Site icon IMLebanon

هل تعلم لماذا تدخّن؟

كتبت ساسيليا دومط في صحيفة “الجمهورية”:

تكاد البيوت الخالية من التدخين أن تكون معدومة في لبنان، فمن لا يرغب بالسيجارة يتّجه نحو الأرجيلة، وإلّا السيجار أو البايب، ولكن النتيجة واحدة، مضرة ومدمِّرة لصحة المدخن والمحيطين به: أمراض القلب وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم، أمراض تتعلق بالجهاز التنفسي كالربو والسعال، وسرطان الرئتين، وأمراض المعدة، وتأثير سلبي على وظائف الدماغ، وإضطرابات في النوم والشهية، وضعف في الخصوبة والقدرات الجنسية، كما الإصابة بالشيخوخة المبكرة.

تشعل سهام السيجارة تلو الأخرى، حتى إنها أحيانا تنسى أنها بدأت بواحدة، فتشعل الثانية في الوقت نفسه، «أنا أدخن منذ أربعين عاماً، ما يزيد عن ثلاث علب يومياً، هل تعرفون لماذا لم أُصب بأيّ مرض لغاية اليوم؟ الجواب هو أنني بحاجة ماسة للسيجارة، تريحني وترفّه عن نفسي». وهي لا تعلم بأنها مصابة بسرطان الرئة في درجاته الأخيرة.

«لو كنت أدري بما قد يصيبني بسببها لتوقفت عنها منذ زمن»، يقول أبو جورج البالغ من العمر ستين عاماً، والمصاب بسرطان الرئة، والذي يخضع منذ أشهر للعلاج الكيميائي. «لم أكن أتوقع أن أصاب شخصياً بهذا المرض، لم أفكر بذلك يوماً، وأنا أشعر بالندم الشديد لأنني قمت به، ليس فقط من أجل نفسي، بل من أجل أولادي الذين يقلقون على صحتي، ويسهرون بجانبي، تاركين أعمالهم والتزاماتهم، وأنا أرى خوفهم الكبير من أن يخسروا وجودي بينهم، ما يكسر قلبي عليهم».

يشكل التدخين عادة سلوكية سيّئة لدى الإنسان، وهي مرتبطة بنمط حياته ومجتمعه، بالإضافة إلى تجاربه الشخصية وحالته النفسية والعلائقية. من الأشخاص مَن يدمنون على التدخين، فتصبح السيجارة رفيقتهم الدائمة، الأقرب إلى قلبهم؛ ومنهم مَن يدخن في المناسبات بهدف التسلية مع الأصحاب؛ أما القسم الثالث، فيدخنون رغماً عنهم نتيجة الدخان الذي ينتج عن سجائر الآخرين، وأشد المتأثرين بذلك هم الحوامل والأطفال، وصولاً إلى غير المدخنين الذين يرتادون المطاعم والأماكن السياحية.

سافرت أم طوني إلى كندا لزيارة ابنتها، والأولى مدخّنة منذ ما يزيد عن خمسين عاماً، فروت لنا بأنها لو كانت تعيش في ذاك البلد لما دخّنت السجائر: «حسّيت إنو الدولة مهتمّة بمصلحة الناس، والدخان كتير غالي، وأكتر شي زعجني إنو لما بدي دخن سيجارة، مجبورة أوقف بغرفة مليانة ناس عم يدخنوا، كإني مذلولة، كإني نكرة وما بيحترموني، استحيت من حالي».

وشرّ البلية ما يضحك، فقد دخل جيمي الذي تزوج منذ أسبوع إلى الدكان ليشتري السجائر، فقرأ على العلبة عبارة: التدخين يؤدي إلى عجز جنسي، فضحك واستبدل علبته بأخرى كتب عليها: التدخين يسبب السرطان، ممازحاً البائع. فهل فكر جيمي بما فعله؟ هل توقع فعلاً احتمال إصابته بالسرطان؟

يدخن الإنسان سعياً وراء الراحة، للترويح عن النفس، تعبيراً عن التوتر والقلق، وقد ارتبط التدخين بالإحباط والإكتئاب بشكل وثيق. لكن، هل نعي بأننا عندما ندخن نضرّ الأشخاص الذين يحبوننا؟ حتى لو أننا لا نهتم لما سوف يصيبنا من أمراض جراء ذلك، دعونا نفكر للحظة بالوجع الذي نسبّبه لهم عندما نتألم، حيث تفوق القدرة على علاجنا إمكاناتهم، حيث يتألمون لمجرد فكرة افتراقنا عنهم، موتنا، بسبب التدخين.

لينطلق كل واحد منا من نفسه، لنأخذ قرار التوقف عن التدخين رأفة بصحتنا وبصحة مَن نحب، لنستبدل هذه العادة بعادات أخرى لا تهدّد حياتنا، بالرياضة، بالرقص، بالقراءة، بالرسم والنحت والكتابة… ليختر كل منا الهواية التي يحبها، ولكن رجاءً، أقلعوا عن التدخين، رأفة بمَن تحبون.