خرقت أجواء من التوتر الهدوء الذي كان من المفترض أن تسود الجلسة التشريعية، حيث انسحب رئيس الحكومة سعد الحريري غاضبا من نواب تكتل لبنان القوي الذين أصرّوا على تمرير مشاريع قوانين يعتبر الحريري أنّ الحكومة لا تملك المال لتمويلها.
وتطور السجال مع دخول عضو تكتل لبنان القوي النائب ابراهيم كنعان على خط السجال، معتبرا أنّ المشاريع التي سُحبَت لم تمرّ لأنها في جبل لبنان وكأنّ المشكلة تأخذ منحىً طائفياً ومناطقياً، الأمر الذي أزعج الحريري.
وهنا تمّ التشديد على “ضرورة بحث هذه المشاريع الحيويّة الإنمائيّة لما تحمل من أهميّة، وهناك قرارات صادرة عن مجلس الوزراء بشأنها، وهي ليست بجديدة“.
واستذكر عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجّار مقاطعة كنعان متُهماً إياه بـ”التعدّي على صلاحيّات رئيس الحكومة”، فأجاب كنعان: “لا نعتدي على صلاحيّات أحد و”هيدا مش تعاطي ولغة التعالي ما بتمشي معنا“.
وبعد تدخّل وزير الماليّة علي حسن خليل وعدد من النواب لتهدئة الأجواء، عاد الحريري للمشاركة في الجلسة التشريعيّة.
وبعد الجلسة عقد نواب المتن مؤتمرا صحافيا مشتركا، بدأه وزير الدفاع الياس بو صعب (بصفته نائبا عن المتن)، بكلمة أوضح فيها أن “الاعتراض على إسقاط مشروع قرار صدر عام 1999 واتفقنا عليه عام 2014 في الحكومة، ثم تابعه النواب ليتناول طرقات في كل الأراضي اللبنانية عام 2014 والذي انطلق تنفيذه بقي جزء منه يحتاج هذا المشروع ليكتمل، مشيرا إلى أن “الخلاف في القاعة العامة يكمن في أن الحكومة رفعت 10 مشاريع قوانين، وتم سحب أحدها. وهذا ما كنا نحاول أن نقوله للرئيس الحريري“.
وشدد على أن “الحلول موجودة وكان يمكن بحثها، خصوصا أن التمويل كان يمكن أن يؤجل ويعطى على دفعتين. ولكن بدت الأمور وكأن الاعتراض بات ممنوعا”، معربا عن أسفه لأن “البعض حاول أن يجرنا إلى الكلام عن صلاحيات رئيس الحكومة ، علما أن أحدا لم يتطرق إلى ذلك“.
وختم: “نحن مصرون على أن المشاريع في لبنان كله، وبعد التوافق يجب أن تحقق في إطار انماء متوازن “.
ثم تحدث النائب كنعان، فاعتبر أن “الحكومة لا تستطيع أن تناقض نفسها. مذكرا بأن الحكومة اتخذت قرارات في 2014، وتقر سلفة خزينة عام 2014، وقرارا حكوميا آخر في 2018، إضافة إلى قرار الاحالة إلى المجلس النيابي في 2019، وذلك لفتح اعتماد إضافي لأن “الاخوان” كانوا قد فتحوا كل الطرقات في كل المناطق. وإذا كان هناك من مخالف فإنه هم (أي الحكومة).
وسأل: “إذا كان المال غير متوفر، لماذا أرسل المشروع إليننا في 2019 ولماذا لم تدخلوه في موازنة 2019 “، مذكرا بأن “هذه المشاريع سبق أن انطلق تنفيذها في كسروان وجبيل والمتن، وتحديد في جبل لبنان.
وأضاف: “في هذه الجلسة، مر أكثر من مشروع قانون متعلق بمناطق عزيزة علينا لكن لماذا يتوقف هذا المشروع من دون حل بديل، علما أن كان في الامكان طرح قانون برنامج من الحكومة، أو تقسيط المشاريع بالاعتماد على الأولويات. لكن بعد عامي عمل في مجلس النواب و5 سنوات على قرارات الحكومة، لا يجوز استرداد المشاريع بهذا الشكل، وماذا نقول للناس قبيل موسم الشتاء، وحال بعض الطرقات سيئ”؟
وختم كنعان: أنا رئيس لجنة المال، وأكثر الحريصين على المال العام. لكن التأخير سيكلف الدولة أضعافا مضاعفة. علما أن هناك بنودا جزائية في العقود الموقعة مع المتعهدين، وإعادة التلزيم ستضر المالية العامة“.
وفي كلمته، تمنى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل “لو أننا لم نصل إلى أن نقول هذا الكلام” مذكرا بأن المشروع أقر في الحكومة التي شاركنا فيها في 2014، وبجهد كبير. واليوم لا نفهم لماذا يمنعونها من بلوغ النهاية.
وأضاف: “نتمنى على أفرقاء الحكومة أن يتفقوا في ما بينهم ليمشي هذا المشروع لأن تقاذف المسؤوليات لا يفيد”، مشيرا إلى أن “هناك مسؤولية مشتركة على الحكومة وأفرقائها لجهة الالتزام بهذا الملف في مجلسي النواب والوزراء لنستكمل ما أقر في حكومة الرئيس تمام سلام“.
من جهته، شدد النائب إدي أبي اللمع على “أننا نحترم صلاحيات رئيس الحكومة. لكننا لا نتحدث اليوم عن تمويل أمر انمائي، بل عن مشاريع سبق أن فتحت أي أن الأعمال إنطلقت”، محذرا من أن “إن لم تستكمل المشاريع، سترتب أعباء إضافية على الخزينة، وهذا ليس توفيرا بل خسارة. ذلك أن إلى جانب عدم القدرة على تأمين الانماء، نكبد الخزينة خسائر فادحة ونحمل المواطن مشقات على الطرقات لا تقاس لأن المتن الشمالي هو بيروت. وإذا لم ترتب طرقاته فهذا يزيد العراقيل على المواطن“. وشدد على أن “أحدا لم يتحدث عن خلفيات طائفية مؤكدا أننا نريد إكمال المشاريع التي سبق أن بدأت”.