كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
مع تباطؤ الحكومة في لملمة الوضع الاقتصادي، يبدو أنّ بعض الأزمات بدأ بالتفلّت. ما بين أزمة سعر صرف الدولار والذي وصل في السوق السوداء الى 1570 ليرة وهو أحياناً مفقود من السوق الى تأثر لبنان المرتقب بارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، بدأ المواطن بتلقي الضربات الموجعة تباعاً. اليوم إضراب عام في محطات المحروقات، سعر صفيحة البنزين مرشّح للارتفاع الى 27 الف ليرة والتغذية بالكهرباء ستتراجع الى 6 ساعات يومياً، وأسعار السلع بدأت بالارتفاع…
بدأ المواطن اللبناني يتلمّس جملة مؤشرات سلبية، يُضاف اليها اليوم تأثّرُ اقتصاد لبنان سلباً بارتفاع أسعار النفط عالمياً بعد الهجوم يوم السبت الفائت على منشآت نفط سعودية والتي رفعت أسعار النفط حوالى 10 دولارات دفعة واحدة وما لبثت أن تراجعت قليلاً.
إلّا أنّ هذا الارتفاع والذي عاد وتراجع الى 68 دولاراً، سيُثقل كاهل الخزينة العامة المثقل أصلاً وستبدأ نتائجُه بالظهور تباعاً.
على صعيد الكهرباء، أكدت مصادر متابعة لـ«الجمهورية» أنّ ارتفاع أسعار النفط عالمياً سيؤثر تراجعاً في عدد ساعات التغذية التي تقدّمها مؤسسة كهرباء لبنان. وشرح أنه عندما كان سعر برميل النفط يتراوح ما بين 60 الى 63 دولاراً كانت التغذية تتراوح ما بين 8 الى 10 ساعات يومياً، أما اليوم وبعدما ارتفع سعر برميل النفط الى ما بين 68 و 70 دولاراً فهذا يعني أنّ التغذية ستتدنّى ما بين نصف الساعة الى الساعة يومياً.
لكن وبما أننا على ابواب فصل الخريف حيث يتراجع الطلب على الكهرباء بسبب تغيّر الطقس وميله نحو البرودة فلن يكون وقعه كبيراً على المواطن، بل إنّ المشكلة الكبيرة ستقع على المواطن اعتباراً من العام 2020 حيث ستتدنّى التغذية الى ما بين 6 و 7 ساعات يومياً خارج بيروت، لأنّ الاموال المخصَّصة لمؤسسة كهرباء لبنان في موازنة 2020 هي 1500 مليار ليرة وهذا المبلغ سيخفّض ساعات التغذية بشكل ملحوظ إذا ما بقيت أسعار النفط مرتفعةً على هذا النحو، خصوصاً وأن لا رؤية واضحة ولا بوادر تشير الى أنه ستكون لدينا معامل جديدة العام المقبل.
ورداً على سؤال، أوضحت المصادر أنّ ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً لا يزيد العجز في مؤسسة كهرباء لبنان لأنّ المؤسسة تلتزم بالسُلفة التي ستقدمها الدولة، وموازنة 2020 خصّصت فقط مبلغ 1500 مليار ليرة بالتالي إنّ ذلك سينعكس تراجعاً في ساعات التغذية، وكلما زاد سعر برميل النفط كلما قلّت ساعات التغذية، في مقابل ارتفاع فاتورة المولدات الخاصة متأثرةً بارتفاع ساعات التغذية وارتفاع سعر المازوت.
وذكرت المصادر أنّ مؤسسة كهرباء لبنان طلبت العام الماضي نحو 2800 مليار ليرة حوّلت لها الحكومة حوالى 2500 مليار، وتطلب المؤسسة للعام 2020 نحو 2870 ملياراً لكنّ موازنة 2020 خصّصت للمؤسسة 1500 مليار ليرة، مع الاشارة الى أنه بوصول سعر برميل النفط عالمياً الى 75 دولاراً فإنّ المؤسسة ستكون بحاجة الى أكثر من 3000 مليار ليرة لتغطية حاجاتها.
صفيحة البنزين
أما عن تأثير ارتفاع اسعار النفط على أسعار المحروقات محلّياً، فكشف الخبير النفطي جورج البراكس أنّ سعر صفيحة البنزين سيبقى مستقرّاً وفق جدول المحروقات الذي يصدر اليوم، إنما سعر المازوت سيسجّل ارتفاعاً بـ200 ليرة. هذه الأسعار لم تتأثر بارتفاع سعر برميل النفط المستجد لأنها أُدرجت وفق أسعار البلاتس العادية.
وأكد البراكس أن لا صحّة لما تردّد عن أنّ أسعار البنزين سترتفع 10 آلاف ليرة، موضحاً أنّ سعر برميل النفط ارتفع 10 دولارات في ليلة واحدة إلّا أنه ما لبث أن تراجع دولارين كمؤشر الى أنّ الأسعار العالمية لن تواصل ارتفاعها بل ستبقى لوقت قصير مرتفعةً لتعودَ وتتموضع وفق ما كانت عليه أي ما بين 60 الى 65 دولاراً.
وكشف البراكس أنه كان من المتوقع أن تسجّل أسعار المحروقات في لبنان قبل الضربة في السعودية ارتفاعاً اعتباراً من الاسبوع المقبل وهذه الضربة ستساهم في زيادة الارتفاع عمّا كان مقرّراً. قبل الضربة، كان سيزيد سعر صفيحة البنزين 1000 ليرة أما اليوم وبعد الضربة فسيزيد 1000 ليرة اضافية ليرتفع سعر الصفيحة حوالى 2000 ليرة على مراحل وفي الأسابيع المقبلة ليصل الى 27 ألف ليرة.
ولفت البراكس الى أنه في حال تأزّمت الامور مجدداً في الخليج فإنّ سعر برميل النفط سيتخطى المئة دولار.
إضراب المحطات
الى ذلك، تُقفل محطات المحروقات ابوابها اليوم امام المواطنين تعبيراً عن رفض القطاع لعدم تجاوب الجهات المعنية مع أزمة تصريف الدولار التي يعانون منها منذ أكثر من شهر، رغم الوعود التي يتلقونها من أكثر من طرفٍ معنيّ.
في هذا السياق، عُلم أنّ وزيرة الطاقة ندى البستاني عرضت خلال جلسة مجلس الوزراء للعقبات التي تعترض الشركات المستورِدة للنفط عند إجراء تحويلات من الليرة اللبنانية الى الدولار، وتمّ الاتفاق على أن يتابع رئيس الحكومة ووزير المال الموضوع مع حاكم مصرف لبنان.
عن الإضراب، طمأن البراكس الى أنه ليس لدينا نقص في مخزون المحروقات، وأنّ البضاعة متوفرة بكميات إنما الاضراب يأتي احتجاجاً على فقدان الدولار، ففي حين ندفع كل فواتيرنا بالدولار نحن مجبَرون على بيع المحروقات بالليرة اللبنانية.
وأوضح أنّ حاجة الاستهلاك المحلّي اليومي من البنزين 5 ملايين ليتر بما يساوي ما بين 4 ملايين و200 الف دولار و4 ملايين و500 الف دولار الى جانب 3 ملايين دولار لبقية المحروقات، ما يعني أننا بحاجة يومياً ما بين 7 الى 8 مليون دولار يجب تحويلهم من الليرة اللبنانية الى الدولار، الأمر غير المتوفر حالياً خصوصاً وأنّ المصارف لا تصرف أكثر من الف دولار يومياً، والصرافون يبيعون الدولار ما بين 1560 و 1570 إذا توفر.
ويقترح ممثلو قطاع المحروقات بأن يتدخل مصرف لبنان مع الشركات المستوردة من خلال فتح اعتماد لهم بقيمة البيان الجمركي الذي يصدر عن هذه الشركات يومياً ويتم تحويل المبلغ الى الدولار وفق السعر الرسمي للدولار.
ومتابعةً لهذا الموضوع، عُقد أمس اجتماع موسّع في مقرّ تجمع الشركات المستوردة للنفط في لبنان «APIC»، حضره رئيس التجمع جورج فياض والاعضاء، رئيس نقابة اصحاب المحطات في لبنان سامي البراكس، رئيس نقابة اصحاب الصهاريج ابراهيم السرعيني، فادي أبو شقرا عن موزعي المحروقات ورئيس نقابة موزعي الغاز جان حاتم، وأعلنوا على أثره توقّف القطاع عن العمل ليوم واحد. وجاء في البيان:
«نتيجة الاتصالات التي جرت منذ اسبوع حتى اليوم (امس) مع كل المسؤولين المعنيين بموضوع توفير الدولار الاميركي للقطاع لتغطية الاستهلاك الفعلي من المحروقات (بنزين، ديزل اويل وغاز)، وتأمين عمليات تحويل مقبوضات المواد النفطية من الليرة الى الدولار الاميركي، لم يعط حتى الآن جواب أو حلّ من المعنيين على الرغم من أنهم باتوا متفهّمين للوضع، الأمر الذي دفع القطاع بكل فئاته للتوقف عن العمل ليوم واحد، اليوم الاربعاء في 18 أيلول الحالي».