كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
ما بين التخوف من الكيدية السياسية والديموقراطية التوافقية التي تُعطل أحياناً عملية المحاسبة والمراقبة الحقيقية وتعزيزاً للدور الرقابي لنواب الأمة على هامش مبدأ فصل السلطات، أقرت لجنة الإدارة والعدل النيابية في جلستها الأخيرة إقتراح القانون الرامي إلى تعديل المادة 106 من نظام مجلس شورى الدولة والذي كانت قد تقدمت به النائبة بولا يعقوبيان في شهر تموز من العام الماضي والهادف إلى منح النائب الصفة والمصلحة لطلب إبطال الأعمال الإدارية في حال تجاوز حد السلطة، ومن بينها المراسيم والقرارات التنظيمية ومراسيم منح الجنسية.
الإقتراح كان سبق وتقدم به النائب السابق بطرس حرب والرئيس حسين الحسيني بعد إدخال تعديلات عليه أعطت الصفة والمصلحة لخمسة نواب بدلاً من نائب واحد، كما تمّ تحديد الأعمال الإدارية التي يمكن الطعن بها بدقة تفادياً لضرب مبدأ فصل السلطات.
مُقدِّمة الإقتراح يعقوبيان سعت لأن يكون عدد النواب ثلاثة كحد أقصى وإضافة الصفقات والعقود الإدارية ولم توفق عبر التصويت، وأكدت لـ”نداء الوطن” أن “أهمية هذا الإقتراح وبالتالي القانون عندما يصدر عن المجلس النيابي لاحقاً أنه يُعزز المحاسبة والرقابة وهما من صلب عمل النائب كما يُتيح له عندما يجد أن هناك استخداماً للسلطة بشكل خاطئ أن يُعيد الأمور إلى نصابها عبر القضاء من خلال المراجعة والطعن أمام مجلس شورى الدولة”. وأضافت: “كانت هناك تجربة بالطعن بمرسوم التجنيس، وكان رد مجلس الشورى على النواب أنكم لستم أصحاب مصلحة للطعن بالمرسوم، فهذا قرار إداري حتى لو كان يصدر عن رئيس الجمهورية”. وأوضحت يعقوبيان أنه “مع إقرار هذا القانون يُصبح بإمكان النواب التدخل لإيقاف أي قرار قد يصدر عن مجلس الوزراء أو عن وزير ويُمكن أن يؤدي إلى إيقاع الضرر بالبلد”.
واعتبر عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله أن إقرار هذا الإقتراح خطوة جيدة على طريق تعزيز المراقبة والمحاسبة، خصوصاً بعد تجربة الطعن بمرسوم الجنسية الأخير. وهو صوّت مع اقتراح اعتماد ثلاثة نواب بدلاً من خمسة.
أما عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص الذي كانت له المساهمة الأساسية في إعادة صياغة الإقتراح، فأوضح لـ”نداء الوطن” أنّ “نص الإقتراح راعى تعزيز الدور الرقابي وحدّ من الكيدية السياسية التي تخوّف منها البعض كما ألغى حجة الإغراق في عدد المراجعات أمام مجلس الشورى، وذلك من خلال تحديد عدد النواب بخمسة بدلاً من واحد أو ثلاثة، كما تمّ تحديد الأمور التي يحق فيها للنواب بالمراجعة والطعن تفادياً للمس بمبدأ فصل السلطات”.
وذكّر بمراجعة كتلتي “القوات” و”اللقاء الديموقراطي” أمام مجلس الشورى بشأن مرسوم التجنيس الأخير “والذي لم يصدر بشأنه أي موقف أو قرار حتى الآن، ربما لأن النواب ليسوا أصحاب صفة وهو أمر مستغرب حيث أعطي هذا الحق للجمعيات ولعدد من الجهات من دون النواب”.
ولفت عقيص إلى أنّ “إعتماد عدد خمسة نواب جاء بين منزلتي الثلاثة والعشرة وهو العدد المحدد لتقديم الطعون أمام المجلس الدستوري ولكي يتم تفادي الإغراق”.عضو لجنة الإدارة والعدل النائب مصطفى الحسيني الذي كان من مؤيدي إقتراح اعتماد ثلاثة نواب قال: “لم أكن من المتحمسين لهذا الإقتراح ولكن بعد تجربتي في اللجان النيابية وما نراه ونسمعه من غياب لدور أجهزة الرقابة وغياب السلطة القضائية المستقلة وبعد الدراسة، تبين أنه من المفيد السير بالإقتراح الذي لا يُعطي امتيازاً أو وساماً للنائب ولكن يسمح له بمراجعة القضايا وملاحقتها”.
وينص الإقتراح وفق ما أقر وحسب ما حصلت عليه “نداء الوطن” على الآتي:
“لا يقبل طلب الإبطال بسبب تجاوز حد السلطة إلا ممن يُثبت أن له مصلحة شخصية مباشرة مشروعة في إبطال القرار المطعون فيه.
فقرة إضافية كالتالي:
لخمسة من أعضاء المجلس النيابي على الأقل، الصفة والمصلحة اللازمتين لتقديم طلبات الإبطال المشتركة في ما بينهم، بسبب تجاوز حد السلطة، طعناً في الأعمال الإدارية التالية:
– مراسيم منح الجنسية اللبنانية.
– المراسيم أو القرارات المتعلقة بالهيكلية التنظيمية للإدارات والمؤسسات العامة وبأنظمة الموظفين أو المستخدمين وسائر العاملين لديها، الصادرة خلافاً لرأي مجلس الخدمة المدنية أو أي من الهيئات الإستشارية .
– المراسيم أو القرارات الصادرة خلافاً لرأي الهيئات الناظمة أو الهيئات المكلفة بإدارة قطاع معين أو مرفق عام، بشأن أعمال الوزارات التابعة لها تلك الهيئات.
– الأعمال الإدارية المتعلقة بالبيئة وبالآثار والأملاك العامة.
وقد اقترحت يعقوبيان إضافة (الأعمال المتعلقة بالعقود الإدارية والصفقات العمومية وإدارة المرافق العامة)، لكن هذا الإقتراح واقتراح اعتماد ثلاثة نواب سقطا بالتصويت حيث نالا فقط أصوات يعقوبيان وعبدالله والحسيني.
وقد لوحظ غياب نواب كتلة “التنمية والتحرير” أعضاء لجنة الإدارة عن الجلسة وهم: غازي زعيتر وعلي خريس وهاني قبيسي، إلا أن الرهان يبقى على وصول الإقتراح إلى الهيئة العامة لمجلس النواب وإقراره ربما بصيغة مختلفة وتعديلات إضافية.