Site icon IMLebanon

ما بعد بولتون لبنانياً: إنحسار الضغط وتغيُّر في الأدوار!

كتب أنطوان الأسمر في صحيفة “اللواء”:  

معلومات تفيد أن الرئيس الأميركي يتداول في أسماء 15 مرشحاً لخلافة بولتون مع أفضلية لمبعوثه إلى أفغانستان زلماي خليل زاد

المرجّح أن تزيد سريعاً مفاعيل الدينامية الأميركية في بيروت، بالنظر الى ما يتوقع أن يكون عليه دور مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر في الشأن اللبناني، وخصوصاً في ملفات النفط وترسيم الحدود مع إسرائيل (وهما عنوانان متلازمان) والعقوبات على حزب الله وحلفائه، معطوفاً على التغيير المرتقب في السياسة الأميركية تجاه ايران.

يدرك شينكر الكثير من التفاصيل اللبنانية، ربما بما يفوق إدراك سلفه السفير في تركيا دايفيد ساترفيلد. هو إدراك إكتسبه بشكل رئيس بفعل عمله في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى، ويؤهله الى ان يحيط بكل تلك التفاصيل، والى أن يقدّم المشورة الى رؤسائه ويسهم بشكل أساس في رسم السياسة الأميركية في لبنان، مع الإشارة الى ان هذه السياسة يشوبها راهناً بعض التردد والتضاد بفعل اختلافات في الرأي بين البيت الأبيض والكونغرس، ما خلا الانخراط الكلي في سياسة عصر إيران، ومرادفها اللبناني خنق حزب الله وتجفيف تمويله وصولاً الى تقليص دوره وتأثيره اللبنانيين، بما ان واشنطن تعتبر ان الحزب هو الحاكم الفعلي، وأن كل المؤسسات بما فيها الحكومة التي يرأسها سعد الحريري، الصديق المفترض، واقعة تحت الهيمنة الإيرانية عبر الوكيل.

وكان شينكر الذي يتقن العربية، يدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، وسبق أن عمل في مكتب وزير الدفاع كمدير شؤون دول المشرق، والمساعد الأعلى في سياسة البنتاغون الخاصة بدول المشرق العربي. وكان مسؤولاً في هذا المنصب عن تقديم المشورة إلى وزير الدفاع وكبار قادة البنتاغون حول الشؤون السياسية والعسكرية لسوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية.

حرص شينكر في لقاءاته اللبنانية على تبديد إنطباع إسرائيليته المفرطة والذي كان قد سبقه الى بيروت، بواقع عمله في معهد واشنطن الذي تأسس في العام 1985 تحت عباءة لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك) أكبر منظمات اللوبي الإسرائيلي انتماء للحزبين الديمقراطي والجمهوري. كما أن المعهد يعدّ الناظم الرئيس لسياسة إدارة الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط. وقبل تعيين شينكر في منصبه الحكومي، عَيّن ترامب الباحث في المعهد أندرو تابلر مديراً للملف السوري في مجلس الأمن القومي.

تركت زيارة شينكر إنطباعاً إيجابياً لدى من التقاه من المسؤولين، وخصوصاً ممن لا تربطهم علاقات جيدة مع واشنطن هذه الأيام، بما يؤشر الى دور أميركي أكثر تقدماً بالتزامن مع ما هو مرتقب من تبديل على مستوى السفير في بيروت والطاقم الديبلوماسي المساعد.

ولا شك أن ما يعزز هذا الإنطباع الإيجابي التغيير الدراماتيكي على مستوى مستشار الأمن القومي. فإقالة جون بولتون (كان يغتاظ بفعل تعمد ترامب مناداته مراراً بإسم المغني الشهير مايكل بولتون) «الكارثة» (ملف كوريا الشمالية) و«خارج السياق» (الأزمة في فنزويلا) و«المتعنت الفظ» (في علاقته مع مسؤولين في الإدارة) وفق توصيف الرئيس الأميركي، لا بد أن تنعكس بشكل ما على سياسة واشنطن في المنطقة، وإستطراداً في لبنان، لا سيما إذا ما أُخذت في الاعتبار طلائع تغيّر في إتجاهات الريح الأميركية حيال إيران مع حديث عن انفتاح أميركي على خطة فرنسية لتخفيف الضغط على إيران من خلال الموافقة على خط ائتماني بقيمة 15 مليار دولار، يعني حكماً تخفيفاً للحصار الخانق الذي وضع بولتون خارطته التنفيذية بعنوان «عصر ايران»، وإستطراداً خروجاً تدريجياً من السياسة البولتونية.

ويرصد مسؤولون لبنانيون ما ستكون عليه السياسة الأميركية بعد بولتون الذي كان تأثيره بائناً في الاتجاهات السياسية لعدد من الشخصيات الحزبية المسيحية، تماماً كما كان مؤثراً إبان أزمة قبرشمون مع البيان الأميركي الخارج عن المألوف الذي وزعته السفارة في بيروت، وجاءها معلباً من واشنطن.

ويترقب المسؤولون الإسم الذي سيخلف بولتون، وسط معلومات تفيد بأن الرئيس الأميركي يتداول في أسماء 15 مرشحاً، مع أفضلية لمبعوثه الى أفغانستان زلماي خليل زاد والذي كان احد مرشحي ترامب لتسلم وزارة الخارجية عام 2017، مع الإشارة الى أن خليل زاد كان أحد أسباب طرد بولتون بفعل الخلاف الكبير بينهما في شأن الحوار مع طالبان والرغبة الرئاسية في دعوة ممثلي التنظيم الى اجتماع غير مسبوق في كامب ديفيد. وهو سيخضع في 19 أيلول لجلسة استجواب دعا اليها النواب الديموقراطيون في الكونغرس، حيث سيدلي بشهادته حيال اتهامه بحجب معلومات عنهم تتعلق بالمفاوضات التي توقفت راهناً مع طالبان.

خليل زاد أحد المنظرين البارزين للمحافظين الجدد ويعرف بـKing Zad بالنظر الى طبعه وسلوكه، ومعروف بكونه تلميذاً ومساعداً لبول وولفويتس وصديقاً حميماً لديك تشيني، وأحد المخططين لتسليح المجاهدين الأفغان الذين قاتلوا السوفيات في أفغانستان.