كتبت زينب حاوي في “الاخبار”:
في الأول من آب، شُلّت قناة «المستقبل» بشكل كامل. توقفت نشرات الأخبار، والبرامج السياسية والعامة، بعد إضراب نفذه الموظفون اعتراضاً على نكث الإدارة بوعدها لهم بإعطائهم مستحقاتهم المالية المتراكمة. في منتصف ذلك الشهر، أُبلغ هؤلاء عبر رسالة على «واتساب»، من قبل مدير العمليات في القناة عارف الإبريق أنهم في إجازات سنوية. بذلك، لم يعد الموظفون يداومون يومياً في «بيروت هول» (سن الفيل)، و«الإخبارية» (القنطاري) و«مبنى القنطاري» من دون أن يفعلوا شيئاً (حفظ حقوقهم قانونياً)، لوقف عداد رواتبهم التي تتراكم. أمل هؤلاء وقتها أن تكون بداية أيلول فسحة أمل لهم، باسترجاع حقوقهم المسلوبة على مدى سنوات. واليوم، يبدو أننا وصلنا الى خواتيم الملف الذي يقضي بطرد جماعي لكل الموظفين.
نتحدث عن أكثر من 350 موظفاً، اتُّفق على صرفهم جميعاً، بعدما كانت التسوية الأخيرة في حزيران الماضي، تقضي بطرد تعسفي لنصفهم تقريباً. يوم الجمعة الماضي، التقى المدير التنفيذي للقناة رمزي جبيلي، مع جزء من الموظفين بهدف الضغط لنقل وقائع «دورة حسام الدين الحريري» لكرة السلة، التي بدأت فعالياتها أول من أمس. وبالفعل، نقلت الشاشة الزرقاء المباريات، كاسرةً بذلك قرار الإضراب الشامل للموظفين. بعدها أبلغ جبيلي هؤلاء أنه سيصار الى صرفهم جماعياً، وسيتقاضون تعويضاتهم ورواتبهم من «شؤون الموظفين»، وعليهم انتظار البيان الرسمي في ذلك. على أن تتم جدولة الحقوق على مدى 24 شهراً لكل الموظفين. في حقيقة الأمر أن الصرف الجماعي حصل منذ نهاية الشهر الماضي، عندما توقف احتساب الرواتب، كون الموظفين في «إجازات مفتوحة». واليوم، يعلن الخبر على لسان جبيلي. حال الموظفين في الداخل، كمن يريد قشة النجاة بأي ثمن، ومهما كانت الآلية. أناس خدموا في التلفزيون لأكثر من خمسة وعشرين عاماً، تراكمت ديونهم وعاشوا ظروفاً اجتماعية وإنسانية قاسية، لعلّ تجلياتها ظهرت في الوقت الحالي، مع عجزهم عن تسجيل أولادهم في المدارس مع بدء الموسم الجديد، وتراكم الأقساط عليهم منذ العام الماضي، بسبب عجزهم عن سدادها.
إذاً، خواتيم الملف أفضت الى صرف جماعي لجميع الموظفين، وسط حديث جديّ عن دخول شركة مساهمة مستثمرة، تنتشل القناة من وضعها الحالي، عبر إعادة هيكلتها، وتحويلها الى قناة مصغرة، مخصصة للأخبار وللبرامج السياسية، مع فتح الباب للتوظيف حتى للمصروفين تعسفاً، بأن يعاد دخولهم الى «المستقبل»، لكن، بشروط الأخيرة، أي برواتب منخفضة جداً عن تلك التي كانوا يتقاضونها في السابق. هكذا، لن تقفل القناة التي يملكها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، لكن، على الطريقة العسكرية، سيتم «تطهير» الأرضية، والدخول في هيكلة جديدة، وسط حديث عن بقاء بعض الوجوه التي اعتادتها الشاشة وكانت فعلاً من الأذرع الدعائية للحريري. أما بخصوص بثّ برامج منوعة على الشاشة المستجدة، فإن هذا الأمر سيحصل على طريقة شراء المنتج من قبل القناة لا إنتاجه، أي اللجوء الى شراء البرامج جاهزة وعرضها على الشاشة الزرقاء، سعياً للتوفير.
هل سيصدق جبيلي في وعده مجدداً، وتسير الآلية (24 شهراً) كما يجب، ويستحصل هؤلاء على حقوقهم كاملة؟ أم أننا سندخل مجدداً في دوامة المماطلة؟ علماً بأن هؤلاء تقاضوا رواتبهم آخر مرة، منذ ثلاثة أشهر ونصف، وظّلوا الى اليوم، من دون قرش يدخل جيوبهم الفارغة!