كيفما تقلب المشهد السياسي في لبنان، ثابتة واحدة لا تتغير: التيار الوطني الحر في صلب الصورة، وإن كان ذلك يعني الغرق في كباشات سياسية لا تنتهي، مع أطراف الموالاة من جهة، والمعارضة من جهة أخرى، في خضم الملفات الكبيرة والصغيرة التي لا تنفك تطفو على سطح الوضع اللبناني.
ففي وقت لا ينفك طرفا تفاهم معراب يدقان المسامير في نعش اتفاق أريد له أن يكون تكريساً، لما اعتبره التيار والقوات اللبنانية المصالحة المسيحية بعد طول خصومة، أبرزت قضية العميل عامر الفاخوري ما قرأت أوساط سياسية بين سطوره خلافا مبطنا بين التيار، وحليفه التاريخي الأول، حزب الله، حول قضية كبيرة وحساسة بحجم العمالة لاسرائيل.
ففيما لا يزال الحزب، رأس حربة المواجهة مع العدو الاسرائيلي في مختلف الميادين والساحات، يعتصم بصمت ثقيل ) من المتوقع أن يكسره الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في إطلالته الجمعة المقبل)، بدأت سهام الاتهام تطال، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التيار، وإن بشكل مبطن. صورة من شأنها أن تضع التيار وقيادته التي تخوض معركة “استعادة حقوق المسيحيين” في موازاة تلك الهادفة إلى إرساء الدولة المدنية، في موقع المواجهة المفتوحة مع الحلفاء والخصوم على السواء (ما خلا الشريك الرئاسي، تيار المستقبل).
غير أن التيار الذي اعتاد الركون إلى المقاربات المتفائلة في مواجهة أزمات كبيرة بحجم تلك التي نشهدها اليوم، لا يقارب الأمور على هذا النحو، خصوصا في ما يتعلق بقضية العميل الفاخوري، مفضلا توجيه أصابع الاتهام في هذا الشأن.
وفي السياق، أكدت مصادر قيادية في التيار لـ”المركزية”، أن “لا خلاف مع حزب الله في ملف الفاخوري. لكننا نتحدث عن الموضوع لنضع حدا للاتهامات الباطلة التي تكال لنا”، مشيرة إلى أن “هناك من حور البند السادس من ورقة التفاهم (الذي يتناول اللبنانيين في اسرائيل وضرورة عودتهم)، علما “أننا شرحنا مرار وتكرارا موقفنا من هذا الملف، وأكدنا أننا ضد العفو العام عن أي عميل تلطخت يداه بدماء المقاومين واللبنانيين. ولا خلاف مع حزب الله، وتفاهمنا معه ثابت ولن ينجح أحد في دق الأسافين بيننا”.
وعن موقف التيار من الملف، دعت المصادر إلى محاسبة الفاخوري إذا ثبت كونه مرتكبا، علماً أنه بات اليوم بين أيدي القضاء”، مذكرة أن “لا علاقة لنا (أي التيار) بهذه القضية. غير أن اتهامات كيلت للوزير جبران باسيل بتسريب صورة العميل مع قائد الجيش، علما أن أي اعتداء معنوي على العماد جوزف عون اعتداء علينا، وهذه من المسلمات التي لا يجوز أن تكون موضع نقاش”، متسائلة: “مِن مصلحة مَن زعزعة الوحدة الوطنية التي تجلت بعد الاعتداءات الاسرائيلية الأخيرة”.
وعن العلاقات “البرتقالية” مع القوات من جهة، والكتائب من جهة أخرى، أكدت المصادر “أن لا مشكلة لنا مع القوات. لكننا لن نسكت عن الاتهامات بالفساد. أما في ما يخص الكتائب، فإن البعض يجد نفسه في موقع المعارضة. غير أن اليد ممدودة للجميع، بدليل أن النائب سامي الجميل، وبالرغم من الاختلاف السياسي معه، شارك في الحوار الاقتصادي الأخير في بعبدا”.