كتب إيلي الفرزلي في “الاخبار”:
يخضع دفتر شروط مناقصة الكهرباء، بدءاً من اليوم، لجولة مكثفة من النقاشات في اللجنة الوزارية، تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء. لكن هذا المسار، الذي تعد وزيرة الطاقة بأن يؤدي إلى رفع معدلات الإنتاج في العام المقبل، تتخلله ثغرة، سبق أن حذر منها عشرات النواب. إدارة المناقصات غائبة رسمياً عن الملف الذي لن يصلها إلا بعد إقراره من مجلس الوزراء، بينما كان يفترض بحسب القانون، وبحسب توصية مجلس النواب، أن تضع الإدارة ملاحظاتها على دفتر الشروط فور إنجازه من قبل الوزارة، لا بعد إقراره سياسياً.
إذا سارت الأمور كما تتوقع وزيرة الطاقة ندى بستاني، فإن سنة 2020 لن تمر من دون زيادة معدلات التغذية بالتيار الكهربائي. أما ما يقال عن ضغوط على لبنان لرفع الأسعار منذ بداية العام المقبل، فترد عليه بقولها لـ«الأخبار»: قرار مجلس الوزراء واضح في هذا الصدد، زيادة التعرفة مرتبطة بزيادة التغذية، ولا يمكن فصل الأمرين.
لمزيد من الدقة في تحديد التوقيت، تدعو بستاني إلى انتظار النقطة الصفر، أي لحظة توقيع عقود بناء معملي سلعاتا والزهراني. وهذا عنصر مرتبط مباشرة بما يسبقه من إجراءات قانونية وإدارية، أبرزها إقرار مجلس الوزراء لدفتر الشروط، ومن ثم تحويل وزارة الطاقة الملف إلى إدارة المناقصات. هناك تحتاج الإدارة إلى أسبوعين للإعلان عن المناقصة في الجريدة الرسمية، تليها ثلاثة أشهر لتقديم الشركات لعروضها، التي ستعمد «المناقصات» إلى فضّها وتقييمها ثم إرسال النتيجة إلى الوزارة، التي تنقلها بدورها إلى مجلس الوزراء لإقرارها قبل تفويضها بالتوقيع. وهذا يعني، بحسب تقديرات وزارة الطاقة، أن المدة بين إقرار دفتر الشروط وإقرار نتيجة المناقصة ستكون خمسة أشهر ونصف شهر، يُفترض، بحسب الخطة، أن تبدأ بعدها الشركات الرابحة فوراً بإعداد الحل المؤقت لإنتاج الطاقة، وفي مهلة أقصاها سنة… عندها فقط يمكن الحديث عن زيادة التعرفة.
كل تلك المحطات التي تسبق لحظة بدء الإنتاج المؤقت مرتبطة بعوامل متغيّرة زمنياً، أبرزها:
اتفاق اللجنة الوزارية (المكلفة بدراسة ملف معامل الكهرباء) على دفتري شروط معملي سلعاتا والزهراني، علماً بأنها عقدت اجتماعها الأول الأسبوع الماضي، وتبدأ منذ اليوم سلسلة اجتماعات لإنجاز المهمة، ومن ثم تحويل الدفتر إلى مجلس الوزراء.
وضع رئيس مجلس الوزراء بند دفتري الشروط على جدول أعمال المجلس، ثم الاتفاق على مضمونهما لإقرارهما، خاصة أن التجربة تُبيّن أنه بالرغم من وجود معظم الأطراف الممثلين في الحكومة في اللجنة، إلا أن ذلك لا يعني إقرار المجلس للدفترين كما وردا بالضرورة.
احتمال أن تتأخر الإجراءات المتعلقة بالمناقصة لأسباب قانونية أو إجرائية، كأن لا تكون العروض مستوفية للشروط، أو أن تطلب الشركات توضيحات، أو أن تخلص المناقصة إلى وجود عارض وحيد…
تأخر المعاملات والإجراءات التي تؤدي إلى تأمين الطاقة في المرحلة الموقتة لأي سبب كان.
في ما يتعلق بإدارة المناقصات، يبدو جلياً أنها حتى الآن لم تضطلع بأي دور رسمي يتعلق بالمناقصة. تؤكد بستاني أنها سترسل إليها الملف كاملاً فور إقراره من قبل مجلس الوزراء، مشيرة إلى أنه لا خشية من أي خلاف مع «المناقصات»، لأن الوزارة على تنسيق تام معها.
في ما سبق، يتضح أن الوزارة لا تضع في الحسبان احتمال أن تضع الإدارة ملاحظات على الدفتر، عندما يصلها بشكل رسمي. لكن بحسب تجارب سابقة، فإن إقرار مجلس الوزراء لدفتر الشروط، لا يعفي «المناقصات» من إبداء رأيها فيه، وبالتالي فإن أي ملاحظات جوهرية ستؤدي إلى مزيد من التأخير، لأن الملف يُفترض أن يعود ثانية إلى مجلس الوزراء.
ثمة إجراء يوفّر الكثير من الوقت ويُفترض أن يكون بديهياً، لكن الوزارة لم تلجأ إليه. بحسب قانون المحاسبة العمومية، ليست الإدارة المعنية (وزارة الطاقة في هذه الحالة) مضطرة لأخذ موافقة مجلس الوزراء على دفتر الشروط. في الأساس ليس مجلس الوزراء، ولا اللجنة الوزارية، مرجعاً صالحاً لوضع دفتر الشروط. فهذا عمل إجرائي يجري بين الإدارة المعنية وإدارة المناقصات، بحيث تعدّ الأولى الدفتر وترسله إلى الثانية، فإذا كان لها ملاحظات إجرائية تتفق بشأنها مع الوزارة، أما في حال الملاحظات الجوهرية، فقد درجت العادة على أن تُرفع إلى مجلس الوزراء لبتّها.
كل ذلك لم يجر، بل فضّلت الوزارة أخذ موافقة مجلس الوزراء على دفتر الشروط، على أن ترسل الملف إلى إدارة المناقصات بعد إقراره، وها قد مرّ أسبوعان منذ أرسلت الملف إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، من دون أن يسجل أي تقدم جدي.
في القانون الرقم 129 (تلزيم معامل الكهرباء) الذي نشر في الجريدة الرسمية في 30 نيسان الماضي، كان البند الثاني ينص على أن «تُطبّق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة لأصول التلزيم للمناقصة، باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA)». الاستثناء بدا لكثير من النواب بمثابة القطبة المخفية التي تحرر وزارة الطاقة من سلوك المسار القانوني للصفقة. ولذلك، ركّزت معظم المداخلات على رفض الاستثناء خوفاً من الحد من صلاحيات إدارة المناقصات. وقد عُرضت ثلاثة اقتراحات تعديل مقدمة من النواب بولا يعقوبيان وجورج عقيص وجميل السيد، لكن الأغلبية النيابية أسقطت هذه الاقتراحات. عندها طالب الرئيس نبيه بري بتسجيل تفسيره التالي في المحضر: «هذا النص يعني أن الإدارة أو الوزارة هي من تعدّ دفتر الشروط، فترسل لإدارة المناقصات وتوضع الملاحظات، فإذا كان هناك اختلاف مع الوزارة يرفع الأمر الى مجلس الوزراء الذي يقرر اللازم».
في 3 حزيران، صوّب المجلس الدستوري النقاش أكثر، فأبطل الاستثناء الذي تضمنه القانون 129، «بسبب غموضه»، مؤكداً وجوب تطبيق قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص المرتبطة بأصول التلزيم من دون استثناء.
هذا يقود حكماً إلى نظام المناقصات، وتحديداً في المادة 17 منه، التي تلزم إدارة المناقصات بأن «تدقق في محتويات الملف وتتثبت من خلوّه من المخالفات والنواقص». وإذ تحدد هذه المادة مجموعة من النقاط التي يجب التحقق منها بصورة خاصة، فإن من بينها: «خلو دفتر الشروط الخاص والمستندات من كل ما من شأنه تقييد المنافسة أو ترجيح كفة أحد المنافسين».
وعليه، ولأن وزارة الطاقة قد سلكت الطريق الأطول (تحويل الملف إلى مجلس الوزراء)، فإن ذلك سيسهم في تأخير إضافي له، إذا وجدت إدارة المناقصات أن فيه عيوباً جوهرية. وبصرف النظر عن توقيت إرسال الملف إليها، يُفترض بها، قانوناً، التدقيق فيه. وهذا يعني أنها لن تكون ملزمة بتنفيذ دفتر الشروط، إذا لم تكن موافقة عليه، بل يجب عليها رفع تقرير بالملاحظات، حيث يفترض أن ترفعه الوزارة، مع ملاحظاتها على مضمونه، إلى مجلس الوزراء. وعندئذ، يحق لمجلس الوزراء أن يأخذ ما يراه مناسباً، فتنفّذ إدارة المناقصات المناقصة على مسؤولية السلطة السياسية.
بستاني: أشغال دير عمار2 ستبدأ في كانون الأول
كشفت وزيرة الطاقة ندى بستاني أن الأشغال في معمل دير عمار 2 ستبدأ في كانون الأول المقبل، بعد أن أُنجزت كل الترتيبات القانونية لذلك، وبعد أن أبلغت الشركة الوزارة أنها جاهزة لبدء العمل. وأوضحت أن ذلك مرهون أيضاً بموافقة مجلس الوزراء على العقد، الذي يُفترض أن يكون جاهزاً في نهاية الشهر الحالي. واعتبرت أن واحداً من أسباب التأخير مرتبط بانتظار موافقة مجلس الوزراء على عقدي سلعاتا والزهراني، بما يسمح بوجود عقد نموذجي يُعتمد في كل المعامل التي تُبنى على أساس عقود شراء الطاقة. وعليه، فإن موافقة مجلس الوزراء على عقدي سلعاتا والزهراني سيضمن سرعة الموافقة على عقد دير عمار 2 ذي الطبيعة المشابهة.
ورفضت بستاني التعليق على ما أثارته «الأخبار» عن خلاف بين الشركاء أسهم في تأخير العمل، كما رفضت الحديث عن تركيبة الشركة وأسماء المستثمرين، معتبرة أن الملف سينتقل إلى مجلس الوزراء، الذي سيطّلع عليه ويصدر قراره بشأنه، على أن تُعرف بعدها كل المعلومات المتعلقة بالشركة.
وتجدر الإشارة إلى أن بناء معمل دير عمار 2 كان مقرراً أن يتم لحساب الدولة، لكن الخلاف بين وزارتي المال (حركة أمل) والطاقة (التيار الوطني الحر) قبل نحو 4 سنوات على هوية من سيدفع الضريبة على القيمة المضافة أدى إلى تحويل العقد إلى ما يُشبه الـ bot، إذ ستبني شركة خاصة المعمل، وتبيع إنتاجه من الكهرباء إلى الدولة لمدة تزيد على 20 عاماً، قبل أن تعود ملكيته إلى الدولة.