كتبت ماريانا معضاد في صحيفة “الجمهورية”:
هبوط الرحم (uterine prolapse) عبارة عن مشكلة صحية تصيب المرأة عندما يهبط الرحم باتجاه المهبل. وتحدث هذه المشكلة عندما تضعف عضلات الحوض، وتكون غير قادرة على دعم الرحم وإبقائه في مكانه.
هبوط الرحم مشكلة شائعة تصيب عادة نسبة من النساء بعد سن انقطاع الطمث، ولكنها قد تحدث أيضاً مع النساء في عمر أصغر. لهبوط الرحم تأثير كبير وأساسي على صحة المرأة الجنسية والإنجابية، وعلى حميميتها وشعورها بالاكتفاء.
أسباب هبوط الرحم
في حديث لـ«الجمهورية»، فسّر الدكتور فيصل القاق، اختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد والصحة الجنسية، ومحاضر في الجامعة الأميركية في بيروت AUB، ومدير برنامج الصحة الجنسية المتكاملة للنساء WISH، ونائب رئيس الاتحاد الدولي لأطباء النساء ورئيس الرابطة العربية لأطباء النساء، أنّ «الرحم موجود وممسوك عادة داخل الحوض بواسطة العضلات والرباطات التي تربط الرحم بعضلات الحوض وتبقيه في مكانه.
من وجهة نظر طبّية، يعود هبوط أو تدلّي الرحم إلى كل ما يسبّب الضغط نزولاً – مع الجاذبية. نذكر منها: حمل الأثقال، الطلق الصعب والولادة الصعبة، القرفصاء لفترات طويلة (في بعض المجتمعات، تتضمّن النشاطات اليومية مثل الذهاب إلى المرحاض أو العمل أو الغسل البقاء في وضعية القرفصاء لفترة طويلة)»…
وتابع د. القاق: «كل تلك العادات تُضعف العضلات والرباطات التي تمسك الحوض في مكانه وتثبته. ومن الواضح أنّ الممرّ الوحيد نحو الأسفل هو المهبل، لذا من الطبيعي أن يخرج الرحم منه. أضف إلى ذلك دور التقدم في العمر، والوزن الزائد، والاكتتام المزمن، والسعلة المتكرّرة والقوية، وانقطاع الطمث (ما ينتج انخفاض الإستروجين الذي يقوّي عادة الأنسجة ويجعلها أكثرَ حيوية، ويعزّز التغذية الدموية للأنسجة. في غياب الإستروجين بعد انقطاع الطمث، تصاب الأنسجة بالجفاف والنشاف، فتصبح أضعف). كما للاستعداد الوراثي دور في احتمال تعرّض المرأة لهبوط الرحم».
مراحل هبوط الرحم
وفقاً لد. فيصل، يقسم الأطباء هبوط الرحم إلى ثلاث أو أربع درجات وهي:
1- تقدم بسيط لعنق الرحم – الذي يشبه الزجاجة المقلوبة – وتوجهه نحو المهبل، ودخول طرفه إلى المهبل،
2- تخطي عنق الرحم نصف مسافة المهبل نزولاً،
3- شعور المرأة بعنق الرحم على مدخل المهبل، وظهوره أحياناً. لا يحتاج الطبيب في هذه المرحلة إلى فحص المرأة، بل يكفي النظر إلى المنطقة الحميمة لتشخيص الحالة،
4- المرحلة الأخيرة هي عندما يصبح عنق الرحم خارج المهبل تقريباً، ويكون ظاهراً بوضوح. يتدلّى ويشبه أعضاء الرجل الذكورية».
العوارض
تشعر بعض النساء بعدم الراحة أو الثقل داخل المهبل، بحسب مدى حساسية كل امرأة حول مشاعرها الجنسية والإنجابية. ووقفاً للقاق، «قد يشعر أحياناً الشريك بعائق ما خلال العلاقة الجنسية. كما قد تتعرض المرأة للالتهابات النسائية أكثر تكراراً من ذي قبل.
وفي بعض الأحيان، قد تلاحظ المرأة تبقحات دم خفيفة خلال المجامعة أو بعدها. تظهر هذه العوارض في أول مراحل الهبوط. أما في المرحلتين الثالثة والرابعة، فتشعر المرأة بوضوح بإزعاج قوي، أو بما يشبه الطابة في مهبلها».
التداعيات الصحّية
في هذا السياق، قال د. فيصل إنه «عند هبوط الرحم، قد يُنزِل الرحم معه المبولة أحياناً، ما يؤدّي إلى صعوبة في التبوّل، وتسرّب البول عند الضغط أو الضحك أو الشدّ، وعدم اكتمال عملية التبوّل، وتكرار الالتهابات (وهو أمر مزعج للغاية)، والإزعاج على مستوى الصحة الجنسية والنظافة الشخصية والحميمية والمشاعر الجنسية، كما على نفسية المرأة». ويلفت: «هو أمر ميكانيكي، ولكنه يؤثر كثيراً على المرأة، على كل الأصعدة».
علاج هبوط الرحم
العلاج الأساسي لهبوط الرحم هو الجراحة. ولكن إلى جانب الجراحة، تكلم د. القاق عن العلاجات التالية:
«يمكن منع أو الحدّ من الأسباب المؤدية إلى هبوط الرحم، مثل الوقوف المتواصل، وحمل الأغراض الثقيلة، والقرفصاء، وحبس البول، والضغوطات الإضافية على العضلات، والإكتام (من خلال اتّباع حمية غذائية تحافظ على طراوة المعدة)»…، إذ يبطئ ذلك تقدّم مراحل هبوط الرحم. وأوصى فيصل المريضة «بالقيام بتمارين الكيغل، وهي عبارة عن تقلّصات المهبل (10 مجموعات من 10 مرات يومياً مثلاً)».
وفي حالات نقص الإستروجين نتيجة انقطاع الطمث، شرح د. القاق إمكانية «اللجوء إلى الإستروجين الموضعي الذي يغذي الأنسجة ويقوّيها، ويزيد من متانة العضل. وهو يأتي على شكل كريم، أو حبوب، أو تحاميل. وأشير هنا إلى تخوّف البعض من حبوب الإستروجين لارتباطاتها بالسرطانات والأمراض. في الواقع، يفي الإستروجين الموضعي بالغرض، ولا داعي للحبوب».
بالإضافة إلى الحلول السابقة، تكلم القاق عن «الكعكة»: «يمكن إدخال «كعكة» صغيرة إلى داخل المهبل لرفع الرحم إلى الأعلى. هذا الحل أقل إزعاجاً من شعور هبوط الرحم، ومناسب لكبار السن الذين لا يتحملون عملية جراحية، أو لحالات معيّنة حيث يفضّلها المرضى على العملية الجراحية».
أما الجراحة، فتلعب العديد من العوامل دوراً فيها، مثل العمر، والرغبة أو عدم الرغبة في الإنجاب. وبحسب د. فيصل، «هناك نوعان للعملية الجراحية: الأولى عملية رفع وشد، والثانية عملية استئصال الرحم. نحن نزيل الرحم في حالات عدم الرغبة في الإنجاب، ويمكن في الوقت نفسه رفع وشدّ جدران المهبل المرخية والهابطة، والأنسجة المحيطة بالمبولة وبباب البدن، وبالتالي تحقيق نتائج إيجابية للغاية. وتعكس بالفعل هذه العملية مشكلة هبوط الرحم، وتؤدي إلى الشعور بالرضى والاكتفاء لدى المرأة».
ومن البديهي أنّ الطبيب يناقش الموضوع بالتفاصيل مع المريضة، ويتناول كل جوانب العملية، قبل اتخاذ القرار.
الوقاية
ينصح د. فيصل القاق النساء بالتوقي من هبوط أو تدلّي المهبل منذ عمر الشباب، عبر الوسائل التالية:
– الرياضة، لا سيما تمارين عضلات المهبل والحوض (كيغل)، والبدء بها قبل الحبل والولادة،
– تفادي كل المسببات المذكورة أعلاه في أسلوب ونمط الحياة،
– الالتزام بالعلاجات الهرمونية في حال احتاجت إليها المرأة في أيّ مرحلة من حياتها،
إذاً الوقاية سهلة جداً عن طريق مراقبة سلوكياتكن اليومية والاهتمام بصحتكن الجنسية والإنجابية، فالوقاية تعفيكم من تجربة مزعجة للغاية».