IMLebanon

لا صوص ولا نقطة

كتبت سناء الجاك في جريدة “نداء الوطن”:

أين يقع “لبنان القوي”؟ سؤال يحيّرني كلما سمعت التصريحات المتفائلة للفريق القوي. يدفعني الى التنقيب عنه، فأفرش الخرائط وأبرم الكرة الأرضية نقطة نقطة، ولا أجد إلا بلداً أصبح في ذمة الله، ولم يعد واقفاً لا على صوص ولا على نقطة.

فالتصريحات المتفائلة لهذا الفريق تتجاوز المريخ، وتبارز وكالة “نازا” في غزو الفضاء. وليس غريباً عنه مثل هذا الإنجاز. اذ لا وقت لديه لصغائر تتعلق بأزمة البنزين الواقعة ولا يكترث جهابذته بالحديث عن أزمة دواء محتملة، وما الى ذلك من أزمات مرتقبة بسبب افتقاد المستوردين الى الدولار لدفع ثمن المواد الأساسية لتسيير أعمال البلاد والعباد.

وكأن القوة تفترض ألا يرى صاحبها إلا صورته ولا يسمع إلا صوته. بكل الأحوال هو لا يريد أن يرى أو أن يسمع. يحسب أن قبله لا أحد، والأخطر أنه يتصرف وكأن بعده لا أحد. فقد وصل. لا يهم كيف ولماذا، ووفقاً لأي مشروع إقليمي. المهم أنه وصل. واذا ما اضطر إلى مواجهة الأمور الأرضية التافهة، فيتلقف خطابه الخشبي الجاهز والمستورد من طرابين حبق الوصاية السورية، يبرر من خلاله كل الويلات الحاصلة والمتوقعة في المدى المنظور بفضله، وذلك باتهام العهود التي سبقت استلامه السلطة باتهامات ليست أكثر من شماعة لنتائج كل الموبقات التي يرتكبها، ويتجاهل أن الفساد الذي يحيله على تلك العهود ترافق مع انشاء مطار حوَّله سوء الإدارة الحالية الى شيء يشبه المطار، وجامعة أراد من أنشأها وطنية، لتتحول الى مستعمرة من مستعمرات الممانعة، ومستشفى حكومي، ايضاً أصابته لعنة الفساد وسوء الإدارة. وشبكة طرق لا تزال صامدة رغم الإهمال، وما الى ذلك من إنجازات ورثها وها هو يتفرج عليها تتهاوى، أولاً لأنها تحمل اسماً يستفز هذا القوي ومشغليه، فلا يوفرون وسيلة لمحو أثره، وثانياً بفعل الامعان في إهمال الشأن العام، او بسرقة المال العام والتصرف به وكأنه مال خاص.

واذا لفته أحد إلى أنه في السلطة منذ عقد ونيف، والانهيار السريع للدولة المصادرة سيادتها والمنهوبة خيراتها، فاق بكثير، ليس العهود السابقة فحسب، وانما مفاعيل الحرب الأهلية وزمن الميليشيات، يسارع إلى اتهام الآخرين بعرقلة جهوده، وإلى إيقاظ العنصرية وخطاب الكراهية ضد اللاجئين الذين يسرقون اللقمة من أفواه حاملي جينات أرقى من جينات هؤلاء الذين يشوهون نقاء العرق اللبناني المميز.

والأفظع، أن القوي المريخي لا يهمه اذا لم يعد يسند الدولة الهشة لا صوص ولا نقطة. حينها الحق على غيره، وهو الحاضر الناضر لإعادة تكوين جديد للبنان على قياسه.. ومن بعد حماره ليس ضرورياً ان ينبت الحشيش.