Site icon IMLebanon

من يفكّ أسر “أعمدة بعلبك”؟

كتب يوسف منصور في “نداء الوطن”:

تشكلّ الآثار أحد أهمّ المقوّمات البشرية للسياحة ورافداً أساسياً للإقتصاد يسهم في تغذية خزينة الدولة، إذا كانت تترنّح تحت عبء العجز الدائم كما لبنان، وتسهم في رفد مالية السلطة المحلّية التي تقوم مقام الدولة في الحفاظ على تلك الآثار وتشغيلها لتعود بالفائدة على الجميع، وتجذب أنظار العالم بجماليّتها والتي تتفرّد قلعة بعلبك بالوافر منها.

عندما زار أحد المسؤولين البريطانيين قلعة بعلبك ورأى تلك الأيقونة البشرية التي نحتها الفينيقيون، قال: لو هذه القلعة موجودة في بريطانيا لما أخذت الدولة ضرائب من المواطنين لمدى الحياة. كان يعلم هذا البريطاني حجم ومقدار تلك الثروة التي بين أيدينا، والتي تحتاج للعناية الكافية والإدارة اللازمة في تسويقها عبر العالم كأحد المعالم السياحية الفريدة من نوعها، لكنه لم يكن يعلم أن القلعة موجودة في منطقة تفتقر إلى الرؤية السياحية النيرة، وتخضع لسلطة لا تعطي تلك القيمة أي اهتمام.

أكثر من ثلاث سنوات وقلعة بعلبك تخضع إلى عملية ترميم هي الأولى من نوعها منذ عهد الإنتداب الفرنسي، وفق رئيس بلدية بعلبك السابق حسين اللقيس، الذي أشار في أيار المنصرم خلال لقاء مع مجلس الإنماء والإعمار ومديرية الآثار إلى أن أعمال الترميم التي طاولت معبد جوبيتر وأعمدة القلعة، ستنجز خلال شهر من تاريخه وسترفع السقالات الحديدية التي تحتجز أعمدة القلعة وتسجنها وذلك قبل مهرجانات بعلبك الدولية. بدوره أكد المدير العام للآثار سركيس خوري أن أعمال الترميم هي للحفاظ على أحجار القلعة المهددة بالسقوط وهو ما سيعطيها عمر مئتي سنة إلى الأمام، أما مهندس المشروع من قبل مجلس الإنماء والإعمار، فأكد أن الخطة هي استحداث مدخل ومخرج جديدين للسياح يلحظان استفادة أبناء المدينة والسوق التجاري من الحركة السياحية، بشكل تستقبل معه القلعة من مليون إلى مليوني سائح في السنة.

مرّت مهرجانات بعلبك الدولية وانتهت أعمال الترميم في المرحلة الثانية، ولا تزال أعمدة قلعة بعلبك أسيرة السقالات الحديدية التي تشوه ذلك المنظر الطبيعي، تنتظر من يرفع ذلك الظلم عنها من بلدية ومديرية آثار سيما أن التجربة في مرحلة الترميم التي طاولت معبد باخوس كانت غير ناجحة ومشجعة لجهة استعمال طرق ترميم بدائية كالضرب بالرمل، والإستعانة بعمال غير متخصصين ما أدى إلى تحطم أجزاء من منحوتات صخرية وتشوهات في النقوش الأثرية، ما فتح باب النقاش حول المستفيد من ضرب ذلك المعلم الأثري بترميم مشوّه.

يؤكد مصدر مطلع لـ”نداء الوطن”، أن “أعمدة قلعة بعلبك تطلق اليوم صرخةً علّ من يسمع، وتنتظر من يفرج عنها، ويدفع كفالة تلك السنين التي احتجزت خلالها داخل أعمدة حديدية رغم انتهاء أعمال الترميم”، ويضيف أن “الخطة التي وضعت لتغيير مدخل القلعة ومخرجه ليستفيد تجار المدينة وينعم سوق بعلبك بأموال السياح لا تزال على حالها من دون إنجاز، وتنجز تلك الخطة عندما تقوم بلدية بعلبك بتحسين خطة السير الى مدخل المدينة ومخرجها لتلحظ دخول السياح وخروجهم اليها ككل وليس إلى القلعة فقط، حيث تقتصر السياحة على القلعة ويعود السياح أدراجهم إلى زحلة من دون شراء طعام وما شابه من مدينة بعلبك إضافةً إلى المنامة”، وسأل المصدر عن دور البلدية في تحفيز السياحة الأثرية وكأن المراد فقط تحفيز السياحة الدينية حيث يجاور القلعة مقامٌ ديني يُعطى كل الاهتمام.