كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
ترك قرار قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والقاضي برفع السرية عن قراره الذي صدق فيه قرار اتهام بحق القيادي في “حزب الله” سليم جميل عياش، وإظهار التلازم بين جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري ومحاولة اغتيال كل من النائب مروان حمادة والوزير السابق الياس المرّ واغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي، تردداته على الساحة اللبنانية.
لا يمكن المرور مرور الكرام على قرار المحكمة الدولية، إذ إنه يأتي في خانة اتهام جديد لـ”حزب الله” بتورطه في جرائم إضافية، بحيث لم يعد الأمر مقتصراً على اتهام عناصر في الحزب في جريمة اغتيال الحريري فقط.
هذا الواقع الجديد سيرخي بظلاله على الساحة المحليّة المحتقنة أصلاً، في حين أن التحدي الأكبر يبقى في قدرة الدولة اللبنانية على تنفيذ مثل هكذا قرارات دوليّة والتي هي مطلب لبناني من المتضررين بالدرجة الأولى.
والجدير ذكره أيضاً، أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله أعلن في أحد خطاباته أن المتهمين في جريمة اغتيال الحريري، والذين دانتهم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هم في مرتبة “القديسين”، وأعلن رفضه تسليمهم إلى المحكمة الدوليّة.
ويتوقع بعض المتابعين لملف المحكمة أن سبحة الإتهامات قدّ تكرّ، وقد يتم الكشف عن أسماء جديدة متورّطة في الجرائم.
وفي قراءة لخلفيات القرار الجديد الذي كشفت عنه المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان، يلفت نقيب محامي الشمال محمد المراد الذي يتابع ملف المحكمة الدوليّة إلى أنه “كان من المنتظر والمتوقّع أن يصدر مثل هكذا قرار، ويعود السبب في ذلك، إلى أنه عام 2011 أصدر قاضي الإجراءات التمهيديّة قراراً أعلن فيه التلازم بين جرائم اغتيال حاوي ومحاولة اغتيال كل من حمادة والمرّ”. ويقول المراد لـ”نداء الوطن” إن “هذه التلازمية، التي توصّل إليها قاضي الإجراءات التمهيدية، مع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ترافقت مع البحث لمعرفة منفذ الجريمة والمشتركين معه”، يضيف: “بعد 8 سنوات من التحقيقات التي لا يعلمها أحد ولا يدري أحد بتفاصيلها، إستطاع قاضي الإجراءات التمهيدية أن يعلن رفع السريّة عن القرار الذي اتخذه في شهر حزيران الماضي، وتوصل إلى أدلة ظرفية ومستندات علمية، ومنها ما هو مستند إلى الإتصالات كما أعتقد، ويحدد الفاعل الذي هو سليم عياش”. ويتابع: “أعتقد أيضاً أن رأس المرتكبين للجريمة هو عياش، لكن في مثل هكذا نوع من الجرائم لا بد أن يكون أكثر من شخص متورّطاً إن كان لوجستياً أو عبر المساعدة على تنفيذ التفجيرات، لأن مثل هكذا عمليات تحتاج إلى تقنيات متطورة وأساليب حديثة واختصاصيين في الجريمة يملكون ذهناً عميقاً يتماشى مع هذا النوع من الجرائم”. ويوضح المراد أنه “أمام كل هذه الوقائع من المتوقع أن يكشف القرار عن وجود أكثر من شخص ساهم في تلك الجرائم”.
ويؤكّد المراد أن “من ناحية الإجراءات يحتاج القرار إلى إبلاغات لإحالته إلى محكمة الدرجة الأولى والتي ستعود هذه المحكمة بملف جديد، علماً أن قضية اغتيال الحريري موجودة أمامها، لكن على الرغم من التلازم بين هذه الجرائم وجريمة اغتيال الحريري سينظر إلى الملف الجديد بصورة منفردة وموضوعية”. ويرى أن “هذا القرار سيجعلنا أمام مشهد قضائي جديد وبأشخاص مختلفين لأن محاولة اغتيال المر وحمادة واغتيال حاوي نُفذت في مكان مختلف عن جريمة الحريري وبأدوات مختلفة وزمان مختلف”. وفي السياق، يُنتظر ما ستحمله الأيام والأسابيع المقبلة من تطورات في شأن اغتيال الحريري وبقية الجرائم المترابطة معها، علماً أن “حزب الله” ما زال رافضاً فكرة التعامل مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بذريعة اتهامها بأنها تهدف إلى ضربه والنيل منه، في حين أن هذه المحكمة تشكّل بارقة أمل لدى أهالي الضحايا والمتضررين من أجل تحقيق العدالة، خصوصاً أن الجرائم السياسيّة في لبنان لطالما بقيت من دون أن يتمّ الكشف عنها، أو أنّ ما كُشف منها لم ينل مرتكبها العقاب العادل.