كتبت ماريانا معضاد في جريدة “الجمهورية”:
السكري مرض يكون فيه مستوى جلوكوز الدم (السكر) مرتفعًا جدًا، حيث يقوم الجسم بتكسير الطعام إلى جلوكوز ويحمله إلى الخلايا في جميع أنحاء الجسم، وتستخدم هذه الخلايا هرمونًا يسمّى الأنسولين (Insulin) لتحويل الجلوكوز إلى طاقة. ولا يتوقف تأثير مرض السكري السلبي عند عضو معيّن أو جهاز محدّد بل إنّ تأثيره يمتد إلى جميع أعضاء الجسم بلا استثناء، فيشمل القلب ووظائفه والكبد والكلى، بالإضافة إلى البصر والعظام والجلد. كما أننا لو تحدثنا عن علاقة مرض السكري بأمراض القلب لوجدنا أنّه لا يقتصر تأثير مرض السكري على القلب أو على الشرايين فقط، بل إن تأثيره يصل إلى الجهاز الدوري بأكمله.
في حديث لـ»الجمهورية»، قال الدكتور الياس عيد، أخصائي أمراض داخلية وأمراض القلب، إنّ «مرض السكري نوعان: النوع الثاني، وهو وراثي، ويحدث جرّاء ضعف في إفرازات الإنسولين في البنكرياس، والنوع الأول، يحدث جراء خلل جيني وتحوّل في جسم المريض حصل فيما كان جنيناً في بطن أمه. وبعد أن يولد الطفل، يتبيّن أنّه يعاني من مرض السكري. وعادةً، يتم اكتشاف الحالة عند الولادة، أو في أول 10 إلى 15 عاماً من حياة المريض».
العوارض، التشخيص، والعلاج
في معظم الحالات، لا تظهر عوارض واضحة على مرضى السكري. بحسب د. الياس الذي أضاف: «يتم تشخيص السكري من خلال فحص الدم. وتشمل العوارض المحتملة التبوّل المتكرّر بوتيرة زائدة عن اللزوم، فقدان الوزن بسبب التبول المتكرر، والعطش الشديد. هذه هي العوارض الأساسية. ويُعالج مرض السكري نوع 1 بحِقن إنسولين، ولكنه لا يتجاوب كثيراً مع الأدوية، وما من علاج آخر متوفر. لكن مؤخراً، بدأنا اللجوء إلى زراعة خلايا البنكرياس الجذعية، وقد تكون هذه خطوة المستقبل في علاج السكري. أما السكري نوع 2، فيتضمن عدة وسائل، وعندما يصل البنكرياس إلى أقصى درجة ضعف، نبدأ بحقن الإنسولين».
الصلة بين السكري وأمراض القلب
في غالب الأحيان، يصيب مرض السكري، وفقاً لد. الياس الأشخاص الذين لا يتّبعون أسلوب حياة صحياً: «زيادة في الوزن، ارتفاع الضغط والكولسترول، عدم ممارسة الرياضة، التدخين، الأكل غير الصحي، تناول مفرط للحلويات… فضلاً عن الاستعداد الوراثي بالطبع. كل هذه الأمور عوامل خطر لأمراض القلب أيضاً. وفي الحقيقة، يُحدِث السكري تفاعلات في الشرايين الصغيرة (في العين، الكلى، القلب، أو أي شرايين في الجسم)، فيسرّع النشاف وتصلّب الشرايين. ويؤدي ذلك لدى مرضى السكري، توازياً مع عوامل الخطر المذكورة سابقاً، إلى أمراض القلب. ومن النادر أن نجد مريضاً يعاني من السكري لا يعاني من ضغط مرتفع مثلاً. كل ذلك يؤدي إلى زيادة كبيرة في نسبة الجرحات القلبية ونشاف شرايين القلب. لذلك، تقول بعض المراجع إنّ من يعاني من مرض السكري حاله كحال من تعرّض لجرحة قلبية».
علاج أمراض القلب لدى مرضى السكري
أشار د. عيد إلى أنّ «علاج أمراض القلب لدى مرضى السكري هو نفسه علاج أمراض القلب في الحالات العادية. ولكن نلاحظ عند فحص مرضى السكري المصابين بأمراض قلبية، أنّهم يعانون من تآكل الشرايين أكثر من مرضى القلب الذين يمتلكون عوامل خطر أخرى كالتدخين فحسب مثلاً. لذلك، يُعطَى علاج مرض القلب لدى مرضى السكري بعدوانية وقوة أكبر. حيث أولاً، يتم علاج العوارض، ومن ثم نجري (ميل) للكشف عن حالة الشرايين. ثم يأتي التدخل الطبي، وبالطبع ضبط عوامل الخطر (الضغط، والكولسترول، إلخ)».
وسائل الوقاية من أمراض القلب لدى مريض السكري
سلّط عيد الضوء على اعتبار الأطباء مريض السكري «في خطر كبير للإصابة بأمراض القلب. لذا نشدّد على ضرورة الحفاظ على الضغط في مستويات متدنية، فضلاً عن الكولسترول والتريغليساريد، كما نشدّد أيضاً على ضرورة خسارة الوزن واتباع حمية غذائية صحية… كل ذلك ليس لعلاج السكري بحد ذاته، بل لضبط عوامل الخطر الأخرى المرافقة التي تؤدي إلى أمراض القلب. وثمة أدوية اليوم تُعطى للسيطرة على السكري، وهي تحمي في الوقت عينه بنسبة معينة من الوفاة جراء أمراض القلب. وثمة فئة أدوية جديدة تُخرج السكري من الجسم ومن الكلى، كما تخفّض الضغط بنسبة قليلة وتحمي بنسبة 30% من أمراض القلب لا سيما ضعف القلب لدى أمراض السكري».
النظام الغذائي النباتي بالكامل أفضل وقاية؟
يقول د. الياس: «ما من إفادة جراء التوقف التام عن تناول مغذ معين. صحيح أنّ الخضار وأنواعاً محددة من الفاكهة غنية بالفيتامينات، ولا تمتلك الكثير من السعرات الحرارية، وهي تساعد على ضبط أمراض القلب وتخفيف نسبة مرض السكري. والأساس هو اتباع حمية غذائية فيها كمية سعرات حرارية متدنية، وكمية كربوهيدرات منخفضة، وتجنّب السكر المضاف والحلويات العربية. ولكن من الضروري أن يستهلك الفرد البروتينات والدهون الصحية (مثل زيت الزيتون)، ولا يقطعها عن حميته الغذائية. فتناول السمك مثلاً أمر صحي جداً، إذ يوفر السمك للإنسان الأوميغا 3 وبروتينات يحتاجها الجسم. ولكن لا ننكر أنه يمكننا تناول البروتينات من مصادر أخرى مثل التوفو والصويا وغيرها».
وختم حديثه متوجّها إلى مرضى السكري: «انتبهوا كثيراً الى صحتكم، واستشيروا الطبيب لدى ظهور أول إشارة. وأريد أن أذكر هنا أنّ الكثير من مرضى السكري يعانون من نشاف صامت في الشرايين ولا يشعرون بشيء، إذ يخل السكري بالأعصاب التي تسمح للدماغ بإشعارك بالألم. لذا من الضروري السيطرة على صحة القلب والشرايين وممارسة الرياضة واتباع نظام حياة صحيح».