كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الأوسط:
أكد مصدر وزاري لبناني واسع الاطلاع أن بلاده تلقت رسالة واضحة من المجتمع الدولي مفادها أنه لن يتخلى عن مساعدة لبنان للتغلب على أزماته المالية والاقتصادية «شرط التزام النأي بالنفس فعلاً لا قولاً، وأن يكون القرار في السلم والحرب من صلاحية الحكومة بلا أي شريك محلي»، في إشارة إلى المواقف التي تصدر عن «حزب الله» وتتعارض مع هذه التوجهات.
وقال المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط» إن «لبنان نجح في الحفاظ على استقراره من خلال الدور الذي قام به رئيس الحكومة سعد الحريري إبان حرب الطائرات المسيّرة» بين «حزب الله» وإسرائيل، ورأى ضرورة وجود حاضنة سياسية لمقررات «سيدر» فور إطلاق الضوء الأخضر لوضعها موضع التنفيذ وأنها لن تتأمن إلا بقيام شبكة أمان سياسية لا تعرّض البلد إلى أي اهتزاز من جراء الخروج على البيان الوزاري الذي نص من دون أي لبس على التزام الحكومة بسياسة النأي بالنفس.
وأكد أن على الحكومة القيام بجهد خاص لدى «حزب الله» بهدف «إقناعه بجدوى النأي بالنفس وعدم استخدام لبنان على أنه منصة لإطلاق الصواريخ السياسية التي تستهدف الدول العربية التي لم تقصّر يوماً في مد العون للبلد».
وشدد على أن البدء بتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» لن يسري مفعوله «ما لم يصَر إلى تحصين الوضع الداخلي وتعزيز الاستقرار فيه، وهذا لن يتحقق إلا بالتزام جميع الأطراف، وتحديداً (حزب الله)، بسياسة النأي بالنفس وعدم إقحام لبنان في لعبة المحاور، أكانت إقليمية أو دولية لأنه بذلك يعرّض تحييده إلى الأخطار ويدفع في اتجاه إقحامه في الصراعات المشتعلة في المنطقة بدءاً بدول الجوار».
ورأى أن على الحكومة الإفادة من الوقت إلى حين انعقاد الهيئة الاستراتيجية لمتابعة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» في باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل والإسراع باستكمال التحضيرات المطلوبة منها للإفادة من هذه المقررات المخصصة لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية.
وقال إن «هدر الوقت لا يصب لمصلحة البلد لأنه سيؤدي إلى التأخير في توظيف مفاعيل المقررات التي تدفع باتجاه منع الانهيار».
واعتبر أنه «لم يعد من مبرر يعيق الإسراع بتحقيق الإصلاحات المالية والإدارية شرط أن تأتي متلازمة مع إقرار الموازنة لعام 2020 في موعدها الدستوري، وأيضاً الشروع في خفض العجز بدءاً بالكهرباء». وسأل عن الأسباب التي لا تزال تعيق تشكيل الهيئات الناظمة لقطاعات الكهرباء والطاقة والاتصالات والطيران، وأيضاً تعيين نواب حاكم مصرف لبنان ومجلس إدارة جديد لمجلس الإنماء والإعمار. ورأى أن التأخير لا يخدم الإسراع بالإفادة من مقررات «سيدر» باعتبار أن «هذه التعيينات باتت ملحة ويجب الإفراج عنها في أقرب وقت ممكن».
وكشف أن «بعض التعيينات كان موضع انتقاد لانطلاقه من مبدأ المحاصصة وأدى إلى حصر الحصة المسيحية بالتيار الوطني الحر كأنه يراد منها إلغاء جميع منافسيه في الشارع المسيحي».
وقال إن «الحكومة لم تكن مضطرة لإسناد منصب المجلس الأعلى للخصخصة إلى فرحات فرحات المحسوب مباشرة على الوزير جبران باسيل». وأكد أن «هذا المنصب يجب أن يُسند إلى شخصية حيادية لما له من دور في تحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص».
وقال المصدر الوزاري إنه يجهل الأسباب الكامنة وراء تأخير تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء والطاقة، وأيضاً مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان. وأكد أن «وجود الهيئة الناظمة ضروري لما لها من دور في تحقيق الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في الكهرباء، والتأخير في تشكيلها يعني حكماً أن إدارة هذا القطاع ستبقى تحت إشراف التيار الوطني، خصوصاً أن رئيس المجلس الأعلى للخصخصة يتبع له، وبالتالي لن يكون عائقاً أمام تحقيق هذه الشراكة بشروط لا دور فيها للهيئة الناظمة».
واستغرب قول وزيرة الطاقة ندى البستاني إن تأخير تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء يعود إلى التريث لبعض الوقت ريثما يصار إلى إقرار التعديلات المقترحة على القانون. وشدد على أن «تذرّع الوزيرة بذلك ليس في محله، ومن الأفضل الإسراع في تشكيل الهيئة الناظمة». وحذر من أن «الحكومة تقف بدءاً من اليوم أمام مهمة قد لا تكون سهلة وتتعلق بتوفير الإطار السياسي العام الذي يشجع الدول على مواصلة دعمها للبنان والذي لن يتأمن عملياً إلا بالتزام الجميع وأولهم حزب الله بسياسة النأي بالنفس عملاً لا قولاً، إضافة إلى المضي في تحقيق الإصلاحات الإدارية والمالية على قاعدة أن تُعطى الأولوية لتشكيل الهيئات الناظمة بلا أي تردد أو تمديد لهدر الوقت. وعليه، فإن توصّل الحكومة إلى وضع خطة عملية لخفض العجز في الكهرباء يشكل الممر الإلزامي للعبور منه إلى مؤتمر سيدر للإفادة من مقرراته».