كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:
يتمهّل النائب نهاد المشنوق في إعلان مواقفه. فبعد ثلاثة أشهر من الكلام الذي أطلقه من دار الفتوى متحدثاً عن وجود عيد أضحى واحد “مرّة واحدة في السنة”، وفتح باب خلاف لا يزال مستمرّاً بينه وبين الرئيس سعد الحريري، وبعد عشرة أيام من العدوان الإسرائيلي على الضاحية، خرج في احتفال للحجاج أقامته “الحملة السعودية اللبنانية” موجّهاً تحيّة “إلى روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي ترك فراغاً كبيراً جداً” وإلى الأمين العام لمجلس الوزراء الراحل سهيل بوجي، قبل أن يوزع رسائله تجاه رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري، الأول من باب التماسه العذر لعدم مناقشة الاستراتيجية الدفاعية والثاني ولو من دون أن يسميه من باب تعدي الغير على صلاحيات مجلس الوزراء.
كانت أكثر من لافتة تلك المواقف التي أطلقها المشنوق قبل يومين. إعتبر أنّ “ما حصل في الضاحية هو خرق إسرائيلي واضح واعتداء، لأنّ سماء الضاحية ليست سماءً مستقلّة وليست سماءً تخصّ فريقاً”، وصف عنصري “حزب الله” اللذين سقطا في سوريا جراء الاعتداء الاسرائيلي بالشهداء. ودعا إلى مناقشة “استراتيجية دفاعية تعيد للبنان مواصفات الدولة الطبيعية”. ربط المشنوق بين الازدهار والنمو الاقتصادي ومناقشة هذه الاستراتيجية، وذهب بعيداً إلى حد القول “لا نفط ولا غاز، من دون الاتفاق الجدّي والحاسم على الاستراتيجية الدفاعية اللبنانية”. وقال ممازحاً حول فكرة الدولة: لا أدعو إلى إيقاظ فتنة أو إلى مواجهة، بل إلى التأكيد على دور الدولة، حتى لا نصير مثل نكتة “وينيّ الدولة”.
تمايز المشنوق في موقفه عن مواقف رئيسي الحكومة الحالي سعد الحريري والسابق فؤاد السنيورة لا سيما من ناحية الربط بين الازدهار الاقتصادي والشروع في مناقشة الاستراتيجية الدفاعية للدولة. وبمعنى آخر هو يخالف المطمئنين باستمرار إلى نتائج مؤتمر “سيدر” على الاقتصاد إلى حد التشكيك في الآمال المعقودة عليه لا سيما في ظل التصنيفات السلبية للبنان اقتصادياً وفي ضوء الكلام غير الايجابي للمبعوث الفرنسي المكلف متابعة مؤتمر “سيدر” بيار دوكان الذي قال أمس بصريح العبارة “الوضع طارئ للغاية ولم نجد اي مؤشر اقتصادي أو مالي ليس سيئاً”.
وليس بعيداً من الفرنسي يقرأ المشنوق في الموقف الاميركي السلبي تجاه لبنان الذي يدفع ثمن النزاع الأميركي – الإيراني وفي ظل كل تلك المعطيات وغيرها لا يعتقد المشنوق “أنّه سيكون سهلاً الوصول إلى نتيجة في الوقت المناسب”.
مصوباً سهامه نحو رئيس الحكومة، يلفت المشنوق إلى “قرارات يتّخذها مجلس الدفاع الأعلى خلافاً للدستور، الذي يقول إنّ مجلس الدفاع الأعلى ينفّذ قرارات مجلس الوزراء”، رافضاً “استعمال هذه الصيغ لاختصار مجلس الوزراء في هيئات، أيّاً كانت أهميتها وأهميّة الأشخاص الذين يشاركون فيها، لأنّ هذا يشجّع على المزيد من خرق الدستور. وهذه ليست المرّة الأولى ولا الأخيرة التي يُخرق فيها الدستور”.
ولعلها المرة الأولى التي يتحدث فيها وزير الداخلية السابق عن أنه ناقش رئيس الجمهورية في موضوع الاستراتيجية الدفاعية مرّات عديدة: “وبصراحة كان متحمّساً ومتفهّماً لهذا المنطق” غير أنه انتقد حديثه عن “إضافات طرأت على موضوع الاستراتيجية الدفاعية، جعلت مناقشتها أصعب من قبل”. ومن وجهة نظره أن “التأجيل ليس في مصلحة لبنان ولا اللبنانيين، بل على العكس تماماً، سيؤدي أكثر وأكثر إلى تراجع الثقة الدولية بلبنان وتراجع الدفاع الدولي عنه وتراجع التمسّك الدولي والعربي باستقراره”.
ومقابل غمزه من قناة رئيس الجمهورية أشاد المشنوق بقائد الجيش العماد جوزاف عون “القادر” على أن “يقاوم ويردّ العدوان وأن يقوم بدور يحفظ كلّ لبنان وكلّ اللبنانيين”.
على صراحة ما ضمّنها من مواقف، لا يمكن توصيف ما قاله المشنوق بانه موجه ضد “حزب الله” حتى لناحية الموقف من الاستراتيجية الدفاعية وضرورة الشروع في مناقشتها. هو لم يتحدث عن نزع سلاح “حزب الله”، فضلاً عن توصيفه لعنصري الحزب بـ”الشهداء” طالما أنهما سقطا جراء اعتداء اسرائيلي ولو في سوريا، والحديث عن “المقاومة” ولو من باب المطالبة بوجود “الحدود بين دور الدولة ودور المقاومة، حدود لا يحقّ لأحد أن يلغيها، وكلّ طرف عليه أن يقوم بمسؤوليته وما عليه، بالتشاور والمشاركة والتفاهم”، رغم رفعه السقف قائلاً: “ليس مسموحاً ولا منطقياً ولا مقبولاً أن تتحوّل الدولة، في لحظة، إلى مجرّد قوة إسناد قانوني وشرعي للقرار المستقلّ لـ”حزب الله”، صراحةً ومن دون مواربة”.