IMLebanon

العالم مستعد لدعم بيروت وينتظر خطوة واحدة!

يُبدي العالم كلّه استعدادا كبيرا لمساعدة لبنان والوقوف الى جانبه، ليس فقط اقتصاديا وماليا عبر مؤتمر سيدر، إنما أيضا سياسيا وأمنيا وعسكريا وسياحيا… هذه الحقيقة باتت راسخة لدى كل من راقب التطورات والمواقف التي سجّلت في الايام القليلة الماضية، من مشاورات رئيس الحكومة سعد الحريري في باريس الى المحادثات التي يجريها اليوم مساعد وزير الخزانة الاميركي لشؤون مكافحة الارهاب مارشال بيلينغسلي في بيروت، مرورا بالموقف الايجابي الذي أعلنه وزير المال السعودي محمد الجدعان الاسبوع الماضي كاشفا أن المملكة تجري محادثات مع حكومة لبنان بشأن تقديم دعم مالي، قائلا “نضع أموالنا والتزامنا في لبنان، وسنواصل دعم لبنان ونعمل مع حكومته”.

غير ان انتقال هذه النيات الحسنة من “النظري” الى أرض الواقع، يحتاج “خطوة” من الدولة اللبنانية، تبدو في نظر الخارج “بسيطة” لكن أهل الحكم، على ما يبدو، يعتبرونها “جبلا ثقيلا” على منكبيهم، غير قادرين على اتخاذها او تحمّل تبعاتها. هذه “الخطوة” السحرية، بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، ليست اقتصادية – اصلاحية فحسب، بل هي “سياسية – استراتيجية”.

فالقاسم المشترك لدى كل رعاة لبنان الدوليين، العرب والغربيين، هو تشديدهم على ضرورة وقوف لبنان على الحياد في الصراع المحتدم في المنطقة، والتقيّد بما جاء في بيان حكومته الوزاري لناحية النأي بالنفس. فاختلال التوازن على الساحة اللبنانية لصالح محور اقليمي هو ايران، على حساب آخر، هو الخطر الاكبر على استقراره وعلى مصيره، ليس فقط على المساعدات المخصصة له. وتاليا، من الضروري ان تحيّد الدولة نفسها عن المواقف التي يطلقها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ما يخص انخراط لبنان في التصدي لاي اعتداء قد تتعرض له الجمهورية الاسلامية. بحسب المصادر، ليس مطلوبا من الدولة نزع سلاح حزب الله، فالمجتمع الدولي لا يطلب من لبنان المستحيل، بل جل ما يريده منه، رسم حدّ فاصل بين ما يقوله الحزب وبين سياسات الدولة اللبنانية، أقلّه في الموقف. لكن هذا لم يحصل، وقوبل الكلام الذي أطلقه نصرالله في هذا الشأن في الاسابيع الماضية، بصمت رئاسي – حكومي مطبق، فاقمته مقاطعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الموجود في نيويورك، للسنة الثالثة على التوالي، الاستقبال التقليدي الذي يقيمه مساء اليوم الرئيس الاميركي دونالد ترامب لرؤساء الدول ‏والوفود المشاركة في الجمعية العمومية للامم المتحدة.

هذا الأداء الرسمي كلّه، حذر المسؤولون الاميركيون والخليجيون والفرنسيون، من أنه سيؤثر سلبا على صورة لبنان وحكومته في عيون العالم، اذ انه سيصبغها بلون “الحزب” ومحور الممانعة. وستكون النتيجة انكفاءً تاما عن دعم بيروت، قد ينتقل في حال لم يتم تداركه، الى درجة مقاطعتها وعزلها، تماما كما هو حاصل مع طهران ودمشق.

انطلاقا من هنا، كانت النصيحة التالية للبنانيين: حافظوا على التوازن في الداخل، واخلقوا مسافة “آمنة” بين الدولة وحزب الله، ولا تذوبوا بالاخير أو تسمحوا له بفرض خياراته وتوجّهاته المحلية والاستراتيجية على الحكومة.

فهل يتم الاخذ بهذه النصيحة؟ المصادر تأمل ذلك وتقول ان مفاعيل “الحياد” الايجابية ستكون “مذهلة”، اذ ستفتح في سرعة قياسية، ابواب سيدر امام اللبنانيين، ربما قبل إنجاز الاصلاحات. ففي حال عدنا الى “النأي” وتم التمايز عن الحزب، العالم سيهب لمساعدة بيروت حتى انه سيأخذ بيد حكومتها ليعاونها في سلوك الطريق السليم الى محاربة الفساد والنهوض.