Site icon IMLebanon

واقع البقاع الى الواجهة: حدود سائبة وعدائية سورية وتراخ لبناني!

شهر تقريبا مضى على اختطاف المواطن اللبناني جوزيف حنوش في غربي بعلبك على يد 3 مسلحين قاموا باستدراجه الى المنطقة في 24 آب الماضي. مذ ذلك التاريخ، الدولة لم تحرّك ساكنا للتحري عن وضعه ومحاولة تحريره في وقت تلقت عائلته اتصالا هاتفيا من الخاطفين، أفيد أن مصدره التل الابيض، أحد أحياء بعلبك، طالبوها خلاله بدفع فدية وقدرها 500 ألف دولار مقابل الإفراج عن ابنهم.

غير ان هذه القضية يبدو ستحظى باهتمام رسمي ولو متأخر. اذ بعد اعتصامات وتظاهرات نفذوها تخلل بعضها قطع طرق، يجمع لقاء اليوم آل حنوش الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، على امل ان يسمعوا منه ما يُثلج قلوبهم على مصير إبن البترون، في حين لا معلومات حاسمة بعد في شأن مكان وجوده، وما اذا كان نُقل من لبنان الى سوريا او لا يزال في البقاع، كما تتفاوت المعطيات حول أسباب خطفه وخلفياتها.

لكن وبغضّ النظر عن هذه التفاصيل، تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية” إن ملف حنوش يأتي ليعيد الى الواجهة سؤالا قديما – جديدا، الا وهو “هل البقاع جزء من الدولة اللبنانية أم جزيرة معزولة عنها وعن سلطتها وأجهزتها”؟ فعمليات الخطف والسرقة لم تتوقف فيه منذ عقود، بل نشاط العصابات على حاله، لا بل هو آخذ في الازدهار. والخطط الامنية العديدة التي وضعت لاعادة الامن الى المنطقة بدت كلّها “نظرية” و”شكلية” وقد تم “التطبيل والتزمير” لها في الاعلام قبل حصولها، فاستفاد منها المطلوبون و”الطفّار”، وقوى الامر الواقع، لتحصين مربعاتهم او للفرار الى خارج البلاد عبر الحدود “الفالتة” المترامية الاطراف بين لبنان وسوريا.

وهنا، ثغرة أخرى في صورة الدولة وحضورها في المنطقة. فصحيح ان الجيش منتشر على طول السلسلة الشرقية ويبدي حرصا شديدا على احكام سيطرته على الحدود، الا ان الخروق التي تشهدها لا تزال كثيرة، ليس فقط “تجاريا” عبر تهريب البضائع والاشخاص– والمسلحين والسلاح احيانا- بل ايضا “أمنيا”. فالسبت الماضي، توفي مواطن من بعلبك متأثرا بجراح اصيب بها اثر تعرضه لإطلاق نار من قبل حرس الحدود السوري “الهجانة” خلال رحلة صيد في المنطقة الجردية عند الحدود اللبنانية – السورية. سبب ما جرى قد يكون التداخل بين الاراضي اللبنانية والسورية وتشابكها في هذه البقعة. وهنا مطلوب من الحكومة، بحسب المصادر، المسارعة الى ترسيمها وتحديدها بوضوح، لكن الامر لا يبدو حاضرا في اولوياتها راهنا. وتفتح المصادر “مزدوجين”، متوقفة عند “العدائية” التي يتصرف بها الجيش السوري مع اللبنانيين، ولم يعتمدها حتى العدو الاسرائيلي وفق تعبيرها. فرعيان كثر اجتازوا عن طريق الخطـأ، الخط الازرق جنوبا ونادرا ما تم اطلاق النار عليهم او قتلهم من قبل الاسرائيليين، بل يتم توقيفهم لساعات قبل اعادتهم الى لبنان.

وفي مقابل هذا التشدد النظامي – السوري تجاه بيروت، تأسف المصادر لكون خطف مواطن سوري في البقاع يحظى بأهمية أكبر لدى السلطات اللبنانية من التعرض لمواطن لبناني. والحال ان السوري مرهف الأخرس ابن رجل الأعمال السوري طريف الأخرس، كان خطف منذ ايام بين عاليه وشتورا، وقد تم اخلاء سبيله الخميس بعد وساطات قيل ان اللواء ابراهيم اضطلع بها… في وقت كان ملف حنوش، ابن البترون، موضوعا على الرف…

في عود على بدء، ترى المصادر ان من الضروري ان تبادر الدولة سريعا الى فرض هيبتها على البقاع و”عصاباته”. فقوّة “العهد القوي” لا يمكن ان تتجزّأ، فتحضر في مكان وتغيب في آخر، والا ما عادت قوة. كما ان وقوع مناطق جغرافية تحت رحمة عصابات او أحزاب ووقوف الدولة وأجهزتها الشرعية عاجزة امام هذا الوضع، لا يريح لا اللبنانيين ولا المجتمع الدولي الذي نعوّل عليه لارسال الاستثمارات والسياح الى لبنان…