تبدو مواقف رئيس الحكومة سعد الحريري متناقضة، فهو من جهة يدعم “حزب الله” ويوفر له الغطاء السياسي من خلال مجلس الوزراء، ومن جهة أخرى يعتبره قوة إقليمية يجري التحاور معها.
وقد علّق مصدر في تيار “المستقبل” على هذا المواقع بالقول: “الجميع يعلم الحقيقة: إذا كان الحريري ينافق على الحزب، كذلك، فإن العكس صحيح”.
وأشار المصدر، عبر وكالة “أخبار اليوم”، إلى أن “الحريري يسعى بعد سنوات من المواجهة منفردا، لم يكن هناك أحد إلى جانبه، إلى الاتجاه نحو ما يؤمّن المعالجة على المستوى الاقتصادي”، موضحا أن “القرار الذي اتخذه الحريري هو المهادنة على المستوى الداخلي، وفي الوقت ذاته محاولة إدخال بعض الأموال إلى البلد إلى جانب الحماية بانتظار المرحلة المقبلة التي لم تتبلور بعد على مستوى المنطقة، حيث ليس لدى لبنان فيها أي تأثير عملي أو سياسي بل هو متلقٍ وقد يكون الحلقة الأضعف”.
وفي أي اطار تندرج زيارة الحريري إلى واشنطن وما ظهر فيها من ودّ وصداقة؟ قال المصدر: “قد تكون تلك العلاقة “غرام وانتقام”، ففي وقت كان الحريري يلتقي “صديقه” بومبيو كان الأخير يلاحق “حزب الله” إلى آخر رمق. ثم عاد الحريري إلى لبنان ليتكلم عن “حماية البلد”، مضيفا: “كل هذا يصب في إطار المهادنة في انتظار الصورة التي سترسو إليها المنطقة، وها هي “صفقة القرن” تؤجل لأنه لم يتم بعد تلمّس الخطوط الكافية لإنجاحها”.
وتابع: “يُفهم من أداء الحريري اأن هناك مَن يقوم بالنيابة عنه في مواجهة “حزب الله” بهدف التركيز على الاقتصاد في محاولة لإنقاذ البلد”، لافتا إلى أن “الحزب” يدرك هذا الواقع”، وقال: “حين يشكر “حزب الله” الحريري فإن هذا الشكر “مسموم”.
ولفت المصدر إلى أن “حزب الله” على المستوى الداخلي يحظى بالاحتضان، أما ما يؤثر عليه فعليا فهو الوضع الإقليمي من سوريا إلى العراق وصولًا إلى الأكثر أهمية أي الوضع الاقتصادي الإيراني”.
وشدد المصدر على أن “الحريري يسعى إلى توفير أموال تدخل إلى البلد وإلا سنكون أمام حالة انهيار، بغض النظر عما إذا كان “حزب الله” موجودا أم لا، أما إذا حصلنا على الأموال فيستطيع لبنان أن يصمد لفترة إضافية، خصوصا وأن الدول الغربية تتفهّم وجود مليون ونصف مليون لاجئ سوري وتتفهّم هيمنة “حزب الله” على الداخل إلى جانب تداعيات عدم وضوح الرؤية في المنطقة. لذا فإن الدول الغربية قد تمدّ لبنان ببعض الأوكسيجين (أي المال) في عملية إحياء إلى يوم آخر، خصوصا أنه لا يوجد حل وكأنه “يعطي المريض الدم والأوكسيجين ليعيش حتى اليوم التالي وعندها نرى ما يمكن فعله”.
وأردف: “الوضع اللبناني يحتاج إلى عملية أمنية اقتصادية وسياسية في آن، وربما يكون الاقتصاد هو الأسهل كون إمكانية ضخ الاستثمارات أسهل لكن النتائج غير سريعة. وبالتالي التحسن الاقتصادي لن يظهر فعليًا إلا بعد 4 أو خمس سنوات، مع العلم أن الإصلاح يجب أن يكون عملية متدرجة وذكية”.
وختم: “الإصلاح يجب أن يبدأ بـ”الرؤوس الكبيرة” وإلا تدريجيا ستعود الأمور إلى ما كانت عليه. أما عن اجتماع بعبدا، فقال: ما حصل همروجة، وإذا صحّ الكلام، التحسن المنتظر لن يتحقق بين ليلة وضحاها. وعن الشق الأمني والسياسي؟ فقال: إنه مرتبط بما هو محضّر للبلد وللمنطقة ككل”.