IMLebanon

واقعتان غريبتان تزيدان القلق في لبنان

كتب د.ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

تتزايد أجواء القلق في لبنان من جراء الاختناق الاقتصادي والصعوبات المالية، وبسبب الاضطراب السياسي، وأحيانا الأمني، مضاف اليها تراجع الثقة بين اللبنانيين في الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمعالجة واقع الهدر والفساد في بعض المرافق العمومية. وتتزايد حالة الانقسام حول مقاربات متناقضة، وفي جديد هذه المقاربات، استعادة الحديث عن «القومية اللبنانية» وعن فرضية أن لبنان جزء من حالة فقهية جديدة، وعليه مسؤولية تجاه هذه الحالة، وبعض هذه المسؤولية «واجب» المساهمة في مقاومة الاستكبار العالمي!

تقول مصادر سياسية رفيعة لـ «الأنباء»: هناك واقعتان غريبتان حصلتا الأسبوع المنصرم زادت من منسوب القلق عند اللبنانيين، وضاعفت المخاوف من المستقبل، في الوقت الذي يعيش لبنان أجواء حساسة مرتبطة بالمعطيات المالية الدقيقة الناتجة عن الجمود الاقتصادي، وعن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على بعض الأشخاص والمصارف الذين يقدمون المساعدة لحزب الله، ومن جراء الشح الذي يطول المساعدات الخارجية المتعلقة بإيواء النازحين السوريين.

الواقعة الأولى: العرض العسكري الذي نفذه حزب الله من دون أي مناسبة في بلدة كيفون الجبلية التي تقع وسط الجبل في قضاء عالية، وتسريب الصور عن العرض، لا يمكن اعتباره مصادفة، نظرا للتشدد الذي يعتمده الحزب في الإبقاء على سرية أنشطته العسكرية. وتتساءل الأوساط ذاتها: لماذا تسريب الشريط المصور عن المناورة العسكرية في هذا الوقت بالذات؟ خصوصا بعد الاجتماع الذي حصل بين قيادات من الحزب التقدمي الاشتراكي وآخرين من حزب الله عند الرئيس نبيه بري، وتم الاتفاق على تنظيم الخلافات بينهما بعد قطيعة استمرت عدة أشهر، وقد ترافقت هذه المناورة مع معلومات كشف عنها الوزير السابق أشرف ريفي حول إعداد حزب الله خطط لإنشاء «جيش جديد» بعد حل سرايا المقاومة.

كما ترافقت المناورة مع كلام عالي السقف لنائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم بمناسبة تكريم طلاب متخرجين في الضاحية الجنوبية، قال فيه إن بعض اللبنانيين يرغبون بانتصار «إسرائيل» على حزب الله. وقوله يتناقض مع العداء اللبناني العارم لإسرائيل، رغم أن الكثيرين لا يوافقون على ربط لبنان بنزاعات المنطقة.

الواقعة الثانية: تصريح وزير الخارجية جبران باسيل من نيويورك، والذي قال فيه: إن عدم إدانته العدوان الإرهابي على منشآت أرامكو السعودية، ناتج عن الالتزام بسياسة النأي بالنفس. وما يعطي أبعادا لهذا التصريح، هو كون باسيل عضو في الوفد الذي يرافق رئيس الجمهورية ميشال عون الى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

المصادر السياسة أشارت الى خطورة هذا التصريح، على اعتبار أن النأي بالنفس كانت مقاربة تم اعتمادها في الأحداث السورية ـ ولم يلتزم بها باسيل في عدة مناسبات ـ فهل ما جرى من عدوان على أرامكو هو جزء من هذه الأحداث بالنسبة له؟ علما أن أغلبية دول العالم أدانت الهجوم، كما الأغلبية الساحقة من اللبنانيين. وللبنانيين في المملكة مصالح كبيرة، ومن باب أولى بوزير الخارجية مراعاة هذه المصالح. كما أن تصريحه جاء بعد الحديث عن شروع المملكة بتقديم وديعة مالية في مصرف لبنان.

هاتان الواقعتان لا يمكن فصلهما عن مجرى التطورات السلبية الأخرى التي يعيشها لبنان، وسيزيدان من حالة القلق عند اللبنانيين، كما سيساهمان في حالة الاختناق الاقتصادي القائم.

وبصرف النظر عن حجم المخاطر التي تواجه لبنان، تتساءل المصادر: هل يعتقد باسيل وقاسم أن اللبنانيين مغتبطون بمواقفهما في هذا الوقت بالذات؟ وهل يمكن التسليم لهما بأخذ لبنان بالكامل باتجاه يعادي الواقع العربي. ولبنان جزء لا يتجزأ من هذا الواقع؟