كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
للمرة الثانية على التوالي، تجنّب وزير الاتصالات محمد شقير “المواجهة” مع النائب جميل السيد، متجاوزاً موعد اجتماع لجنة الاعلام والاتصالات النيابية بحجة رفضه الجلوس وجهاً لوجه مع النائب البقاعي.
حتى الآن، لا تزال أسباب الخلاف غير واضحة. يقول أحد أعضاء اللجنة إنّ شقير منزعج من السيد بسبب كلام نقل عن لسانه طاوله على المستوى الشخصي، فيما يقول النائب البقاعي إنّ وزير الاتصالات يخشى اعادة فتح ملف مبنى “تاتش” ويفضّل “الهروب” من مساءلة أعضاء اللجنة.
هكذا انعقدت اللجنة من دون الوزير المختصّ، وواصلت حفرها “جبل” الاتصالات بإبرة تحقيقاتها بحثاً عن “المليارات الضائعة” في مغارة الشركتين المشغّلتين لقطاع الخلوي. تحاول اللجنة السير بين ألغام كانتونات مصالح القوى السياسية ومناجمها، ولو أنّها تعكس بتركيبتها أصلاً، لوحة البرلمان السلطوية، إلّا أنها تسعى، ضمن الهامش المحدود إلى تسليط الضوء على الارتكابات اليومية التي يشهدها القطاع.
وضمن هذه الروحية، يسلك مطلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية طريقه إلى التنفيذ بعدما وقّع ممثلو مجموعة من الكتل النيابية، ومستقلون، على مطلب إنشاء اللجنة بانتظار عرضه على الهيئة العامة ليصير قانوناً نافذاً.
رئيس اللجنة، الوزير السابق حسين الحاج حسن يفضّل أن يتضمن الطلب أكبر مروحة من التواقيع. حتى الآن، لا تزال كل من كتل “المستقبل”، “القوات” و”اللقاء الديموقراطي” على الضفة المتحفّظة. ويشير إلى أنّ التشاور يجري على قدم وساق مع هذه الكتل لضمّها إلى الضفّة المؤيدة، حيث تتمّ مناقشة كل الملاحظات الواردة من هذه الكتل لأخذها في الاعتبار.
ويبدو وفق المتابعين أنّ الحاج حسن قد يحسم موقفه خلال الأيام القليلة المقبلة، ليسجل الطلب “بمن حضر” من التواقيع في قلم مجلس النواب. هكذا يغيب هذا البند عن جدول أعمال الهيئة العامة اليوم والمخصصة لدرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال.
وفي هذا السياق، يقول نائب من كتلة “التحرير والتنمية” إنّ الرئيس نبيه بري يغلّب الطابع التوافقي ويفضّل ولادة اللجنة في مناخ تفاهمي. ولو أنّ توقيع نائب واحد يكفي، بحسب أحد النواب المتابعين، لتسجيل الطلب في قلم المجلس. لكن مروحة التواقيع لها مؤشرها المعنوي والسياسي الذي يدلّ على أنّ للاقتراح أكثرية النصف زائداً واحداً الذي يسمح للجنة برؤية النور. وهذا ما ضمنته اللجنة المنشودة للتحقيق في ملف الاتصالات.
عملياً، لا تشجّع تجربة المساءلة البرلمانية على انتظار الانجازات من لجنة التحقيق، ولو أنّه سبق أن شهد مجلس النواب الكثير من لجان التحقيق التي أثبتت فعاليتها… لكن قيامها واسترسالها بفتح الملفات ودفاتر الحسابات من شأنه أن “يفتّح” العيون على مزاريب الهدر، وقد تتحول التقارير المنجزة في هذا السياق إلى أشبه بإخبارات قادرة على تحريك القضاء.
اللجنة تتمتع بصلاحية واسعة في الاستجواب
عملياً، يمكن للجنة أن تبقى شاهد زور، ويمكن لها في المقابل أنّ تتحصّن بصلاحيات قضائية اذا ما ارتأى البرلمان ذلك، ولكنها في مطلق الأحوال تتمع بصلاحيات واسعة في الاستجواب وطلب الوثائق… ولسلطتها طبيعتان: ملاحقة المعنيين كطرح الثقة بوزير مرتكب أو حتى الملاحقة الجزائية، وتصحيح أي ضرر ناجم عن ارتكاب أو تصويب قرارات تبيّن أنها مضرة بالمصلحة العامة ومحاسبة المضرّين.
ومع ذلك، قد تواجه اللجنة مطب رئاستها اذا ما وقع الخلاف حول هذا الموقع، وقد تواجه أيضاً مطب تفريغها من مضمونها اذا ما طلب المعترضون عليها الانضمام إليها بعد فرض شروط “تسووية” قد تؤدي إلى تشويه عملها.
وينصّ النظام الداخلي لمجلس النواب في:
– المادة 139: لمجلس النواب في هيئته العامة أن يقرر إجراء تحقيق برلماني في موضوع معين بناءً على اقتراح مقدم إليه للمناقشة أو في معرض سؤال أو استجواب في موضوع معين أو مشروع يطرح عليه.
– المادة 140: تجري اللجنة تحقيقها وترفع تقريراً بنتيجة أعمالها إلى رئيس المجلس الذي يطرحه على المجلس للبت في الموضوع.
– المادة 141: للجنة التحقيق أن تطلع على جميع الأوراق في مختلف دوائر الدولة وأن تطلب تبليغها نسخاً عنها وأن تستمع للإفادات وتطلب جميع الإيضاحات التي ترى أنها تفيد التحقيق.
– المادة 142: يحق للجان أن تعين لجنة فرعية من أعضائها لاستقصاء الحقائق في قضية معينة. وفي حال امتناع الإدارة المختصة عن توفير المعلومات المطلوبة إلى اللجنة الفرعية ترفع هذه الأخيرة تقريراً بالأمر إلى اللجنة التي انتدبتها، التي تقوم بدورها بطلب تعيين لجنة تحقيق برلمانية من الهيئة العامة.
– المادة 143: يمكن للمجلس أن يولي لجان التحقيق البرلمانية سلطات هيئات التحقيق القضائية على أن يصدر القرار في جلسة للهيئة العامة. يتم التحقيق وتمارس اللجنة صلاحياتها وفقاً لأحكام القانون رقم 11/72 تاريخ 25 أيلول 1972.