كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
بالتأكيد سمعتم مُسبقاً عن المكمّلات الغذائية، وربما استعنتم بها، أو حتى نصحتم أصدقاءكم وأفراد عائلتكم بتناولها. ففي ظلّ انتشار مجموعة واسعة منها في الصيدليات، قد يغريك جداً شراؤها، بشكل عشوائي ومنتظم. لكن ما هي هذه المغذّيات تحديداً، ومَن يحتاج فعلاً إليها، وهل هي خالية تماماً من المخاطر كما يُعتقد؟
أوضحت إختصاصية التغذية، راشيل قسطنطين، بداية حديثها لـ«الجمهورية» أنّ «المكملات الغذائية، المتوافرة على شكل كبسولات أو مشروبات أو حقن، عبارة عن منتجات تُكمّل النظام الغذائي في حال عدم الحصول على كافة المغذيات من المأكولات بسبب وجود خلل في وظائف أعضاء الجسم أو مشكلة في امتصاص مواد غذائية ضرورية. وفي حين أنّ الأشخاص يعتبرونها إمّا بمثابة مأكولات أو نوع من الأدوية، إلّا أنها في الواقع تُصنّف كغذاء وبالتالي فهي لا تخضع لشروط تصنيع العقاقير الصارمة ولا حتى للاختبارات والأبحاث التي تستغرق أعواماً كثيرة».
وشدّدت على أنّ هذه «المكملات ليست إطلاقاً بديلاً للأدوية أو الأطعمة، إنما هدفها التعويض في حال وجود نقص في المغذيات مثل الفيتامينات، والمعادن، والألياف، والأحماض الدهنية والأمينية التي تكون غير متوافرة بالكمية المناسبة في النظام الغذائي، وبالتالي يجب الحرص على تناولها مع الأكل وليس كبديل للوجبات الغذائية».
الأشخاص الأكثر حاجة إليها
وعرضت في ما يلي أكثر الفئات حاجةً إلى تناول المكملات الغذائية:
• الحامل أو المرأة التي ترغب بالإنجاب: يجب أن تحصل على 400 ميكروغرام من حامض الفوليك، جنباً إلى التركيز على مصادره الطبيعية مثل الورقيات الخضراء الداكنة. إنه مهمّ لتفادي التشوّهات الخلقية عند الجنين، ويساعد على تطوّر العمود الفقري والنخاع الشوكي. جنباً إلى الحصول على 27 ملغ يومياً من الحديد.
• الرضّع: يحتوي حليب الأم على مستويات منخفضة من بعض العناصر الغذائية، لذلك توصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بتزويد الطفل الذي يتغذى فقط من الرضاعة الطبيعية بمكملات الفيتامين D.
• البالغون أكثر من 50 عاماً: مع التقدم في العمر، ينتج الجسم أحماضاً أقل في المعدة، ما يعوق امتصاص بعض المغذيات في النظام الغذائي أبرزها الفيتامين B12 المهمّ لخلايا الدم الحمراء، والأعصاب، والحمض النووي.
لذلك يجب على هؤلاء الأشخاص الحصول على مكملات الفيتامين B12، جنباً إلى مصادره الطبيعية مثل السلمون، والبيض، ورقائق الذرة المدعّمة به. كذلك هم بحاجة إلى الفيتامين D والكالسيوم، لأنه وبعد تخطي 50 عاماً يرتفع احتمال الإصابة بهشاشة العظام وتعرّضها للكسور، خصوصاً عند النساء بعد مرحلة انقطاع الطمث والرجال بعد بلوغهم 60 عاماً. ولكن يجب الحذر عند تناول مكملات الكالسيوم من الإصابة بحصى الكلى.
• المدخّنون: يشكون غالباً من نقص في الفيتامينات B3، وB6، وB9، وC. لذلك عليهم استشارة الطبيب لتحديد جرعة المكملات التي يحتاجون إليها.
• المُدمنون على الكحول: هذه المشروبات تسبّب خللاً في عملية هضم المغذيات وامتصاصها، أهمّها الفيتامينات A، وB1، وB9، وB12، وD، وبعض المعادن مثل الزنك، والسلينيوم، والماغنيزيوم، والفوسفور.
• الأشخاص الذين يتبعون حميات قاسية أو قليلة الكالوري: بهدف خسارة الوزن، يستهلك العديد من الأشخاص مجموع سعرات حرارية أقلّ من 1200 كالوري. يعني ذلك أنه يتمّ تناول كمية أطعمة قليلة قد تسبّب نقصاً في بعض المواد الغذائية. لذلك قد يستدعي الأمر تناول المكملات بالتنسيق مع خبراء التغذية وليس عشوائياً. من دون نسيان أنّ النباتيين قد يتعرّضون بدورهم لنقص في المغذيات، أبرزها البروتينات والحديد والكالسيوم والفيتامين B12.
• الأشخاص الذين يشكون من أمراض معيّنة: مثل الآيدز، وإلتهاب البنكرياس، وداء الكرون الذي يُصيب الجهاز الهضمي والأمعاء ويسبّب إلتهابات وتقرحات على جدار الأمعاء، ما يولّد مشكلات في امتصاص المغذيات أهمّها الفيتامين B12، وبالتالي تعزيز حدوث فقر الدم. لذلك يُنصح هؤلاء الأشخاص باستشارة الطبيب أو خبيرة التغذية للحصول على الفيتامين B12 عن طريق الحقن.
وبالنسبة إلى أهمّ أنواع المكمّلات الغذائية، تطرّقت قسطنطين بشكل خاصّ إلى:
• مكمّلات الفيتامينات والمعادن
تشمل مجموعة منها في كبسولة واحدة، أو تكون منفردة بحيث يتمّ وضع كل معدن أو فيتامين وحده في الكبسولة. يمكن إيجاد الفيتامين C، والبيتا كاروتين، وحامض الفوليك، والكالسيوم، والحديد، والزنك المهمّ للحفاظ على مستوى التستوستيرون، والفيتامين D، والبيوتين الضروري للشعر والأظافر والبشرة، والفيتامينات المضادة للأكسدة مثل E وC التي تقاوم علامات التقدم في العمر وتمنع تلف الخلايا الناتج من التلوّث والتعرّض للشمس والتوتر.
بالإضافة إلى مكملات الأوميغا 3 التي تحمي من الجلطات، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، والدماغ، وتساعد على التركيز، وتقوية الذاكرة، وتخفّض الكولسترول والتريغليسريد.
• مكمّلات الألياف
يعاني العديد من الأشخاص اضطرابات في الجهاز الهضمي، ومشكلات في القولون العصبي، والإمساك المُزمن. لذلك فإنّ الألياف مهمّة جداً في مثل هذه الحالات، ومكمّلاتها التي تُعتبر آمنة من شأنها تخفيف الإمساك، وتفادي الغازات. لذلك يُنصح بتناولها، شرط أن يُقابلها شرب كميات كُبرى من المياه وإلّا فقد يزداد الوضع سوءاً.
• المكملات المخصّصة للرياضيين
مثل بروتين مصل اللبن، وبروتين الحامض الأميني المهمّين للحفاظ على الكتلة العضلية ودعمها ونقل الأوكسجين إلى كافة الأعضاء.
• مكملات البروبيوتك
من المعلوم أنّ الجسم يتضمّن بكتيريا ضارة وأخرى مفيدة. البروبيوتك هي البكتيريا الجيّدة الموجودة في الأمعاء، والضرورية لتعزيز عملية الهضم، ودعم الجهاز المناعي، والقضاء على النفخة والغازات وأوجاع البطن.
مخاطر مُحتملة
ولكن على رغم كل هذه الفوائد والأهمّية، حذّرت قسطنطين من أنّ «المكملات الغذائية، وإن كانت تُعتبر بمثابة غذاء وليس دواء، إلّا أنها تملك آثاراً سلبية كثيرة يجب عدم تجاهلها إطلاقاً. فهي قد تتعارض مع بعض الأدوية، مثل الفيتامين K الذي يعوق امتصاص أدوية السَيلان، وبعض المكملات قد يقلّل من فاعلية عقاقير معيّنة مثل مضادات الاكتئاب أو حبوب منع الحمل، ومكملات مضادات الأكسدة قد تقلّل من فاعلية بعض أنواع العلاجات الكيماوية لمرضى السرطان، ومكملات فيتامينات معيّنة قد تعزّز الشهيّة أو العكس، وتسبب الغثيان، أو الإمساك، أو الإسهال، أو اضطرابات في الدورة الشهرية، أو أوجاع الرأس، أو بثوراً، أو آلاماً في العضلات».
لذلك أوصت «باستشارة الطبيب أو خبيرة التغذية قبل تناول أيّ مكملات غذائية، وعدم تخطّي الجرعة الموصى بها يومياً كي لا تؤثر سلباً في صحّة الإنسان. من الضروري أيضاً التنسيق دائماً بين المكملات وكمية الطعام المستهلكة تجنّباً لأي نقص أو زيادة في المغذيات. لا شكّ إذاً في أنها تُلبّي احتياجات كثيرة، ولكن في حال تناول الطعام بطريقة صحيحة، فلا داعي لشرائها بتاتاً على صحّة السلامة كما هو شائع».