كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
إعتباراً من الأسبوع المقبل، يحضر مشروع موازنة 2020 على طاولة مجلس الوزراء للبدء في مناقشته تمهيداً لإقراره. وفيما لم يتكشّف الكثير عن موازنة 2020، إلّا ما سبق أن أكده وزير المالية علي حسن خليل بأنّ نسبة العجز ستكون اقل من موازنة 2019، يبدو واضحاً انّ الخفض المقرَّر سيكون من «كيس» الكهرباء، بعدما سبق لوزير المالية أن اعلن أنه «سيتم خفض المساهمة المالية لقطاع الكهرباء الى 1500 مليار ليرة».
صحيح انّ عجز مؤسسة كهرباء لبنان هو السبب الرئيسي لاستنزاف خزينة الدولة كونه يستحوذ على نحو ثلث العجز، لكنّ السؤال المطروح كيف سيتم تعويض النقص بعد خفض المساهمة المالية للمؤسسة الى 1500 مليار ليرة من دون توفير البديل اليوم؟ ام انّ هذا الرقم مرجّح للارتفاع لاحقاً مثلما حصل في السنوات السابقة؟
حدّد قانون موازنة 2017 مبلغ 2100 مليار ليرة سقفاً أعلى لسُلف الخزينة التي تعطى لكهرباء لبنان، لكن ما لبث أن رفعت هذه «السلفة» لتصل إلى 2742 ملياراً، كذلك في العام 2018 خُصّص مبلغ 1.9 مليار دولار لمؤسسة كهرباء لبنان ما لبث أن تمّ رفعه.
يبلغ عجز مؤسسة كهرباء لبنان 2500 مليار ليرة اي ما يوازي ملياراً و700 مليون دولار، ومع نية الحكومة بتحويل 1500 مليار ليرة الى مؤسسة الكهرباء اي نحو المليار دولار فقط، فهذا يعني انّ المؤسسة ستكون في حاجة الى نحو الألف مليار ليرة. وتؤكد مصادر متابعة لـ«الجمهورية» انّ المؤسسة ومع ارتفاع قدرتها الإنتاجية نتيجة الانتهاء من تأهيل بعض المعامل، فهي بحاجة عام 2020 الى مليار و900 مليون دولار.
عملياً الـ 1500 مليار ليرة المخصّصة لكهرباء لبنان ستؤمّن أقل من 10 ساعات تغذية في اليوم بشكل مستدام على مدار السنة. فكيف ستتمّ تغطية النقص في التغذية، مع معارضة بعض الاطراف السياسية رفع التعرفة قبل زيادة الإنتاجية؟ ومتى يصبح لبنان جاهزاً لزيادة الإنتاجية؟
مصادر متابعة لملف الكهرباء أكدت لـ«الجمهورية» انّ زيادة التغذية مستحيلة قبل الثلث الاخير من العام 2020، اي بعد نحو عام من اليوم، لأنه يجرى الآن إعداد دفاتر الشروط الخاصة بالمعامل الدائمة وقد أعلنت وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني انّ دفاتر شروط المعامل الجديدة في الزهراني وسلعاتا انتهت، ودير عمار على خواتيمها، فما بين إطلاق المناقصة وبدء العمل بالمعامل الدائمة الجديدة سيستغرق الامر نحو ثلاث سنوات. وبما انّ خطة الكهرباء دمجت الحلّ الموقت بالدائم أي طلبت ممَّن يربح بالمناقصة أن يؤمّن طاقة موقتة الى حين الانتهاء من بناء المعامل الجديدة، فهذا يعني عملياً أننا نحتاج الى نحو العام ما بين موافقة مجلس الوزراء على دفتر الشروط وإطلاق المناقصة واستدراج العروض، الى حين الاعلان عن هوية الفائز بها والبدء بتوفير الحل الموقت لتأمين الكهرباء اي الى أواخر العام 2020، ما يعني انّ الآمال برفع ساعات التغذية ضئيلة جداً.
أما في حال جرى رفع التعرفة 43% مثلما تقترح مؤسسة كهرباء لبنان الى جانب سلفة 1500 مليار، برأي المصدر، أنّ هذين الحلّين سوياً كفيلان بتوفير ما بين 15 الى 16 ساعة تغذية في اليوم، الأمر المتوفر حالياً، أي نحن بحاجة الى جانب السلفة الى رفع التعرفة للبقاء على نفس مستوى التغذية التي نحصل عليها راهناً، على أنّ هذه التقديرات مرتبطة بعدم ارتفاع سعر برميل النفط والتي تتراوح راهناً ما بين 55 الى 60 دولاراً، لافتاً على سبيل المثال الى انّ ارتفاع سعر برميل النفط الى 80 دولاراً سيخفّض التغذية بالسلفة المخصّصة للكهرباء الى ما بين 5 و6 ساعات يومياً.
رفع التعرفة أو زيادة الإنتاجية؟
ما بين تشديد المؤسسات المالية الدولية على رفع التعرفة كخطوة اولى نحو الاصلاح وبين أن تكون الاولوية رفع الإنتاج يليه رفع التعرفة، ماذا سيكون توجّه الحكومة في المرحلة المقبلة؟
«حزب الله» من جهته، أعلن موقفه بأن لا رفع للتعرفة قبل زيادة الإنتاجية، ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل شدد امام الهيئات أنه يجب ألّا يتمّ خفض عجز الكهرباء عبر زيادة التعرفة الآن أو زيادة التقنين، فالحل بأن تكون لدينا 24/24 كهرباء وعندها يمكن زيادة التعرفة. ماذا عن بقية الأطراف السياسية؟
جابر
نائب تكتل التنمية والتحرير ياسين جابر قال لـ«الجمهورية» إنه قبل إصلاح الخزان لا يمكن تعبئته بالمياه، والامر سيان بالنسبة الى الكهرباء، إذ قبل القيام بخطوات إصلاحية لا يمكن رفع التعرفة. مَن سيدير مال القطاع إذا ما رُفعت التعرفة؟ أليس مؤسسة كهرباء لبنان؟ أليس الأجدى إيجاد إدارة لهذه المؤسسة، والتدقيق بحساباتها المالية؟ هل يُعقل أنه لا يوجد أيّ تدقيق في حسابات هذه الإدارة منذ نحو عشرة اعوام؟ لذا برأيي انّ البدء بزيادة التعرفة قبل الإعلان عن ايّ خطوة إصلاحية هو بدء من المكان الخاطئ. نحن بحاجة لأن نشعر انّ هناك نفَساً اصلاحياً جدّياً وحقيقياً بالكهرباء. نحن بحاجة لخطوات جدّية في هذا الموضوع إذ لا يجوز الاستمرار بترداد أننا عازمون على تعيين مجلس إدارة جديد للمؤسسة انما يجب الانتقال الى التنفيذ.
نصار
من جهته، اعتبر عضو تكتل الجمهورية القوية، انيس نصار، انه يجب أن يتزامن رفع التعرفة مع زيادة الإنتاجية. وقال لـ«الجمهورية»: يمكن التحرك منذ الآن لتأمين زيادة في ساعات التغذية ولا داعي للانتظار عاماً كاملاً لرفع الانتاجية، وذلك عبر نزع التعدّيات عن الشبكة والقادرة على توفير نحو مليار دولار سنوياً، فلا يجوز دائماً إستسهال مدّ اليد الى جيب المواطن. واعتبر انّ هذه الخطوة بحاجة الى قرار سياسي.
تابع: لا شك انّ رفع التعرفة هذه خطوة لا بد منها لأنّ التعرفة المعمول بها زهيدة، لكنني لست مع رفعها اليوم لأنها ستؤثر سلباً على المواطن. المطلوب اليوم البدء بالإصلاحات إذ لا يجوز أن تبقى نسبة التعليق على الشبكة 33 في المئة، والوفر المحقّق من التعليق كاف لتغطية حاجة المؤسسة.
نجم
أما نائب كتلة المستقبل نزيه نجم فاعتبر انّ زيادة التعرفة يجب أن تأتي بعد رفع الانتاج وزيادة التغذية. واعتبر انه يمكن زيادة الإنتاج باستئجار دفعة جديدة من البواخر المولّدة للطاقة، خصوصاً وأنّ كلفة إنتاجها للطاقة زهيدة جداً لا تتعدى 14 سنتاً مقارنة مع بعض الوسائل الاخرى او حتى مقارنة مع بعض المعامل المنتجة للطاقة. فأنا اقترح استئجار 5 بواخر جديدة لتوليد الطاقة، ولنوقف العمل بالمعامل القديمة التي ترتفع فيها كلفة إنتاج الميغاوات وعمل المولدات الخاصة، ولنؤمّن الكهرباء 24/24. وبعد تأمين هذه التغذية نبدأ بزيادة التعرفة في انتظار جهوزية المعامل.