تكاد “القوات اللبنانية” تكون الوحيدة من مكوّنات الحكومة الراضية والمُقتنعة، بالتحذيرات التي اطلقها المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة مؤتمر “سيدر” بيار دوكان من دون مواربة او مهادنة. فما قاله الدبلومسي الفرنسي وبلهجة صارمة عن ان “لا حلَّ سحرياً قد يحل كل المشاكل، لا اكتشاف النفط ولا غيره، وبان الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التأخير، ولا بد من البدء بالإجراءات المطلوبة، لأن الوقت يداهمنا ولا يمكن ان نستمر بالجدالات اللامتناهية هذه”، ودعوته بشكل واضح إلى تفعيل عمل الهيئات الناظمة”، ليس بعيداً من طرحها عند كل استحقاق حكومي، وهي التي بُح صوت رئيسها سمير جعجع ووزرائها وهم يدعون الى اقرار اصلاحات ضرورية وداهمة، تبدأ في قطاع الكهرباء مع تشكيل الهيئة الناظمة ولا تنتهي عند وقف التوظيف في القطاع العام وضبط التهريب.
ووفق المثل الشائع “الكنيسة القريبة ما بتشفي”، سبقت القوات دوكان الى رسم خريطة النهوض الاقتصادي ووقف التدهور ما جعلها في حال من التصادم مع الحلفاء قبل الخصوم، كان اخر تجلياته دعوة جعجع خلال طاولة الحوار الاقتصادي – السياسي في بعبدا الى تشكيل حكومة اختصاصيين، تواكب مرحلة “الانذار الاقتصادي” الاخير الذي اطلقته وكالات التصنيف وربطته بمهلة الستة اشهر.
ويقول عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب وهبي قاطيشا لـ”المركزية”: “بُحّ صوتنا داخل هذه الحكومة وقبلها ونحن ندعو الى بدء ورشة الاصلاحات المطلوبة منّا لكن دون جدوى، الى ان اتى دوكان وواجههم بالحقيقة واضعاً الاصبع على الجرح”، معتبراً “ان تحذيرات دوكان تتطابق مع مقاربتنا للوضع الاقتصادي، وهو اعطانا Credit لسلوكنا خيار المعارضة من الداخل من اجل الشروع بالاصلاحات”.
واضاف “دوكان وضع الاساسات امامنا كي نبدأ بها ورشة الاصلاحات، وهي باتت معروفة لدى الجميع والا فاننا سنُفوّت علينا فرصة “سيدر”. نحن نؤيّد ما قاله مئة بالمئة وتحذيره رسالة فرنسية – دولية بضرورة البدء بالاصلاح من خلال الانتقال من الشقّ النظري الى العملي، ولعل الخطوة الأولى في هذا المجال تكون في موازنة 2020 بتضمينها بنوداً اصلاحية تطال كبار المحميات كالتحصيل الجمركي وضبط التهريب عبر المرفأ والمعابر الشرعية وغير الشرعية، فضلاً عن تشكيل الهيئات الناظمة للكهرباء والاتصالات واقرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.
ولفت قاطيشه الى “ان ثقة المجتمع الدولي بالمسؤولين على المحكّ وزمن المعجزات ولّى كما اوحى دوكان، وامامنا مهلة قصيرة لاستعادة جزء من هذه الثقة وإلا فان مصيرنا الانهيار الاقتصادي”.
واكد قاطيشا رداً على سؤال “ان مقاربتنا لموازنة 2020 لن تختلف عن سابقتها، فاذا لم تتضمّن اصلاحات اساسية فلن نسير بها. الوقت يُداهمنا ولا مجال “للدلع” بعد اليوم”. وشدد على “ان حكومة الاختصاصيين باب خلاص للبلد في هذه المرحلة التي تتطلّب تقنيين لا سياسيين”.