كتبت فاتن الحاج في صحيفة “الأخبار”:
في خطوة على طريق حماية مستخدمي المخدرات، والتعامل مع ضحايا «الأوفردوز» (الجرعة الزائدة) كمسألة صحة عامة وليس موضوعاً جنائياً، وجهت وزيرة الداخلية ريّا الحسن، أخيراً، كتاباً إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تطلب فيه إبلاغ القطعات المختصة عدم الاستجابة لبلاغات المستشفيات والحضور للتحقيق في حالات الجرعة الزائدة، عملاً بمضمون المادة 183 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف بتاريخ 16/3/1998 (الذي كرّس مبدأ العلاج كبديل من الملاحقة والعقاب)، وبتعميم وزارة الصحة الرقم 76 بتاريخ 23/8/2019 (التعاطي مع المدمن كمريض يحق له تلقي العناية الصحية مع إحترام خصوصيته وعدم إعلام قوى الأمن الداخلي عن حوادث الجرعة المفرطة).
ويتقاطع كتاب «الداخلية» وتعميم «الصحة» مع تعميم للنائب العام لدى محكمة التمييز، القاضي سمير حمود، بتاريخ 25/6/2018، والذي يطلب فيه من قضاة النيابة العامة التقيد بالتعاميم المتعلقة باستخدام المخدرات، بحيث لا يتم التوقيف الاحتياطي لمستخدم المخدرات، في حال اقتصار الملاحقة على هذا الجرم، على أن يحال فوراً من النيابة العامة إلى لجنة الإدمان على المخدرات المؤلفة سنداً للمادة 199 من القانون.
وزارة الداخلية طلبت عدم الاستجابة لبلاغات المستشفيات
ومعلوم أنّ ثلاثة من كل أربعة مستشفيات في لبنان تستدعي القوى الأمنية للتحقيق في حالات الجرعة الزائدة قبل إسعافها في قسم الطوارئ. هذه البلاغات تحدث، بحسب المركز اللبناني للإدمان ـ سكون، ضرراً اجتماعياً، وتخلق حاجزاً أمام مستخدمي المخدرات بالحصول على الحق في الصحة، الحماية، السريّة والخصوصية. وهو ما يتعارض مع روح قانون المخدرات ذاته.
وتؤدي هذه الممارسة، عملياً، إلى تفاقم حالات الموت لدى مستخدمي المخدرات من جراء تناولهم جرعة زائدة. فالخوف من الملاحقة الجزائية يحول دون توجه هؤلاء أو اقتيادهم من الأفراد المحيطين بهم إلى المستشفى، أو على الأقل، يسبب ترددهم لساعات قبل القيام بذلك، في حين أنّ المعالجة خلال وقت قريب من وقوع الحادثة يجعل احتمال الموت نتيجة «الأوفردوز» هو الاستثناء وليس القاعدة.