Site icon IMLebanon

“الإشتراكي” و”المستقبل”… طريق التسوية لن توصل إلى “قصر المهاجرين”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

تمرّ في كل فترة ملفّات ومواضيع حسّاسة على الساحة السياسيّة الداخلية وتكون في معظمها جدليّة وخلافيّة، ومن أبرز تلك المواضيع مسألة التطبيع مع النظام السوري.

في السياسة، لا يمكن القول إن نظام الرئيس السوري بشّار الأسد ما زال موجوداً لأن سوريا أصبحت تحت السيطرة الروسيّة المباشرة، فلولا تدخّل روسيا لكان النظام سقط منذ مدّة، كذلك، فإن سوريا أصبحت ساحة مشرّعة لكل التدخلات الدوليّة، فلكل دولة فاعلة منطقة نفوذ وتواجد في بلاد الشام.

لكن عملياً، فإن النظام السوري لم يسقط وما زال الاسد رئيس البلاد، وقواته متواجدة وتُمسك المداخل والمعابر بين لبنان وسوريا، ولا يمكن القول ان النظام غير موجود على الأرض.

وأمام كل هذه الوقائع، حاول “حزب الله” ومعه قوى “8 آذار” إعادة تطبيع العلاقات مع النظام، فتمّت مواجهة هذه المحاولات بموجة رفض مطلقة من قِبل الثلاثي “القوات” و”المستقبل” و”التقدّمي الإشتراكي”.

وكانت مسألة النزوح السوري في لبنان الممرّ والمدخل لقوى “8 آذار” و”التيار الوطني الحرّ” لتمرير مسألة التطبيع مع النظام، لكن هذا الأمر لم يمرّ على قوى “14 آذار” التي تصدّت له بقوّة.ويحاول البعض تسويق فكرة أنّ تمسّك رئيس الحكومة سعد الحريري بالتسوية الرئاسيّة وتحالفه مع رئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل، من ثمّ لقاء اللقلوق بين باسيل ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، ولقاء عين التينة بين “حزب الله” والحزب “التقدّمي الإشتراكي” ستُعيد كلها التموضع السياسي لهذه القوى، وربما فتح صفحة جديدة مع النظام السوري، في حين يدرك الجميع ان موقف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ثابت في هذه النقطة ويرفض التطبيع بالمطلق.

في 19 كانون الأول 2009، كسر الرئيس الحريري كل الحواجز، والتقى الرئيس الأسد في دمشق، وأتت هذه الزيارة بعد أشهر على فوز قوى “14 آذار” بالإنتخابات النيابية. وعلى رغم الإتهامات بقتل النظام للرئيس الشهيد رفيق الحريري، إلا أن المتطلبات السياسية في تلك المرحلة جعلت الحريري يتخطّى كل شيء ويلتقي خصمه الأسد.

وما هي إلا أشهر، وفي 31 آذار 2010 بالذات، تخطّى جنبلاط بدوره كل مرحلة ما بعد 14 شباط وزار الأسد في دمشق وفتح صفحة جديدة لم تدم طويلاً.

التاريخ المفصلي كان 15 آذار 2011، حيث انفجرت الثورة السورية من درعا، فوقف كل من الحريري وجنبلاط في صفوف الثوّار، وعادت القطيعة مع النظام السوري.وعلى رغم كل ما يُحكى عن العودة القوية للأسد، إلا أن لا الحريري ولا جنبلاط في وارد إعادة وصل ما انقطع مع النظام، خصوصاً أن عوامل عدّة تحول دون ذلك، وسط تأكيد الرجلين أنه لن يكون هناك أي تخلّ عن الثوابت الكبرى ومن ضمنها العلاقة مع نظام الأسد.

ويحاول الحريري أن يؤمّن مظلة أكبر تحمي لبنان من التدخلات السوريّة في المرحلة المقبلة، وهذه المظلّة تأتي من واشنطن التي زارها منذ مدّة، ومن موسكو، سيّدة اللعبة في سوريا، التي يشبك معها الحريري أفضل العلاقات، وبالتالي فإن “بيت الوسط” مطمئن إلى عدم عودة نفوذ النظام السوري، ولن يضطّر الحريري إلى التعامل معه كأنه أمر مفروض على لبنان.

ولا يؤشّر تمسّك الحريري بالتسوية وتعايش جنبلاط تحت سقفها، إلى أن عقارب الساعة ستعود إلى الوراء، وسط التأكيد المشترك أن طريق التسوية لن تصل إلى قصر المهاجرين مجدداً.

وفي الموازاة، فإن نغمة إعادة التنسيق مع النظام غير مطروحة في مجلس الوزراء، مع تأكيد عدد من الوزراء أن هذا الأمر لم يُطرح على طاولة المجلس منذ مدّة، ولا علم لأحد بقيام عدد من الوزراء المحسوبين على فريق “8 آذار” بزيارات قريبة إلى سوريا.

ويأتي تأجيل هذا الملف، لأن الأولوية التي حدّدت في مجلس الوزراء هي للإنتاج وإبعاد الملفات الخلافية في هذه الفترة، كما أنّ لا رغبة سورية حالياً بإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، ويترافق كل ذلك مع الرفض المطلق من “القوات” و”المستقبل” و”الإشتراكي” ما قد يسبب شرخاً في مجلس الوزراء لا يريده فريق العهد في هذه الفترة.

ولا يستطيع أي فريق داخلي التحرّك وبناء سياسات على المدى البعيد من دون انتظار التسوية الدولية في سوريا، والتي لا تزال مستبعدة، في حين أن النظام ليس بحاجة إلى التدخل مباشرةً في الشأن اللبناني لأن “حزب الله” ورثه وبات حجر الأساس في اللعبة الداخليّة.