كتبت ماريانا معضاد في “الجمهورية”:
وفقاً لموقع «بولد سكاي»، يصاب حوالى 6000 طفل حول العالم كل عام بمتلازمة داون. ويعدّ هذا الاضطراب في الكروموزومات النوع الأكثر شيوعاً، ويمكن للأطفال أن يرِثوا الانتقال الوراثي لمتلازمة داون من كلا الوالدين، خاصة مع زيادة عمر الأم عن 35 عاماً.
تعدّ أبرز الأعراض الواضحة على الطفل المصاب بمتلازمة داون انخفاض قوة العضلات والعنق القصير ووجود مساحات كبيرة بين إصبع القدم الكبير والثاني، وهناك أيضاً تأخير في النمو والتطور يشتمل على عيب في الكلام وتأخّر في تطوير المهارات الحركية الدقيقة ومشاكل أخرى مثل التَعلّم البطيء، والحكم الضعيف.
الفحوصات خلال الحمل
في مقابلة مع «الجمهورية»، نصح الدكتور صلاح جردي، أخصائي جراحة نسائي وتوليد، وتصوير صوتي وطبابة الجنين، جميع النساء المتزوجات بتخطيط حملهنّ: «من المفضّل تخطيط الحمل قبل 8 إلى 12 أسبوعاً لعدة أسباب، أوّلها إجراء فحوصات المناعة، والحساسية، وفحوصات لوباء الكبد والغدة الدرقية، وفحوصات عامة للكشف عن حالة الدم والسكري، وعن الأمراض الجنسية، وفحص عنق الرحم، والتصوير الصوتي…».
وأضاف: «في حال كانت المرأة تعاني مرضاً ما، مثل السكري نوع 2 بمستويات عالية، ثمّة احتمال كبير بالاجهاض أو تشوّه الجنين. لذلك، لا ننصح في هذه الحالات بالحمل قبل ضبط مستويات السكري في شكلها الطبيعي وتناول الأدوية، والحالة مشابهة إذا كانت تعاني ارتفاع الضغط، أو مشاكل في الغدة، أو غيرها من الأمراض».
التصوير الصوتي
التصوير الصوتي أحد أهم ركائز الطب النسائي. ووفقاً لد. جردي، «هو على 3 مراحل: في الفصل الأول، والثاني والثالث. في الفصل الأول، نتأكد من أنّ الحمل في داخل الرحم وليس خارجه. وبعد مرور حوالى الأسبوعين، نسمع دقات قلب الجنين. وعند بلوغ الأسبوع 11 إلى 13، نجري صورة صوتية لمعرفة كمية السائل الموجود في رقبة الجنين. فإذا كانت اكثر من ٣ ملم، يجرى فحوصات، وخصوصاً إذا كانت فوق الـ6 ملم. ومن أهم هذه الفحوصات فحص يُسمى NIPT، وفحص السائل الاميوني عند الـ١٥ لـ١٦ اسبوعاً. وهناك ١% خطر وفاة الجنين اثناء فحص السائل الاميوني. وهي نسبة متدنّية جداً، ولكن علينا كأطباء شرح الخطر للمرأة الحامل، فكل شيء في الطب فيه نسبة خطر. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأم التي سبق لها أن رُزقت بطفل مصاب بمتلازمة الداون، من الضروري التأكد إن كان الجنين الجديد مصاباً أيضاً أم لا».
وفسّر د. صلاح: «نقسّم النساء الحوامل إلى فئتين كبيرتين: النساء ما دون الـ35 سنة، والنساء ما فوق الـ35 سنة. بطبيعة الحال، إنّ الحوامل ما فوق الـ35 معرضات لمواجهة مشاكل أكثر في الحبل».
الجنين المصاب بمتلازمة الداون
في لبنان، يمنع القانون، بحسب د. جردي، الإجهاض، «إلّا في حال وجود خطر على حياة الأم. وعلى عكس ما يظنه الكثيرون، لا تؤثر إصابة الجنين بمتلازمة الداون على صحة الأم، كما أنّ صحتها لا تلعب دوراً في احتمال إصابته. ولكن من المعروف أنَّ احتمال إصابة الطفل في هذه الحالة بمشاكل في القلب والكلى مرتفع».
وأفاد جردي: «من الأسباب الطبية لإصابة الجنين بمتلازمة الداون هي عمر الأم (أكثر من 35 عاماً)، والتعرض للإشعاعات. وللأسف، يتعامل مجتمعنا مع المصابين بمتلازمة الداون بانغلاق ورفض وتهميش، حتى إنّ بعض الأهل غير المثقفين يعتبرون طفلهم إهانة لهم، أو إشارة إلى تدهور صحة الأم الشخصية.
أنا أتكلم كإنسان وليس كطبيب. هي مسألة ثقافة. الأهم هو صحة الجنين، وليس أيّ تفصيل آخر. متلازمة الداون مشكلة اجتماعية، نفسية، سوسيولوجية تؤثر على الأهل أكثر من الطفل. وما يحتاج إليه هؤلاء الأطفال هو تثقيف الأهل والتعامل معهم بموضوعية، كما توعية جميع أفراد وفئات المجتمع حول الموضوع، من خلال الجهات المعنية، مثل وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية، والمجتمعات الناشطة…».
وختم قائلاً: «للطبيب دور بارز، لا سيما في معرفة الحالة قبل ولادة الجنين. هذا أمر فائق الأهمية، إن كان لكشف مرض في الكلى أو في القلب أو متلازمة الداون أو غيرها. ولكن يجب التوجّه لدى الأطباء الاخصائيين بالتصوير الصوتي وطبابة الجنين لهذه الفحوصات. الأهم هو تهيئة الأجواء الطبية لولادة الجنين من دون مشاكل طبية.
هل هناك حلّ لمتلازمة داون؟
بحسب علم النفس التربوي، من المعروف أنه ليس هناك علاج لمتلازمة داون. لكن يمكننا تحسين نموّ الطفل البدني والمعرفي في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال علاج النطق لتحسين مهارات التحدث، والعلاج الطبيعي للمساعدة في تقوية العضلات والمهارات الحركية، وتحسين مهارات الطفل الحركية.