أفادت مصادر إيرانية بأن طهران مستعدة لإعطاء ضمانات وقبول تعديلات على الاتفاق النووي الموقع مع دول غربية كبرى في 2015، في حال عادت واشنطن إلى الاتفاق ورفعت العقوبات عنها.
وكعادتها أتبعت طهران قبولها بتشديد عمليات التفتيش على برنامجها النووي، برفع العقوبات الأميركية عنها، مما جعل العرض الإيراني يراوح بين الخضوع استجابة للضغوط الأميركية أو المناورة المؤقتة حتى تمر العاصفة.
ويأتي هذا في وقت قالت وسائل إعلام إيرانية، إن التعديلات المقترحة على الاتفاق النووي، تتطلب موافقة البرلمان على بروتوكول إضافي ملحق بالاتفاق.
وجاء الكشف عن هذه الخطوات عقب إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني عن استعداد طهران لإدخال تعديلات وإضافات على الاتفاق النووي، بالتزامن مع تشديد وزير الخارجية جواد ظريف على أن “الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لحل القضايا”.
مبادرة خجولة
وعلى الرغم أن المبادرات الإيرانية تبدو خجولة مقارنة بسقف المطالب الأميركية بالتفاوض حول اتفاق جديد وشامل، فإن مراقبين يرون بإمكانية أن تمثل نقطة انطلاق للتقريب بين وجهات نظر ومواقف بعيدة جدا، وبأنها جاءت بالتزامن مع تكثيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لجهود الوساطة التي يقوم بها بين الطرفين.
واعتبر ماكرون أن ظروف استئناف سريع للمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة قد تهيأت، وقد وجدت هذه الظروف لتشكل مجموعة متناسقة لتخفيف التصعيد في المنطقة، وبأن الحوار لا يخص واشنطن وطهران وحدهما، بل يشمل كل الموقعين على اتفاق 2015.
وعن أهمية المبادرة الفرنسية وإمكانية مساهمتها في تغيير النهج الإيراني، أشاد الباحث في العلاقات الدولية ميشال أبو نجم بجهود الرئيس ماكرون الذي أجرى العديد من الاتصالات واللقاءات.
البحث عن ضمانات
وشدد أبو نجم في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية” على أن حصول لقاء بين رئيسي أميركا وإيران ليس مهما، وإنما مضمون ذلك اللقاء، مضيفا أنه من الضروري أن تكون هناك ضمانات متبادلة من الطرفين.
وتابع الخبير في العلاقات الدولية قائلا: “إيران تريد من أميركا ضمانات برفع العقوبات عنها، في حين من المهم بالنسبة لواشنطن أن يقدم النظام الإيراني بدوره ضمانات تتعلق ببرنامجه النووي والخاص بالصواريخ الباليستية، هذا إلى جانب تعهد طهران بتغيير سياستها الإقليمية والتخلي عن دعم الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة”.
أزمة ثقة
وأثار حديث الرئيس الفرنسي عن توفر الظروف لفتح قنوات تواصل بين الجانبين الأميركي والإيراني، تساؤلات عن طبيعة تلك الظروف، خصوصا بعد كلمة الرئيس دونالد ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء.
وقال ترامب إن “إيران تمول النزاعات في كل من سوريا واليمن”، ووصف النظام الإيراني بـ”القمعي”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه “من أكبر التهديدات التي نواجهها اليوم”.
ودعا الرئيس الأميركي كل دول العالم، إلى تشديد الخناق على الاقتصاد الإيراني، قائلا إنه يجب ألا تساند أي دولة “تعطش إيران للدماء”.
وقال ترامب: “جميع الدول عليها واجب التحرك، يجب ألا تساند أي حكومة مسؤولة تعطش إيران للدماء. والعقوبات لن ترفع طالما واصلت إيران سلوكها الذي ينطوي على تهديد. سيتم تشديد العقوبات”.
ومن جانبهم يرى الإيرانيون أن أي تواصل مع الأميركيين، يجب أن تتوفر له الظروف اللازمة، وانعدام هذه الظروف سببه انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وهو ما أشار إليه الرئيس الإيراني بقوله: “قبل هذا الأمر علينا إيجاد مناخ من الثقة المتبادلة، وترامب قوض الثقة بين بلدينا بقراره الانسحاب من الاتفاق النووي دون تبرير”.
وبينما يسعى الرئيس ماكرون لانتهاز فرصة تواجد ترامب وروحاني في نيويورك، يرى أبو نجم أن هناك أزمة ثقة بين الطرفين، حيث لم يتواصل البلدان بشكل مباشر منذ عام 1979 باستثناء اتصال أجراه الرئيس السابق باراك أوباما بروحاني قبل 3 سنوات.
وأوضح أبو نجم تصوره للتواصل الأميركي الإيراني بالقول: “الخطة الفرنسية للتقريب بين الطرفين لا زالت موجودة، وهي التي سيبنى عليها أي اتفاق. الظروف التي يريدها كل طرف غير متوفرة حاليا، لذا أعتقد أن اللقاء سيتم بطريقة تدريجية، أي أنهم سيكون على مستوى مستشارين أو وزراء خارجية قبل الارتقاء لمستوى أعلى”.
فشل إيراني
وفي ظل معاناة إيران للآثار المترتبة على العقوبات الأميركية، يرى مراقبون أن من مصلحة طهران القبول بأي شروط تفرضها الإدارة الأميركية عليها، وهو ما يؤيده أبو نجم، موضحا أن العامل الزمني فيما يتعلق بتحسين العلاقات مع واشنطن لا يصب في مصلحة إيران التي يعاني اقتصادها كثيرا في ظل انهيار عملتها وتدهور صناعاتها وتراجع مستوى معيشة شعبها.
وتبدو الخيارات المتاحة أمام إيران محدودة للغاية وخصوصا بعد فشلها في شق الصف الأوروبي من جهة، وتخريب العلاقات بين دول الاتحاد وواشنطن، وهو ما فسره أبو نجم بالقول: “يراهن الأميركيون عندما يقولون بأنهم يريدون ضمانات صلبة من إيران على تأثير العقوبات الهائل، فضلا عن فشل طهران في إحداث انقسام بالمواقف الأوروبية، وهو ما بدا جليا في البيان الثلاثي (الفرنسي- البريطاني- الألماني) والذي أدان هجمات إيران على المنشآت النفطية السعودية في أيلول”.