يقف لبنان على مَشارف «خريفٍ مُخيفٍ» تحْكمه «الساعةُ الرمليةُ» التي قلَبها المجتمعُ الدولي ومؤسساتُ التصنيف في الطريقِ إلى تنفيذِ رزمةِ الإصلاحات الإنقاذية لواقعه المالي – الاقتصادي بعدما مُنح «فترة سماح أخيرة» لستة أشهر، و«الرمال المتحركة» التي ترتسم مَلامح استدراجه إليها مع إيقاظ «الجبهة النائمة» بين «حزب الله» واسرائيل والمرّشحة لمزيدٍ من «الرقصِ» فوق «برميلِ بارودِ» الصراعِ الأميركي – الإيراني المُتَأجِّجِ في المنطقة.
وتَقاسَم هذان العنوانان المشهدَ في بيروت التي كانت عيْناً على مسار وقف الانحدار نحو الهاوية المالية – الاقتصادية الذي بات تحت «رقابةٍ» دوليةٍ لصيقةٍ والذي يشكّل مؤتمر «سيدر» ركيزةً أساسية فيه، وعيْنا أخرى على «المواجهة الدائمة مع وقف التنفيذ» التي صارتْ تحْكم الجبهةَ اللبنانيةَ – الاسرائيلية منذ العملية المزدوجة التي نفّذتْها تل أبيب قرب دمشق وفي قلب الضاحية الجنوبية (ليل 24 – 25 اغسطس) ثم ردُّ «حزب الله» عليها الأحد الماضي بضربةٍ عابرةٍ للحدود أعلن بعدها السقوط الضمني للقرار 1701.
ولم يكن ممكناً أمس، القفز فوق الخطر المالي – الاقتصادي الذي دقّ لبنان يوم الجمعة «النفيرَ» بإزائه، راسماً «خطة طوارئ» لتفادي الأسوأ تبقى ترجماتُها رهناً بالتوافق على سلّة الإجراءات الكفيلة بأن تشكّل «حبل النجاة» من انهيارٍ صار في سباقٍ مع مهلة زمنية سقفها 6 أشهر حدّدتها وكالات تصنيف دولية قبل «الحُكْم» بتحوّل لبنان إلى مستوى دولة «خردة»، ومع خطواتٍ سريعة وحاسمة «شرْطية» لإطلاق عجلة تنفيذ «سيدر» وبدء الاستفادة من مخصصاته (أكثر من 11 مليار دولار).
وتقاطعتْ في الساعات الماضية محطّتان عكستا الأولوية القصوى لإظهار السلطات اللبنانية جديةً كاملة في ملاقاة الامتحان الأخطر لواقع البلاد المالي – الاقتصادي منذ ما بعد الحرب، وهما: أولاً «التقرير التذكيري» لوكالة «ستاندرد اند بورز» الذي باغت بيروت بنفَسه التحذيري من خفضٍ جديد لتصنيف لبنان الائتماني وذلك بعد نحو أسبوعين من تجميد هذه الوكالة قرار الانتقال به من مستوى B- إلى CCC بما أتاح له «فرصة أخيرة» لستة أشهر لتجنُّب هذه «الكأس».
وقد حذّرت «ستاندرد آند بورز» من انخفاض احتياطات لبنان القابلة للاستخدام إلى 19.2 مليار دولار بنهاية العام الحالي، من 25.5 مليار دولار في نهاية 2018، معتبرة أن ذلك كفيل بتغطية لاحتياجات الاقتراض الحكومية والعجز في المعاملات الخارجية على مدى الـ12 شهراً المقبلة ومتداركة «نعتقد أن هناك مخاطر من استمرار انخفاض تدفقات ودائع العملاء، على الأخص من غير المقيمين، ما سينتج عنه تسارع السحب من احتياطات النقد الأجنبي وهو ما سيختبر قدرة البلاد على الحفاظ على ربط العملة بالدولار الأميركي».
والمحطة الثانية مواصلة «ناظِر» المسار التنفيذي لمؤتمر «سيدر» الموفد الفرنسي بيار دوكان لقاءاته في لبنان، على أن يرفع في ضوئها تقريراً إلى الرئيس ايمانويل ماكرون حول تصوره لمدى قدرة بيروت على الوفاء بتعهداتها الإصلاحية، وسط معلوماتٍ عن أن الاطمئنان النسبي من دوكان إلى «الاستفاقة» اللبنانية لحجم المخاطر يبقى مرهوناً بالتطلع إلى إقرار موازنة 2020 (قد يكون مشروعها اليوم على طاولة مجلس الوزراء) في مواعيدها الدستورية ومحكوماً بمعادلة «لا سيدر بلا إصلاحات».
وفيما كان تقريرٌ لمعهد التمويل الدولي جرى التداول به في بيروت يربط «النظرةَ المستقبلية» للبنان بمَخاطر تصاعد التوتر، وصعوبة توفير الدعم السياسي للاصلاحات المالية والهيكلية المستدامة، فإن مؤشرات تشابكت وعكستْ خروجاً – «قد لا تكون عودة عنه» – لجبهة «حزب الله» – اسرائيل عن الضوابط التي انتظمتْ تحت سقفها منذ 2006 وذلك في توقيتٍ بالغ الخطورة إقليمياً.
في المقابل، بدا لبنان الرسمي وكأنه يحاول احتواء تداعيات إشارات نصرالله «العابرة للقرار 1701» لما يترتّب من أثمان خارجية على أي خروج لبيروت عن الشرعية الدولية بعد ملامح «الالتصاق» بالحزب في «اختبار النار» الأخير.
من هنا، كانت المواقف المتكررة لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد «إن القرار 1701 لم يسقط ولا يزال موجوداً والمهم ان نستمر في تطبيقه»، قبل أن يصرح في إطلالة عبر قناة «سي أن بي سي» بأن «حزب الله ليس مشكلة لبنانية فقط وإنما إقليمية، وإسرائيل تريد هذا السيناريو أن لبنان هو المسؤول (عن أفعال حزب الله)، وهذا ما يقوله نتنياهو. لكن المجتمع الدولي يعرف أن هذا غير صحيح ونحن لا نتوافق مع حزب الله على هذه الأفعال وأنا لا أوافق عليها».
وأضاف: «لكن أنا شخص براغماتي وأعرف حدودي، وأعرف حدود هذه المنطقة. لو كانوا جديين في هذه القضية، لكانوا فعلوا أموراً قبل 10 و15 و20 و30 سنة، وربما بدأوا يفعلون شيئاً الآن»، وتابع: «ليس خطأي أن حزب الله أصبح بهذه القوة، ولكن القول إنّ الحزب يحكم لبنان هو خطأ. فهم لا يحكمون لبنان (…) ما يسيطرون عليه ربما هو (قرار) حرب قد تحصل لأسباب إقليمية لا كلمة لنا فيها. وهذا سبب خلافي معه».
أمنياً، أعلن الجيش في بيان، أن دورية للمخابرات اوقفت عند مداخل مخيم عين الحلوة المصري فادي إبراهيم الملقب بـ «ابو خطاب»، الذي يعتبر احد ابرز «المطلوبين الارهابيين»، لقيامه بتشكيل خلية «ارهابية» تعمل لتنظيم «داعش».
وأضاف ان الخلية خططت لاستهداف مراكز للجيش وعسكريين وبعض الأماكن الدينية والسياحية.