تقود رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، حملة يمكن أن توصف بالتاريخية في حال نجحت بعزل الرئيس دونالد ترامب من منصبه في أعقاب تقارير تفيد بأنه شجع زعيم دولة أجنبية على إجراء تحقيق قد يضر بأحد خصومه السياسيين.
وتستغل زعيمة الحزب الديمقراطي اعتراف الرئيس ترامب بأنه طلب من الرئيس الأوكراني زيلينسكي التحقيق من نجل جو بايدن المرشح الرئاسي، مما أثار قضية وجد فيها خصوم ترامب فرصة يمكنهم استغلالها لعزله، فكيف يمكن أن تسير عملية المساءلة حتى عزل الرئيس الاميركي.
أنشأ مؤسسو الولايات المتحدة منصب الرئيس وانتابهم الخوف من احتمال إساءة استغلال صلاحياته. ولذا أدرجوا في الدستور الأميركي إجراءات لعزل الرئيس من منصبه.
وبمقتضى الدستور يمكن عزل الرئيس إما “للخيانة أو تقاضي الرشوة أو لارتكاب أي جريمة كبرى أخرى أو جنحة”.
وفحوى هذه العبارة غير واضح. فمن الناحية التاريخية يمكن أن يشمل ذلك الفساد أو أشكالا أخرى من إساءة استغلال ثقة الشعب، ولا تستلزم مساءلة الرئيس أن يخالف قانوناً جنائياً بعينه.
أحد أوجه الفهم الخاطئ الشائعة عن المساءلة أنها تشير إلى عزل الرئيس من منصبه، والمساءلة لا تشير في واقع الأمر، إلا إلى توجيه مجلس النواب اتهامات للرئيس وهي عملية تشبه إصدار الادعاء قائمة اتهامات في قضية جنائية.
وثمة نقاش دائر بشأن الكيفية التي يجب أن يبدأ بها التحقيق في المساءلة.
ويجادل دوج كولينز أبرز الأعضاء الجمهوريين في لجنة الشؤون القضائية بأن تحقيق المساءلة الرسمي لا يبدأ ما لم يشارك كل أعضاء مجلس النواب في التصويت على إصدار التفويض به، غير أن نوابا ديمقراطيين يجادلون بأن مثل هذا التصويت غير ضروري.
وعلى مدار تاريخ الولايات المتحدة كانت لجنة الشؤون القضائية بمجلس النواب هي التي تقود تحقيقات المساءلة غير أن قيادات الحزب الديمقراطي يمكنها أيضاً اختيار لجنة خاصة.
وإذا وافقت أغلبية بسيطة من أعضاء المجلس البالغ عددهم 435 عضوا على توجيه اتهامات للرئيس، فيما يطلق عليه “بنود المساءلة” تنتقل العملية إلى مجلس الشيوخ، الذي يجري محاكمة لتحديد ما إذا كان الرئيس مذنبا.
وفي مثل هذه المحاكمة يقوم أعضاء مجلس النواب بدور الادعاء وأعضاء مجلس الشيوخ بدور المحلفين ويرأس جلسات المحاكمة كبير القضاة في المحكمة العليا الأميركية. وتتطلب إدانة الرئيس وعزله موافقة مجلس الشيوخ المؤلف من 100 عضو بأغلبية الثلثين.
ولا يشترط أن يبرهن النواب على المخالفات بشكل لا لبس فيه.
يضم مجلس النواب 235 نائباً ديمقراطياً و199 نائباً من الحزب الجمهوري وعضواً واحداً مستقلاً. ونتيجة لذلك يمكن للديمقراطيين أن يوجهوا الاتهام للرئيس دون تأييد من الجمهوريين.
وفي 1998 عندما كانت الأغلبية في مجلس النواب للجمهوريين صوت المجلس بالموافقة على مساءلة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون.
أما مجلس الشيوخ فيحتل الجمهوريون 53 مقعداً من مقاعد هو الديمقراطيون 45 مقعداً بالإضافة إلى عضوين مستقلين يصوتان في العادة مع الديمقراطيين.
وتتطلب إدانة الرئيس وعزله موافقة 67عضوا، ولذا فإن عزل ترامب من منصبه في حالة المساءلة يستلزم موافقة 20 عضوا جمهوريا، بالإضافة إلى جميع الأعضاء الديمقراطيين والعضوين المستقلين.
ومن الممكن أن تصوت الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ على الفور بإسقاط التهم الموجهة لترامب دون النظر في الأدلة.
ولم يحدث من قبل أن تم عزل رئيس من منصبه كنتيجة مباشرة للمساءلة، فيما استقال رئيس واحد هو ريتشارد نيكسون من منصبه عام 1974قبل إمكان مساءلته، في حين وجه مجلس النواب اتهامات لرئيسين هما أندرو جونسون في 1868 وكلينتون لكن مجلس الشيوخ لم يصدر قراراً بإدانة أي منهما.