كتبت آمال خليل في صحيفة “الاخبار”:
لا يزال العمل متوقفاً في محفار الرمل في العيشية على العقار رقم 1174. إلا أن الموافقة على تجديد الاستثمار فيه لمصلحة شركة الدهانات «باستيل باينتس» كشف عن «شبكة» تتمكّن، بين الحين والآخر، من انتزاع تراخيص مشابهة في جبال الريحان، رغم صدور قرارات رسمية عدة للحفاظ على طبيعة المنطقة. ووفق التحقيقات التي بدأ بها مكتب الجرائم المالية، بإشارة من النيابة العامة المالية، فإن «الشبكة» تتألف من سماسرة وموظفين في الوزارات المعنية بمنح التراخيص وحجبها وفقاً للقانون!
الاثنين الماضي، أحالت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، وثيقة على محافظ الجنوب منصور ضو، تبلغه فيها بوقف العمل بالمهلة الإدارية التي كانت قد منحتها قبل أيام لشركة الدهانات لمدة سنة واحدة. وطلبت منه إجراء التحقيقات اللازمة للتأكد من صحة ما ورد في «الأخبار» بعنوان «ترخيص لمرملة جديدة في العيشية: تهديد بتلويث الليطاني؟» (23 أيلول 2019). وبموجب المقال، قدّم رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية إخباراً إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، على كل من «السمسارين (ح. م.) و (ع. أ. ز.) وشركة باستيل وصاحبيها (ب. و إ. ح.) ورئيس مصلحة الموارد الطبيعية في وزارة البيئة (ن. م.) ورئيس دائرة المحافظة على الموارد الطبيعية في وزارة البيئة (ع. ي.) والجيولوجي في وزارة الطاقة والمياه (ر. ع.)، بتهمة التعدي على الموارد المائية والبيئية المعتبرة من الأملاك العمومية، وارتكاب بعض أعضاء المجلس الوطني للمقالع والكسارات مخالفات قانونية ومالية تتعلق بإعطاء موافقات على الاستثمار». ولفت الإخبار إلى أن الرئيس السابق للمجلس الوطني للمقالع والكسارات وزير البيئة السابق طارق الخطيب، وافق في 31 كانون الثاني 2019 على استثمار محفار رمل صناعي لمصلحة (ع. أ. ز.) «الذي يعمل سمساراً للاستحصال على التراخيص من خلال العلاقات التي يقيمها مع مختلف صانعي القرار في المجلس الوطني للمقالع والكسارات في مختلف الوزارات. أما ح. م.، فهو المستثمر الفعلي الذي يقوم بأعمال الحفر والاستثمار والحائز سابقاً لتراخيص مشابهة في منطقة الريحان والعيشية». ولفت الإخبار إلى «الدور المشبوه لـ (ن. م.) و(ع. ي.) اللذين تجاهلا تحفظ المدير العام للاستثمار السابق غسان بيضون على الموافقة على استثمار المحفار. فيما وافق (ر. ع.) على منح الترخيص». وشدّدت المصلحة على أن الموافقة تناقض قانون «تنظيم المقالع والكسارات» الذي يوجب «اتخاذ التدابير الآيلة إلى الحفاظ على نظام المياه، إذا كان استثمار المقلع يجري في بيئة مائية»، في حين أن الكشف على المحفار بعد يومين من بدء الأشغال أظهر تخطي المساحة المرخص لها بالحفر من ألف إلى 3 آلاف متر مربع وزيادة الكميات المستخرجة من ألفي متر مكعب بحسب الترخيص إلى عشرات الآلاف «ما يعني تهرب المرخص لهم من رسوم وبدلات الاستثمار».
مصدر قضائي قال لـ«الأخبار» إن إبراهيم «سيستدعي المخبر عنهم للتحقيق معهم، ليس في الترخيص لمحفار العيشية فقط، بل للترخيص لعدد من المحافر التي صدرت في السنوات الأخيرة في ظروف مشابهة». وفي هذا الإطار، أُفيد عن شكوى لبيضون أمام التفتيش المركزي بحق (ر. ع.)، الموظف لديه في دائرة المناجم والمقالع، تعود إلى تشرين الأول 2014، وتشير إلى أن الأخير «يملك مع والده المتعاقد سابقاً مع وزارة الطاقة شركة تتولى اعداد دراسات جيولوجية وهيدروجيولوجية لزوم طلبات استثمار مقالع أو كسارات أو محافر لتقديمها إلى المراجع المختصة. وكان (ر. ع.) يوقّع العقود قبل التحاقه بالمديرية العامة للاستثمار، حيث صار يتولى إجراء الكشف على المقالع وابداء الرأي، ما يجعل حياديته موضع شك». وفي 2018، وجه بيضون تنبيهاً إلى (ر. ع.) بسبب «إغفاله نقاط جوهرية في إجراء التقييم لمرامل». وعلمت «الأخبار» أن الأخير طلب أمس «نقله من المديرية العامة للاستثمار إلى مديرية الموارد المائية والكهربائية». المصدر لفت إلى أن توسع التحقيقات قاد إلى «تورط المهندس (ج. ف.) في مافيا سماسرة مرامل الريحان. إذ تكرر ورود اسمه كطالب للتراخيص في ملف العقار 1174 وفي ملفات مشابهة سابقة». وأكّد علوية لـ«الأخبار» أنه سيتقدم اليوم بإخبار ضده أمام النيابة العامة المالية.