كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:
أنجز مجلس الوزراء أمس التعيينات القضائية التي طال انتظارها، والتي تعكس أوساط العدلية وجود رضى نِسبي على الاسماء التي اختيرت كي تشغل أهم المواقع القضائية في الدولة. وحرص المعنيون، خلافاً لبعض التعيينات السابقة، على اختيار المرشحين بالاستناد الى الكفايات، وذلك لإرسال إشارات إيجابية إلى الداخل اللبناني المُنهك من تردّي عمل القضاء، وبخاصة خلال الفترة الاخيرة، كما إلى الخارج الذي أصبح ملمّاً بأدق التفاصيل اللبنانية الداخلية التي يبدو أنّه يبني عليها لاتخاذ مواقف تتعلّق بالمساهمة في إنقاذ لبنان، وأهمّها مؤتمر»سيدر».
قبل الاستقصاء عن المرشحين الذين عُيّنوا أمس، لا بد من الإشارة إلى دور أدّاه «نادي قضاة لبنان» في التعجيل باستبدال القاضي جان فهد في رئاسة مجلس القضاء الأعلى بالقاضي سهيل عبود، كما يلفت المراقبون الى تَمكّن قضاة النادي من الحصول على «علم وخبر» للنادي من وزارة الداخلية، خلافاً لرغبة القاضي فهد… وهذا من الأمور التي ساهمت في إظهاره غير مُمسِك بزمام الإدارة في مؤسسته، مما دفع الى استعجال استبداله.
عبود – رئيس مجلس القضاء الأعلى
القاضي سهيل عبود هو حفيد الاديب مارون عبود، ويشغل راهناً مركز الرئيس الاول الاستئنافي في بيروت ومدير معهد الدروس القضائية، يحوز احتراماً كبيراً لدى القضاة والمحامين نتيجة مسيرة مهنية طويلة طبعها بمناقبية ومهنية عالية. كونه شقيق الاعلامي وليد عبود أخّرَ في تعيينه لأنّ منافسيه دأبوا على استغلال هذا الامر لإشاعة أنه محسوب على «القوات اللبنانية»، ما دفعَ بالوزير جبران باسيل الى وضع «فيتو» على تعيينه… لكنّ رئيس الجمهورية حسم الأمر لمصلحة القاضي عبّود، مستنداً الى ما ثبت له من كفاءته.
ويذكر أنّ للقاضي عبود شعبية واسعة لدى القضاة الشباب، وهو قريب من «نادي القضاة»، وذلك ظَهرَ خلال الحراك القضائي الأخير.
القاضي فادي الياس – رئيس مجلس شورى الدولة
يشغل القاضي الياس راهناً مركز رئيس غرفة استئناف في بيروت، وكان قد اكتسب سمعة طيّبة بين القضاة والمحامين أثناء ترؤسه محكمة الافلاس في بيروت لـ 10 سنوات، حيث برهَن عن كفاءة وقدرة على الامساك بالملفات. يُعرف عنه إصدار أحكام مستفيضة في البحث، وهو أستاذ جامعي وأكاديمي له مؤلفات ودراسات منشورة.
ساهم في دورات تدريبية لإعداد قضاة عرب، وحاز تنويه وزارة التجارة الاميركية. يعتبر تعيينه، وهو القاضي العدلي، رئيساً لمجلس شورى الدولة خطوة جريئة، وبذلك يكون القاضي العدلي الرابع على التوالي الذي يترأس المحكمة الادارية العليا بعد غالب غانم وشكري صادر وهنري خوري. زوجة القاضي الياس هي القاضية هيام خليل، وتشغل حالياً مركز رئيسة إحدى غرف مجلس العمل التحكيمي في بيروت.
القاضي غسان عويدات – النائب العام التمييزي
هو قاضي التحقيق الاول في بيروت، ونجل النائب العام التمييزي الراحل القاضي منيف عويدات.
أصرّ رئيس الحكومة على تعيينه رغبة في إعادة البريق الى مركز النائب العام التمييزي، وذلك لِما يرى فيه من مواصفات تجعله حاسماً غير متردد في القرارات الهامة، وبخاصة في التعامل مع الأجهزة الامنية. وفي هذا السياق، يتداول أكثرية زملائه في أروقة قصر العدل أن تحديّات مهمة تنتظره لناحية الامساك بملفات حسّاسة تخلّى عنها سلفه للنائب العام الاستئنافي الحالي في جبل لبنان القاضية غادة عون. زوجة القاضي عويدات هي السيدة لينا عويدات مستشارة رئيس الحكومة لشؤون المعلوماتية.
القاضية جمال محمود – رئيسة غرفة في ديوان المحاسبة
هي رئيسة الغرفة الرابعة للمجلس العمل التحكيمي في بيروت منذ عام 2005. تعدّ غرفتها الأكثر سرعة في البَت والأكثر إنتاجية بين كل غرف مجلس العمل التحكيمي، ونادراً ما تفسخ محكمة التمييز قرارات غرفتها. إستقرّ الرأي على تعيينها رئيسة غرفة في ديوان المحاسبة لِما عرف عنها من كفاءة وجرأة وشفافية، خاصة أنّ صُلب عملها في الديوان سيكون مراقبة إنفاق المال العام، الأمر الذي يستوجب توفّر هذه الصفات. ويسجّل لرئيس الحكومة تزكية اسمها، على الرغم من أنها ليست ممّن يدورون في فلك السراي. إبن القاضية محمود هو محمد فواز، قاض في هيئة التشريع والاستشارات، وزوجته سمر البحيري قاضية منفردة في طرابلس
القاضية جويل فواز – رئيسة هيئة التشريع والإستشارات
هي عضو في الهيئة منذ ١٥ عاماً (أقدم أعضائها)، وترأستها بالانتداب خلال العام الماضي بعد رحيل رئيستها السابقة القاضية ماري دنيز المعوشي. برزت مرشحة قوية لترؤس الهيئة بالأصالة بعد تمكّنها من إدارة العمل فيها بنجاح خلال فترة انتدابها، وذلك على الرغم من فقدان ركنين أساسيين فيها هما القاضية المعوشي بالوفاة، والقاضي أنطوان بريدي بتعيينه رئيس غرفة في مجلس شورى الدولة قبل إحالته الى التقاعد. يؤشّر تعيين القاضية فواز الكاثوليكية الى تغيير في معايير التعيينات لناحية تغليب الكفاءة على أيّ معيار آخر، باعتبار أنّ هذا المركز، وفي عُرف مُستجد، هو من نصيب الطائفة المارونية. القاضية فواز هي زوجة رئيس مجلس شورى الدولة الأسبق القاضي هنري خوري.
محمد بدران ـ رئيس ديوان المحاسبة
هو رئيس محكمة الجنايات في بعبدا. أتى تعيينه مفاجئاً إذ لم يكشف عنه إلّا صباح أمس. مساره القضائي كان محصوراً بالقضاء الجزائي، ويُعدّ تعيينه في هذا المركز نقطة فاصلة لناحية البدء بتفعيل مراقبة إنفاق المال العام، وذلك لتمتّعه بصلاحية طلب إحالة اي ملف في الديوان عليه، للفصل فيه.
القاضية رلى جدايل – المديرة العامة لوزارة العدل
هي الرئيسة الاولى الاستئنافية في صيدا، وكانت المرشحة الاقوى لترؤس هذا المركز خلال حكومة الرئيس تمام سلام، غير أنّ هذا الاخير زَكّى حينها القاضية ميسم النويري. يُعرف عن القاضية جدايل تشدّدها في الادارة، وقد زَكّى اسمها رئيس الحكومة بالاستناد إلى رغبة النائب بهية الحريري، مع الإشارة إلى أنّه رشح عن النقاشات التي خاضها هذا الاخير رغبته في اختيار مرشح من القضاة الشباب، غير انّه استجاب لرغبة النائب الحريري كون القاضية جدايل ستُحال على التقاعد بعد 18 شهراً، إضافة الى أنها من بيروت، وهو العامل الذي ساهم في حسم الخيار.
تترقّب العدلية بحذر طبيعة العلاقة التي ستجمع بين القضاة، كما وزير العدل مع القاضية جدايل، مع ترجيح أنّ هذه العلاقة سيشوبها توتر ليس بسبب اختلاف سياسي، إنما بسبب «طبعها غير الديبلوماسي»، وفق تعبير غالبية القضاة رغم الإشادة بكفاءتها.
فهد في تصرّف الوزير
يلاحظ أنّ التعيينات لم تتعرّض لمسألة مصير رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، الذي يرجّح أن يوضع في تصرّف الوزير تمهيداً لترؤسه غرفة التمييز العسكرية في التشكيلات القضائية المقبلة المتوقعة قبل نهاية السنة، بناءً على طلبه. كما لم يُعرف مصير رئيس ديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان، الذي يرجّح وضعه وفق المعلومات في تصرّف رئيس الحكومة.