Site icon IMLebanon

زمن المعجزات..هل ينقلب الشعب اللبناني على ذاته؟

كتب د. عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:

تتراكم الأزمات في لبنان يوماً بعد آخر رغم الجهود الحثيثة التي يبذلها أهل الحكم لتفادي الانزلاق إلى المحظور، وآخر هذه المحاولات قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري مع الرئيس الفرنسي ماكرون، تكللت كما تناقلت وسائل الإعلام اللبنانية والفرنسية والعالمية بالنجاح لجهة البدء في تنفيذ مقررات «سيدر» لجهة دعم لبنان وضخ بعض الأوكسجين في عروقه الخاوية. إلا أن ذلك كلّه لا يكفي لكي يقوى هذا البلد ويتغلب على كل الصعوبات المتراكمة التي يمر بها، ويعيد عجلة الدولة المتوقفة إلى الدوران، إلا إذا حصلت عجيبة في زمن العجائب، ما يعني ان النجاح الذي حققته زيارة الرئيس الحريري إلى الأم الحنون التي «قلبها» دائماً على لبنان، لا يتعدى كونه تأخير السقوط في الهاوية، مُـدّة من الزمن بعد أن وصل إلى مشارف السقوط فيها، باعتراف كل الطبقة الحاكمة والمتحكمة في آن معاً، ما دام أن هذه الطبقة تسير على نفس الطريق التي أوصلت الدولة، ومعها الوطن إلى حافة الهاوية.

رئيس الجمهورية، ما زال متفائلاً بقدرة لبنان على تخطي كل المصاعب الاقتصادية التي يمر بها حالياً، إذا ما اتفق الجميع على توحيد جهودهم، وابتعدوا عن شريعة الاستئثار والهيمنة وعن سياسة نهب المال العام، بلا أي وازع من ضمير، وهو إلى ذلك ما زال واثقاً من قدرة هذه الطبقة على تجاوز «الانا» القاتلة، والتضحية ولو بقليل من أجل إنقاذ الوطن من السقوط في قعر الهاوية، وينقل عن زواره انه واثق بما يقول وبما يعتقد، ولن يتخلّى عن هذا التفاؤل مهما بلغت شدّة الأزمة الحالية التي يواجهها لبنان.

وإذا كان رئيس الجمهورية واثقاً مما يقول ويعتقد فإن باقي الطبقة الحاكمة أو جلها، لا يشاركونه هذا الأمر وباتوا أكثر ميلاً إلى فقدان الأمل بهذا البلد، ما لم تتغير أساليب الحكم المعتمدة حتى الآن، والتي لا يبدو انها تسير في اتجاه التغيير الصحيح، الذي ينصح به المجتمع الدولي الحريص على بقاء هذا البلد لعدة اعتبارات تتعلق بالتوازنات في المنطقة، وبغيرها من الاعتبارات ذات الصلة بهذه التوازنات وما المواقف التي يطلقها بعضهم بين الحين والآخر الا دليل ساطع على فقدان الأمل بأن ينتصر لبنان على أزماته ويستعيد موقعه على الخريطة الدولية ويستعيد بالتالي الاهتمام الدولي به، وفي مقابل كل ذلك، بعد وقبل أي أمر آخر هناك مسؤوليات كبيرة تقع على هذه الطبقة أولها التخلي عن عقلية دولة المزرعة لمصلحة الدولة الفعلية والحقيقية، يبدو أن مثل هذا الأمر صعب وربما مستحيل ما دام نظامه مبنياً على أساس طائفي وليس على اساس وطني كما كانت تطالب به الطبقة السياسية التي توالت على الحكم بعد الاستقلال وحتى تشوب الحرب الأهلية، والتوصّل إلى وقفها على أساس القاعدة نفسها التي انطلقت منها، أي حكم الطوائف أو ما يسمونهم أمراء الطوائف أو أمراء الحرب، فهؤلاء الأمراء يتحملون مسؤولية كل الحالة التي وصل إليها لبنان اليوم وما سيصل إليه في المستقبل القريب أو البعيد، الا إذا حصلت معجزة وانقلب الشعب اللبناني على ذاته، الأمر الذي يبدو انه مستحيل، عند كل أصحاب التبصر والبصيرة، وهناك أكثر من تجربة مرّ بها اللبنانيون وأثبتت لهم ان ما يحل بهم، هو عمل إرادي لا يتحمل مسؤوليته أحد سواهم، ومع كل ذلك، على هؤلاء اللبنانيين أن لا يفقدوا الأمل ويستسلموا إلى مشيئة الطبقة التي تتحكم فيهم قبل أن تحكمهم، وينظروا دائماً إلى النصف المملوء من الكوب وليس إلى النصف الفارغ.