كتبت بولا أسطيح في “الشرق الاوسط”:
في الوقت الذي تتكاثر دعوات نواب ووزراء «التيار الوطني الحر» لحزب «القوات اللبنانية»، لسحب وزرائه الـ4 من الحكومة ما دام هو يعترض على أدائها ويتحدث عن عدم إنتاجيتها، يبدو «القواتيون» مصرين على مواصلة العمل الحكومي لاعتبارهم أن المعارضة اليوم غير مجدية من الخارج من منطلق أن لا قوى وازنة تساندهم، كما أن ممارسة المعارضة من داخل مجلس الوزراء وبالتالي النجاح في عرقلة بعض المشاريع التي يعتبرونها «مشبوهة» بالتضامن مع فرقاء آخرين تجعل دورهم، على حد تعبيرهم، أكثر فعالية.
ورغم أن أداء «القوات» يزعج أكثر من فريق سياسي داخل الحكومة ومن بينهم تيار «المستقبل»، إلا أن «التيار الوطني الحر» يتولى وحيدا في هذه المرحلة انتقاد هذا الأداء وتوجيه الدعوات إلى استقالة وزراء «القوات». وقد وجّه عضو تكتل «لبنان القوي» النائب فريد البستاني دعوة صريحة لحزب «القوات» اعتبر فيها أن المطلوب أن يقتنع أنه آن أوان خروجه من الحكومة «لأنه يُسبب إنهاكها وإرباكها». وقال مصدر قيادي في «التيار الحر» لـ«الشرق الأوسط» إن «القواتيين يرغبون بالحفاظ على مغانم وتقديمات السلطة وبالوقت عينه على الشعبية التي تؤمنها المعارضة، وهذا أداء لا يمكن السكوت عنه لأنه يضر بالمصلحة العليا للبلد تحقيقا لمصلحة حزب معين».
وأدى موقف البستاني وغيره من نواب ووزراء «التيار» إلى سجال مع «القوات». وأكد النائب في تكتل «الجمهورية القوية» (القوات) عماد واكيم بقاء وزراء حزبه في الحكومة «للاستمرار بفضح الصفقات ومحاولة أحداث تأثير إيجابي من خلال عرقلة مشاريع نشتم منها رائحة فساد أو محاولة تمرير مشاريع أخرى للنهوض بالبلد كالمشروع الذي تقدمنا به لتحديد آلية للتعيينات في وظائف الفئة الأولى». وقال واكيم لـ«الشرق الأوسط»: «سبق أن مارسنا المعارضة من الخارج لكن تبين أننا لم نستطع إنجاز الكثير في هذا المجال، لذلك نحن نمارس حاليا المعارضة من الداخل ما يمكننا من تحقيق عمل أكثر وإن لم يكن على المستوى الذي نتمناه»، وأضاف «في المكان الذي نجد فيه فسادا نرفع الصوت ونحاول التصدي لما يتم التخطيط له، وهذا ما قمنا به بملف الكهرباء».
وأشار واكيم إلى أن حزبه يتفهم خلفيات دعوة «التيار الوطني الحر» «القوات» لسحب وزرائه من الحكومة، لافتا إلى أنه «يتوق لوضع يده على 4 وزارات إضافية والتخلص ممن لا يكف عن مضايقته من داخل مجلس الوزراء بإطار سعيه لتمرير مشاريعه». وشدد على أن «نجاح المعارضة من الخارج يستدعي وجود قوى أساسية وازنة إلى جانبنا لنضغط ونكون فاعلين، أما اليوم وما دام كل هذه القوى هي داخل مجلس الوزراء، فنحن باقون في الحكومة حتى إشعار آخر».
ويجلس حزب «الكتائب اللبنانية» وحيدا في صفوف المعارضة، بعدما سحب وزراءه من الحكومة التي كان يرأسها تمام سلام في العام 2016 اعتراضا على عدد من الملفات، وقاطع حكومة الرئيس سعد الحريري التي تشكلت بعد انتخاب الرئيس ميشال عون رفضا للتسوية الرئاسية كما حكومة الحريري الحالية بعدما عُرضت عليه المشاركة بوزير دولة واحد فرفض. أما حزب «القوات» فشارك في حكومتي الحريري لكنه تموضع في المعارضة في عهد حكومة سلام.
وأكد النائب في حزب «الكتائب» إلياس حنكش لـ«الشرق الأوسط» أن قرار البقاء في صفوف المعارضة تم عن وعي وقناعة وعلم منهم بأنهم سيدفعون الثمن من خلال محاصرة قوى السلطة لهم، لافتا إلى أن قرار سحب وزرائهم الـ3 من حكومة الرئيس سلام «كان سببه الرئيسي أننا اكتشفنا أننا غير قادرين على تحقيق أي شيء يُذكر ونحن أقلية في مجلس الوزراء».
وتحدث حنكش عن «ازدواجية في الدور الذي يلعبه حزب (القوات) حاليا. فلا هم مقتنعون بها ولا قواعدهم، خاصة أنهم يصابون بالنكسة تلو الأخرى». وأضاف: «لم يعودوا يحتملون البقاء في حكومة مماثلة ولا مغادرتها، لذلك وضعهم صعب. وكنا دعيناهم للانضمام إلى صفوف المعارضة أكثر من مرة، ونجدد هذه الدعوة وإن كنا نستبعد أن تلقى صداها لديهم».