا المصنع وتزويده بالآلات الخاصة، والإرشادات للعاملين في مجال الإنتاج، ثمة وظيفة سياسية لهذا المشروع، على حدّ وصف مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر، الذي أوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «وجود مصنع للصواريخ الدقيقة في لبنان، يعني انخراط إيران بشكل أكبر في الساحة اللبنانية». ورأى أن «ثمة فارقاً كبيراً بين من يستورد الصواريخ ومَن يصنّعها»، مؤكداً أنه «بمفهوم إسرائيل والغرب، يبقى التعامل مع (حزب الله) ضمن القرار 1701 حتى لو حصل خرق لهذا القرار من الطرفين، لكن في حال ثبت وجود هذا المصنع، فإن هذا يعني إلغاء كل الضمانات الدولية بشأن تحييد لبنان عن صراعات المنطقة».
ولا يختلف الخبراء على أن الرواية الإسرائيلية، وبغضّ النظر عن صحتها من عدمها، تفاقِم خطر العدوان على لبنان، وإنْ بشكل محدود، لكنّ الدكتور سامي نادر لفت إلى أن «فرضية الحرب الواسعة مع لبنان قبل الانتخابات الإسرائيلية تأتي في آخر الخيارات»، لكنه لم يستبعد «توجيه ضربة قوية لكنها محدودة، تمكَّن نتنياهو من استثمارها في الانتخابات». وقال: «كلّ شيء بعد الانتخابات الإسرائيلية وارد، من دون إغفال وجود مفاوضات مع إيران، وهذه المفاوضات تركّز على مسألتين مهمتين بالنسبة إلى الأميركيين والغرب، الأولى موضوع الصواريخ الباليستية، والأخرى تمدُّد إيران في المنطقة، ولا شكّ أن موضوع صواريخ (حزب الله) يأتي ضمن التمدد الإيراني».
ولا يزال «حزب الله» ملتزماً الصمت حيال الادعاءات الإسرائيلية، كما لم يَصدر أيُّ تعليق رسمي عن الدولة اللبنانية، سوى تأكيد رئيس الحكومة سعد الحريري في مقابلة تلفزيونية، أن «سلاح (حزب الله) يمثل مشكلة إقليمية وليست فقط لبنانية»، مشيراً إلى أن «حكومته تركز على بناء المؤسسات وتقويتها مثل مصرف لبنان والقوى الأمنية الشرعية». ورأى سامي نادر أن كلام الحريري «اعتراف صريح بضعف الدولة». وسأل: «ما دام سلاح (حزب الله) مشكلة خارجية وعصيّة على الحلّ فعلى أي أساس أُبرمت التسوية السياسية معه؟ ولماذا بارك بيان مجلس الدفاع الأعلى كلام نصر الله، ووعيده بالردّ على إسرائيل؟».