بعد يوم واحد، من إعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن استقالة مبعوثه للسلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، خرج وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو الجمعة الفائت بتصريح لافت بتوقيته ومضمونه كشف فيه “ان ترامب يستعد للإعلان عن رؤيته لخطة السلام في الشرق الأوسط المعروفة بـ”صفقة القرن” والتي باتت جاهزة خلال الأسابيع المقبلة”.
استقالة غرينبلات “المفاجئة”، جاءت قبيل الموعد المُرتقب لإعلان الإدارة الأميركية عن الشقّ السياسي لصفقة القرن، الذي سيتم بعد الانتخابات الإسرائيلية للكنيست، المقررة في 17 الجاري، وهو ما فتح الباب امام جملة تساؤلات منها: هل ان استقالة المحامي العقاري للرئيس الاميركي الذي عيّنه “ممثلاً خاصاً للمفاوضات الدولية ومسؤولاً عن خطة السلام الاسرائيلية- الفلسطينية في الشرق الاوسط، ستقضي على مشروع السلام العادل والدائم وبالتالي نهاية ما يُعرف بـ”صفقة القرن”؟ ام ان خطوة غرينبلات طوعية رغبة منه بتسريع المشروع وافساح المجال امام صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنير ان يتولى العملية ويقودها في مرحلة الكشف عن مضمون الصفقة للحلفاء والاصدقاء والمعنيين والاستعانة بأحد رفاقه المحامي آفي بروكفيتز(يهودي ارثوذكسي مثله) انضم الى شركات عائلة ترامب وهو الذراع اليمنى لكوشنير وله مثل الاخير علاقات عميقة مع اسرائيل؟
وبإنتظار ما ستحمله الايام المقبلة من اجابات عن هذه التساؤلات، اشارت اوساط دبلوماسية الى “ان كوشتير سيعلن عن مضمون خطة السلام بعد إنجاز اسرائيل لانتخاباتها التشريعية”.
ومع ان تعيينه جرى كـ”مبعوث للمفاوضات الدولية”، إلا ان عمله انحصر في الواقع بالموضوع الفلسطيني الإسرائيلي وكان اليد اليمنى لكوشنير في طرح فكرة “صفقة القرن” وهندسة مشروعها الذي لم يبصر النور بعد، رغم تأجيل إعلانه عدة مرات لأسباب زعمت الإدارة انها تتعلق بالتوقيت المناسب الذي لم تتوفر ظروفه بعد،
ابدت الاوساط الدبلوماسية “خشيتها من ان تترك خطوة غرينبلات شكوكا حول “نجاح” “صفقة القرن” بعدما تبين انه فشل في ترتيب اي لقاء مع المعنيين بالملف نتيجة القطيعة الفلسطينية لادارة ترامب على اثر اعتراف الاخير بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الاميركية اليها اضافةً الى وقف واشنطن تمويل “الاونروا” مع دعم المواقف والخطوات التي تقوم بها اسرائيل دائماً تحت عنوان “الدفاع عن النفس”.
وذكّرت الاوساط “بمواقف عدة لغرينبلات لم يتردد خلالها في الانحياز لاسرائيل دون الاشارة الى مبدأ حل الدولتين وفق قرارات الامم المتحدة”.
ومع استقالته، يعود ملف الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني بعهدة كوشنير مع توقّع إنضمام المحامي براين هوك المسؤول عن الملف الايراني الى فريق عمله اضافةً الى السفير الاميركي لدى اسرائيل دايفيد فريدمان. وبذلك يُصبح ملف استراتيجي يتقلّب الشرق الاوسط منذ سنوات على تطوراته في يد “مجموعة شباب” يفتقدون الى الخبرة ومعرفة تاريخ المنطقة وهو ما شكّل مصدر انزعاج لدى مسؤولين اميركيين سابقين، معتبرين ان ذلك يعكس انخفاضاً في مستوى التعاطي وجهلاً بحقيقة وواقع وخطورة الازمة القائمة منذ سنوات.
وتنقل الاوساط الدبلوماسية عن هؤلاء المسؤولين قولهم “ان مقاربة ملف خطير كهذا، يشغل العالم لسنوات واسناد المهمة لشباب تنقصهم الخبرة لن تؤدي الا الى مزيد من التعقيدات”، مقترحين أن يتولى المهمة وزير الخارجية مايك بومبيو نظراً لخبرته بواقع الامور في المنطقة تماما كما كان يتولى نظراؤه السابقين الملف.
واعتبرت الاوساط “ان الدول العربية المعنية بالقضية لا يُمكنها الموافقة على صفقة القرن حتى لو تم الكشف عن مضمونها، بإعتبار انهم اصحاب القضية ويدعمون موقف الفلسطينيين منها”، واشارت الى “ضرورة ترقّب موقف ايران التي دخلت على خط ملف الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي وما اذا كانت ستستخدمه كورقة ضغط في المنطقة لخدمة اجندتها ومشروعها السياسي”.